دسّ السم في العسل.. كيف يحاول الاحتلال التسلل لادمغة الأطفال عبر سوق الألعاب؟

 

مثل سائر أقرانه طلب الطفل المصري ذو التسعة أعوام إياد محمد من أبيه شراء لعبة في أول أيام عيد الفطر، وهو ما نفذه الوالد على الفور، لكن ذلك لم يضف البهجة المتوقعة على طفله، فوجئ الأب محمد فؤاد أن اللعبة المستوردة التي اشتراها لابنه بقيمة 50 جنيها (ما يعادل 3 دولارات) مطبوع عليها بشكل بارز نجمة داود وهي أبرز رموز الديانة اليهودية.

أعاد فؤاد اللعبة إلى المتجر الذي اشتراها منه، وما استرعى انتباهه أن البائع لم يجادله كعادة البائعين في مثل تلك الحالات، بل لبّى طلبه فورا في استرداد ماله وإعادة اللعبة. وأوضح فؤاد -في تصريحات صحفية- أنه لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي ليحذر الآباء من اللعبة المنتشرة في الأسواق، كونها تمثل خطرا كبيرا على الأطفال من وجهة نظره، مضيفا أن الكيان الصهيوني يسعى لترسيخ وجوده بين الأجيال الجديدة بمثل تلك الوسائل، حسب اعتقاده.

خبر وجود لعبة منقوش عليها نجمة داود في الأسواق المصرية لقي تفاعلا واسعا لدى رواد منصات الإعلام الاجتماعي، فحذر بعضهم من خطورة اعتياد الأطفال رؤية رموز دينية يهودية لأن ذلك سيمتد بالوقت إلى تقبل الوجود الصهيوني في محيطهم، واصفين الأمر بدسّ السم في العسل، في حين رأى آخرون أن التطبيع السياسي والاقتصادي مع إسرائيل مخاطره أكبر من لعبة للأطفال تباع بالأسواق.

وفي الأثناء، تكرر تساؤل عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن هوية مستورد مثل هذه اللعبة المثيرة للجدل، وهل يدرك خطورة الأمر أم إنه فعلها بحسن نية. أمام التفاعل عبر المنصات الاجتماعية حول اللعبة المنتشرة في الأسواق، تحركت شعبة الأدوات الكتابية وألعاب الأطفال بالغرفة التجارية المصرية مطالبة بوقف استيراد اللعبة وسحب الكميات المعروضة منها بالسوق المحلية.

وقال سكرتير شعبة الأدوات الكتابية وألعاب الأطفال العام بالغرفة التجارية، بركات صفا، إن اللعبة محل الجدل مستوردة من دولة الصين والكميات الموجودة منها في الأسواق المصرية ليست كبيرة. وأوضح صفا -في تصريحات صحفية- أن الغرفة التجارية ستبحث عن مستورد هذه اللعبة.

في سياق متصل، قال المسؤول بالغرفة التجارية إن الإقبال على شراء ألعاب الأطفال بوجه عام ضعيف للغاية، وأقل من العام الماضي بنحو 40%. ومن جانبه، أوضح الرئيس السابق لشعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بالغرفة التجارية بالقاهرة أسامة جعفر أن 50% من ألعاب الأطفال الموجودة في الأسواق تباع في عيد الفطر وحده.

وأكد -في تصريحات صحفية- استمرار حالة الركود بالأسواق بعدما أغلقت متاجر شهيرة للعب الأطفال بسبب جائحة كورونا التي اجتاحت العالم مع بدايات عام 2020، فضلا عن انتشار الألعاب الإلكترونية. ووفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة حكومية)، بلغت قيمة استيراد لعب الأطفال من الخارج خلال 10 أشهر، في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، نحو 44 مليونا و760 ألف دولار.

وسجلت الواردات من لعب الأطفال تراجعا ملحوظا في العام الحالي؛ فقد استوردت مصر ألعابا بنحو 3 ملايين و521 ألف دولار في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، في حين وصلت القيمة في الشهر نفسه من العام الماضي نحو 8 ملايين و664 ألف دولار في شهر يناير/كانون الثاني عام 2021، بتراجع بلغت قيمته نحو 5 ملايين و143 ألف دولار. وهي نجمة تأخذ الشكل السداسي، وينسبها اليهود إلى النبي داود، وتتوسط علم إسرائيل.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1879 تم اعتماد النجمة السداسية شعارا للكيان الصهيوني في المؤتمر التأسيسي الأول لـ”دولة إسرائيل”، وفي عام 1948 اختيرت لتصبح جزءا من علم الاحتلال. وتؤكد مراجع بحثية أن النجمة السداسية ليست مقترنة بالديانة اليهودية وسبقتها إليها أديان أخرى مثل الهندوسية، إذ يستخدمها الهندوس للدلالة على الكون ويطلقون عليها اسم “ماندالا”.

كذلك كانت النجمة السداسية أحد رموز الديانات المصرية القديمة فكانت رمزا لأرض الأرواح كما كانت رمزا للإله “حورس”، وفق تأكيد الباحث المصري علي محمد عبد الله في كتابه “اليهود: من عهد داود إلى دولة إسرائيل”. وفي كتابه “موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية”، رأى المفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري أن نجمة داود ظهرت إلى الوجود أول مرة عام 1648م في مدينة براغ التي كانت في ذلك الوقت جزءا من الإمبراطورية النمساوية.

وأوضح أن براغ تعرضت لهجوم من قبل جيش السويد، وكان اليهود ضمن مجموعات عرقية متعددة دافعت عن المدينة؛ وتم تمييز كل عرق براية محددة، واستقر العرق اليهودي على شكل النجمة السداسية، إذ اقترح أحد القساوسة أخذ أول حرف من حروف اسم “داود” وهو على شكل مثلث كتبه مرة بصورة صحيحة وأخرى مقلوبة ومن ثم أدخل الحرفين ببعضهما بعضا. ووفقا للمسيري، أعجب اليهود بالفكرة فاتخذوا النجمة السداسية رمزا دينيا لهم، “وبهذا بدأ مشوار الخداع فيما يتعلق بنجمة داود وأصلها”، على حد قوله.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى