هل يعمق المجلس السوداني الانتقالي الجديد التطبيع مع الاحتلال؟

 

كانت الولايات المتحدة تخطط لإقامة مراسيم رسمية للتوقيع على اتفاق التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب في غضون شهر، بعد أن تأجل ذلك في السابق بطلب من جانب إسرائيل على خلفية التوتر بين العسكريين وأعضاء الحكومة الانتقالية في السودان، وعيّن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، أبو القاسم أحمد المعروف بـ”برطم”، المناصر القوي للتطبيع مع “إسرائيل”، عضوًا في المجلس السيادي الانتقالي الجديد.

وبرز “برطم”، وهو رجل أعمال سوداني، لأول مرة في المشهد السياسي في العام 2015 مرشحاً مستقلاً في واحدة من الدوائر الانتخابية بالولاية الشمالية، حيث فاز فيها متفوقاً على واحد من قادة حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم (حزب البشير)، وحينها أثار جملة من الاستفهامات حول طريقة فوزه وما دفعه من أموال للفوز في الدائرة، عدا عن بروز تساؤلات حول ظهوره المفاجئ في المشهد.

داخل القبة البرلمانية، نشط في استدعاء الوزراء والمسؤولين حول جملة من القضايا، كما انتخب رئيساً لكتلة المستقلين داخل البرلمان، إضافة لنشاطه السياسي في تنظيم جهوي تحت اسم “نداء الشمال” الذي يدافع عن حقوق شمال السودان، وفي السنوات الأخيرة لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، بدأ “برطم” الترويج لفكرة التطبيع مع “إسرائيل”، ورحب بقوة باللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية، العام الماضي.

واعتبر “برطم” أن لقاء البرهان ونتنياهو بمثابة “أولى الخطوات في الاتجاه الصحيح منذ 60 عاماً”، زاعماً أنه لا وجود لمبرر واحد لمعاداة “إسرائيل”، ويشار إلى أنه قال نائب وزير خارجية كيان الاحتلال الإسرائيلي، عيدان رول: إن “إسرائيل” ليست واثقة من مستقبل علاقاتها التي أقامتها مع السودان مؤخراً”، بعد الإجراءات التي اتخذها الجيش وأطاح بموجبها بحكم المدنيين في السلطة.

وذكرت وكالة Bloomberg الأمريكية، أن رول قال للصحفيين: “أعتقد أنه من السابق لأوانه تحديد إن كان سيكون لنا شريك لمواصلة جهودنا المتعلقة باتفاقات إبراهام أم لا. نحن نراقب الوضع عن كثب، لكن الأمور لم تستقر بعد. ولا يزال الوضع شديد الحساسية”، وأضاف رول، الذي التقى وزير العدل السوداني في أبو ظبي الشهر الماضي: “الأمر ليس بيدنا في هذه المرحلة. ولا يتوفر ما يكفي من الوضوح حتى بالنسبة لنا للإعلان عن موقفنا من هذه المسألة وإلى أين تتجه”.

كان السودان أعلن تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل” العام الماضي، في إطار صفقة توسطت فيها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وشهدت أيضاً حذف الولايات المتحدة للسودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد 27 عاماً من إدراجه بها، إلا أن التطبيع الذي دعمه الجيش السوداني بقوة كان إحدى نقاط الخلاف العديدة بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية، التي تولت حكم البلاد بعد إطاحة الاحتجاجات بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

حتى قبل تحرك الجيش السوداني ضد المسؤولين المدنيين في البلاد، كان كبار المسؤولين المدنيين بالسودان يشكون “إلى كل من المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والأمريكيين بشأن الاتصالات الجانبية غير المُنسَّقة بين جهاز الموساد الإسرائيلي والمسؤولين العسكريين السودانيين”، وفقاً لما ذكره موقع Axios الأمريكي، وفي السياق، أكدت قناة كان الإسرائيلية أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تمارس ضغوطًا على السودان لتوقيع اتفاق رسمي لإقامة علاقات دبلوماسية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.

وذكرت القناة أن واشنطن تضغط على الخرطوم لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع تل أبيب بعد قرابة عام على إعلان السودان تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، وأضافت أن الخلافات بين المكونين العسكري والمدني في مجلس السيادة الانتقالي بالسودان هي التي تعطل توقيع اتفاق رسمي بين البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى