مدعي حقوق الإنسان.. كيف يتجاهل الاتحاد الأوروبي جرائم الاحتلال ويعزز الاستعمار الاستيطاني؟

لم ينجح إعادة الاتحاد الأوروبي التمويل لمنظمتين فلسطينيتين بارزتين لحقوق الإنسان في تهدئة الغضب من تعليق تمويل المنظمتين لمدة 13 شهرًا، وفي رسالة أُرسلت إلى مؤسسة الحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، قالت المفوضية الأوروبية إن وكالتها لمكافحة الاحتيال لم تجد أي أساس لإجراء تحقيق بعد أن فشلت “إسرائيل” في دعم مزاعم أن المنظمتين متورطين في دعم “الأنشطة الإرهابية”. وعلى الرغم من رفع التعليق، انتقدت هذه الجهات الوقت المستغرق لحل المشكلة، إذ قال، المدير العام لمؤسسة الحق، شعوان جبارين: إن “الحملة الإسرائيلية ضد المجموعتين ليس لها أساس قانوني وواقعي”.

 

كما اتهم المفوضية الأوروبية بالخضوع للضغوط السياسية بشأن هذه القضية، قائلًا: “التعليق على هذا النحو كان لدوافع سياسية ويتعارض مع أخلاقيات الشراكة والالتزامات التعاقدية للمفوضية الأوروبية”. وأضاف “إنني أدرك أن بعض الأشخاص داخل اللجنة لا يتبعون المبادئ والقيم الفعلية التي تروج لها اللجنة”. وعبر جبارين عن ارتياحه لأن “القرارات المؤذية التي اتخذتها المفوضية قد أزالت سحابة الشكوك عن المنظمات وأشاد بالاتحاد الأوروبي لقيامه بالاتجاه الصحيح لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان”.

 

وفي السياق، قالت حركة المقاطعة إن شركات الأعمال الزراعية الإسرائيلية والمؤسسات المتواطئة مثل الصندوق القومي اليهودي للتمييز العنصري ضد السكان الأصليين الفلسطينيين وتمكين التطهير العرقي، تعمل على سرقة الأراضي الفلسطينية والمياه والموارد الأخرى بينما تقوم بتهجير المجتمعات قسرًا. وأضافت الحركة إن ذلك يتم “من خلال استغلال احتياطيات الغاز المتنازع عليها في البحر الأبيض المتوسط، إذ تضغط إسرائيل من أجل بناء خط الربط الكهربائي الأوروبي الآسيوي”.

 

وذكرت أن هذا الخط يرعاه الاتحاد الأوروبي والذي يعزز الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري ويقوض اتفاقية باريس للمناخ. ويشار إلى أنه قد طالب كل من الاتحاد الدولي لنقابات العمال “ITUC”، ونقابات العمال الأوروبي “ETUC”، ويمثلان أكثر من 200 مليون عامل حول العالم، مجلس الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، باتخاذ خطوات فورية وملموسة للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين.

 

وحث الاتحادان في رسالة رؤساء دول الاتحاد الأوروبي المشاركين في المجلس الأوروبي، للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين. وجاءت الرسالة استجابة لنداءات العمال لحكومات وبرلمانات بلادهم، من أجل منح الشعب الفلسطيني حقه الكامل في العيش بدولة مستقلة وآمنة من مخاطر التهديدات الخارجية، التي يتسبب بها وجود الاحتلال العسكري الإسرائيلي فوق الأراضي المحتلة عام 1967.

 

وأكدا أن الشعب الفلسطيني يتعرض بشكل مستمر لانتهاكات خطيرة، تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بحق العمال الفلسطينيين والعاملات، حيث سلط التقرير الأخير للاتحاد الدولي للنقابات، الضوء على استغلالهم والتجبر بهم، والاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات، التي تحطم ما تبقى من أمل بإقامة دولة فلسطين مستقلة. وطالب الاتحادان بتجديد التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز احترام حقوق الإنسان، كمكون رئيس من مكونات سياسته الخارجية، وتأكيد التزامه بوضع سياسات وإجراءات مشتركة لتوطيد ودعم الديمقراطية، وسيادة القانون وحقوق الإنسان، والانضباط لقواعد ومبادئ القانون الدولي في جميع مجالات العلاقات الدولية.

 

ودعا الاتحادان، الاتحاد الأوروبي للتماشي مع الالتزامات التاريخية للبرلمان الأوروبي، الذي صوت بأغلبية ساحقة عام 2014 لصالح قرار يعترف بدولة فلسطين، كما تبنى البرلمان نفسه قرارا لاحقا أكد فيه دعمه لحل الدولتين، على أساس حدود عام 1967. وفي السياق، نشر مسؤولو الاتحاد الأوروبي خطة لفرض رقابة على تعبيرات التضامن مع الفلسطينيين، تظاهرًا بمحاربة التعصب الأعمى ضد اليهود.

 

وسرعان ما حظيت استراتيجية مكافحة معاداة السامية – كما سميت الخطة – بإشادة مجموعات الضغط المؤيدة لـ “إسرائيل”، وكان ذلك متوقعًا لسبب بسيط: لقد أثرت مجموعات الضغط نفسها بشدة على محتويات الخطة. وكانت الخطة اسمياً من عمل المفوضية الأوروبية، الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي. ويتمثل أحد التعهدات في أن اللجنة ستساعد في إنشاء شبكة من “المخبرون الموثوق بهم والمنظمات اليهودية” لمحاربة “معاداة السامية على الإنترنت”.

 

وفي الوقت نفسه، يتم تشجيع حكومات الاتحاد الأوروبي على منح الشرطة والسلطات القضائية مزيدًا من السلطة والموارد حتى تتمكن من مقاضاة “خطاب الكراهية” على الإنترنت. وتشبه هذه المقترحات التوصيات التي قدمتها الجماعات الموالية لـ “إسرائيل” في ثلاث أوراق سياسات على الأقل صدرت على مدى سنوات عديدة. والفرق الحقيقي الوحيد هو أن بعض الالتزامات التي قطعها مسؤولو الاتحاد الأوروبي هي في الواقع أكثر جرأة وأكثر وضوحًا مما ضغطت عليه مجموعات الضغط في تلك الأوراق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى