غضب أردني من دعم النظام لإسرائيل

غضب يجتاح الشارع الأردني في ظل تطبيع النظام الملكي مع الاحتلال، خاصة مع مشاركة الأردن في إمداد الاحتلال بما يتطلبه من مستلزمات في الوقت الذي يعاني فيه أهالي غزة من الجوع تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي.
أقام مئات النشطاء الأردنيين سلسلة بشرية؛ احتجاجا على الجسر البري الذي ينقل البضائع من الإمارات إلى الاحتلال عبر الأراضي الأردنية.
وأقيمت الفعالية في منطقة جسر النعيمة، على الطريق السريع المؤدي إلى مدينة إربد شمال البلاد، الذي تمر منه الشاحنات المتجهة إلى جسر الشيخ حسين، الرابط مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
ورفع المشاركون لافتات تندد بموافقة الحكومة الأردنية على تزويد الاحتلال بالبضائع، في الوقت الذي يتلقى فيه ضربة كبيرة من البحر الأحمر، بعد منع الحوثيين مرور سفن الشحن المتجهة لموانئه.
كما نددوا بمساعدة دول خليجية للاحتلال، للخروج من أزمته، وتعويض خسائره التي يتكبدها نتيجة عدوانه على قطاع غزة، والذي يحاصره من أكثر من 17 عاما، ويشن عدوانا وحشيا على سكانه الذين استشهد منهم حتى الآن 28576 شهيدا، فضلا عن قرابة 70 ألف مصاب، منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
يشار إلى أن هذه الفعالية الثانية ضد شاحنات الاحتلال، التي كشفت عن وجود خط بري تقوم به لنقل البضائع من الإمارات عبر السعودية والأردن، إلى معبر الشيخ حسين.
وقام نشطاء الجمعة الماضية بتنفيذ فعالية للتوجه إلى المعبر، لكن السلطات الأردنية قامت بمنعهم من الوصول إلى المكان، واعترضت طريقهم من على بعد 26 كيلومترا من الجسر الرابط بين الأردن وفلسطين.
وأقام الأمن الأردني حاجزا وسط مدينة إربد، على الطريق المؤدي إلى منطقة الشونة الشمالية، ومنع المشاركين من الوصول إليها والتوجه إلى منطقة المعبر للاحتجاج على الجسر البري.
اعتقال الداعمين لفلسطين
أفادت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن السلطات الأردنية، اعتقلت المئات من الأشخاص الذين شاركوا في التظاهرات المؤيدة لفلسطين، بينهم نشطاء بارزون، فيما حكمت على بعضهم بالسجن ودفع غرامة إلى جانب التعهد بعدم الاحتجاج.
وشارك آلاف الأردنيين في عدد من المظاهرات السلمية التي شهدتها مختلف أنحاء الأردن، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تعبيرا عن تضامنهم مع الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.
وأفاد محامون أردنيون، يمثلون المحتجين، لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، بأن “السلطات اعتقلت على الأرجح المئات، بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات أو التعبير عبر الإنترنت”.
أكدت المنظمة أن السلطات استخدمت قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، الذي صدر بسرعة في آب/ أغسطس، ضد أربعة نشطاء بارزين، بما في ذلك الناشط أنس الجمل وأيمن صندوقة، وهو الأمين العام لحزب سياسي.
وقالت مديرة الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، لما فقيه، إن “السلطات الأردنية تتجاوز التأكيدات الحكومية بأن القانون الجديد لن يُستخدم لانتهاك حقوق الإنسان، واستخدمته بدلاً من ذلك لقمع النشاط وتقييد حرية التعبير”.
وأقر البرلمان الأردني قانون الجرائم الإلكترونية الجديد دون التشاور مع الخبراء أو المجتمع المدني؛ فيما يقوم بحسب عدد من المختصين بـ”تقويض حرية التعبير، ويهدد بالرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أن “الأردن شهد تقلصا مطولا في الحيز المدني خلال السنوات الأخيرة، حيث زادت الاضطهادات ضد المشاركين في التنظيم السلمي والمعارضة السياسية باستخدام قوانين غامضة تجرم التعبير وتنظيم الجمعيات وحق التجمع”.
أجرت “هيومن رايتس ووتش” مقابلات مع أشخاص اعتُقلوا أو تعرضوا للمضايقة أو الاستدعاء من قبل السلطات، بالإضافة إلى أقارب معتقلين ومحامين يعملون على القضايا المتعلقة بالاحتجاجات. فيما رصدت الصور والفيديوهات من الاحتجاجات ووثائق المحكمة المتعلقة ببعض القضايا.
من بين النشطاء المستهدفين كان الناشط أنس الجمل، الذي اعتقل في إربد في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث تم اتهامه بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بسبب تغريداته حول الاحتجاجات في وادي الأردن.
أدين الجمل بسرعة في محكمة، حيث منعته السلطات من تقديم دفاع مناسب، وحكمت عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر ودفع غرامة. بينما تم إطلاق سراحه بعد دفع التمويل الجماعي للغرامة، لكنه لا يزال ممنوعا من السفر.
أما الناشط أيمن صندوقة، فقد اعتقل في 18 كانون الأول/ ديسمبر بسبب منشورات على منصة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، واحتجزته النيابة العامة لمدة شهر قبل الإفراج عنه. تم استدعاؤه بعد ذلك بتهمة “التحريض على مناهضة نظام الحكم”؛ كما أدين بالاستهزاء بالسلطات وحكمت عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر ودفع غرامة، بحسب المنظمة.
وقالت ناشطة تبلغ من العمر 38 عاما إنها تم اعتقالها من قبل الشرطة في أواخر شرين الأول/ أكتوبر، بعد يومين من مشاركتها في احتجاج قرب مسجد الكالوتي، حيث نشرت فيديو على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) يُظهر تفريق الشرطة للمظاهرة بالقوة.
وأفادت الناشطة بأنها تم استدعاؤها إلى “إدارة البحث الجنائي” حيث استجوبت عن منشورها وطلب منها حذفه، وأجريت لها مقابلة، وتم احتجازها لمدة ثمانية أيام، حيث رفضت السلطات السماح لأسرتها بتوفير أدويتها خلال فترة الاحتجاز.
بعد جلسة استماع عبر الإنترنت، أمر القاضي بالإفراج عنها على ذمة المحاكمة بموجب قانون الجرائم الإلكترونية. ومع ذلك، بقيت محتجزة بناءً على استدعاء من محافظ عمان، الذي تساءلت الناشطة عن تصريحاته المسيئة بشكل متكرر، حيث قال لها: “هل تستحق غزة كل هذا؟” وأبدى استياءه من نشاطها، رغم أنه تعبير سلمي عن التضامن مع غزة.
وتم إطلاق سراحها أخيرا بعد الاجتماع، ولكنها ما زالت تواجه اتهامات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية.
ذكرت امرأة أخرى لـ “هيومن رايتس ووتش” أن “السلطات أصدرت مذكرة توقيف بحقها ومنعتها من السفر بعد رسالة هاتفية في منتصف كانون الأول/ ديسمبر، بعد توكيل محام واجهت تأخيرات في الحصول على ملفات القضية، اكتشفت أن الجلسة الأولى في قضيتها كانت في أوائل كانون الأول/ ديسمبر”.
وتابعت: “علمت لاحقا أن شخصًا ما أرسل لقطات شاشة مجهولة المصدر على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد العلاقة بين الأردن وإسرائيل إلى إدارة البحث الجنائي، مما أدى إلى توجيه الاتهامات لها”؛ فيما أنكرت الناشطة نشر هذه المنشورات وبرأها القاضي، بحسب المنظمة.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “مئات الأشخاص قدموا أمام القضاة، مع إسقاط العديد من التهم في النهاية”.
كذلك، أكدت المنظمة حالات، بعد إفراج النيابة العامة أو القاضي عن المحتجزين، أُعيد اعتقالهم فورًا بواسطة سلطات وزارة الداخلية باستخدام إجراءات الاحتجاز الإداري المسيئة، مما أدى إلى إجبار المحتجزين على توقيع تعهدات بعدم الاحتجاج تحت طائلة دفع غرامة قدرها 50 ألف دينار أردني.
وتم اعتقال ثلاثة شبان غادروا مظاهرة في عمان في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، حيث تم توجيه اتهامات لهم بمقاومة عناصر الشرطة والتحريض على الشغب.
أمر المدعي العام بإطلاق سراحهم بكفالة، ولكن الشرطة اعتقلتهم مرة أخرى، وأمرهم مكتب محافظ عمان بالتوقيع على تعهدات بعدم الاحتجاج ودفع كفالة.
وفي سياق متصل، أفاد ناشط على الإنترنت بأن ضابطًا في المخابرات استدعاه في تشرين الثاني/ نوفمبر وهدده بالسجن ودفع غرامة بموجب قانون الجرائم الإلكترونية. تم الإفراج عنه بعد التوقيع على تعهد بعدم التظاهر أو نشر أي محتوى يتعلق بالاحتجاج على وسائل التواصل الاجتماعي.
ونقلت المنظمة عن ناشطة عمرها 27 عاما أنها استدعيت من قبل ضابط في المخابرات في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر وتم استجوابها بشكل عدواني بسبب نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركتها في التظاهرات.
ورفضت التوقف عن التظاهر، وتم احتجازها رسميا، قبل أن يتم إطلاق سراحها بعد توقيعها على تعهد بعدم الاحتجاج.
رغم وجود أدلة على اعتقالات جماعية، نفى رئيس الوزراء بشر الخصاونة، أن يكون هناك أي اعتقال بسبب ممارسة الحق في التعبير السلمي، وزعم أن الاعتقالات ترتبط بالاعتداء على رجال الشرطة أو تخريب الممتلكات.
ودعت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، السلطات الأردنية، إلى عدم استخدام الأزمة الإقليمية كذريعة لتقييد حقوق المواطنين في التعبير بشكل سلمي، وأكدت أن السلطات استخدمت بشكل سيء الأحكام الغامضة في قانون الجرائم الإلكترونية.