بقاء الأسد مقابل التطبيع.. روسيا ترعى اتفاقا سريا يخرج للنور قريبا

بقاء الأسد مقابل التطبيع.. روسيا ترعى اتفاقا سريا يخرج للنور قريبا

لا يمل زعيم مليشيات النظام السوري من احتراف السقوط الأخلاقي يوما بعد يوم. ففي الوقت الذي قتل الأسد برصاصه من الشعب السوري أضعاف ما قتلته الآلة العسكرية الصهيونية، لطالما تحصن الأسد بكونه رائد محور المقاومة ضد الاحتلال، والنظام العربي الأخير الباقي في حصن القومية العربية اليمينية.

لكن هذا الوهم أصبح اليوم من الماضي، في بلد مزقته براميل النظام، وشعب يمثل أكبر كتلة لاجئين حول العالم، وقرار نظام متهاوٍ يتحكم فيه المحتل الروسي ومليشياته، ويبدو أن روسيا تفرض اليوم حلا سوريا جديدا يناسبها.. وكلمة السر فيه هي إسرائيل.

فقد أكد الباحث الروسي في الشئون الدولية، والمقرب من مليشيات روسيا في سوريا، إيغور سوبوتين، إنه وبعد أن تمكنت سوريا وإسرائيل من تبادل الأسرى، من خلال وساطة روسيا، غدت التكهنات حول التقارب الوشيك بين دولتي الشرق الأوسط، سوريا وإسرائيل، أكثر تواتراً بشكل ملحوظ. 

الأسد ينفي أي مفاوضات سرية مع إسرائيل ويتحدث عن شروطها | عنب بلدي

صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية كشفت عن مضمون مفاوضات يربو عمرها على عشر سنوات، كان يمكن من الناحية النظرية أن تؤدي إلى تطبيع كامل للعلاقات بين السلطات الإسرائيلية والسورية. فقبل وقت قصير من اندلاع الصراع الأهلي في سوريا، كان بشار الأسد مستعدا لتوقيع اتفاقية سلام مع جيرانه الجنوبيين.

وتؤكد مصادر أن رئيس وزراء الدولة اليهودية بنيامين نتنياهو كان حينها «مستعدا للانسحاب الكامل من الجولان لو وافق السوريون على اتفاق سلام يتضمن تغييرا في نهجهم الإقليمي وقطع العلاقات مع إيران».

وأضاف الخبير الروسي أن الاهتمام النشط بالتطبيع في ذلك الوقت، بحسب بعض المذكرات، جاء من الأسد نفسه. جرى الحديث عن ذلك، على وجه الخصوص، في مذكرات وزير الخارجية الأمريكية السابق جون كيري.

ولكن الدبلوماسيين الأمريكيين المتقاعدين، الذين شاركوا في المفاوضات قبل عقد من الزمان، يرون أن اتفاق سلام بين الجارتين ما زال ممكنا في ظل الظروف الحالية.

ويقول  الدبلوماسي الأمريكي، روبرت فورد: رغم أنه سيكون من الصعب على الأسد التوقيع على اتفاقية سلام مع إسرائيل إذا لم يحصل على تنازلات كبيرة في المقابل. لأنه يشعر الآن بالحاجة إلى دعم إيران وميليشياتها وحزب الله. إذا غادروا سوريا فمن الذي سيساعد النظام في السيطرة على البادية السورية ومحافظات حمص والسويداء وجزء من درعا؟

صفقة وشيكة

وأعرب الدبلوماسي الأمريكي السابق عن ثقته في أن الأسد لن يلقى تعاطفا في الولايات المتحدة، حتى لو وافق على خيار اتفاقية السلام. وخلص فورد إلى القول: «هناك حدود لما يمكن تقديمه مقابل صفقة سلام». لكن روسيا سوف تتكفل بذلك.

وقد مرّ عابراً الخبر الذي أوردته قناة الحدث العربية عن وفد إسرائيلي في قاعدة حميميم التقى بوفد أسدي، ليكون الثاني بعد لقاء أول في قبرص برعاية روسية، حسب مصادر القناة التي أوردت النبأ.

رعاية روسية

الرعاية الروسية ضرورة لبشار الواقع تحت خطاب إيراني يتوعد تل أبيب، فهي تنجيه من الحرج ليبدو تحت الضغط الروسي مضطراً لقبول انعقاد اللقاءات، حيث يتصدر المطالب الإسرائيلية بند إبعاد القوات والميليشيات الإيرانية.

وفي مثل هذه اللقاءات لا ينفع ما يُحكى في الإعلام عن وجود مستشارين إيرانيين فقط، لأن الوفد الإسرائيلي يأتي وفي حوزته وثائق فيها من المعلومات ما قد يفوق معلومات الوفد الأسدي، من دون أن يستند حتى إلى إعلان الإيرانيين عن إنشاء قاسم سليماني عشرات الميليشيات في سوريا.

موسكو لم تكن قادرة على تلبية المطالب الإسرائيلية بإبعاد ميليشيات إيران، لذا لن تتوهم إسرائيل قدرة بشار على ذلك. فالمفاوضات، على الأرجح باقتراح روسي، تتعلق بالمستقبل. الصفقة التي يريدها بشار وموسكو هي القبول بمبدأ انسحاب الميليشيات الإيرانية ضمن تسوية نهائية تنسحب فيها الأطراف الأخرى أيضاً، ويبقى فيها في السلطة. بينما تتولى تل أبيب تسويق بقائه لدى الإدارة الأمريكية، وبما يتضمن تخفيف الحصار عليه، ربما بدءاً من المقاطعة العربية بشقها الخليجي تحديداً.

لقد سعت موسكو من قبل إلى مفاوضات بين بشار والرياض وبينه وبين أنقرة، في سعيها إلى كسر الحصار الخانق المفروض عليه، وقبل ذلك في سعيها لترسيخ دورها كقوة دولية ترعى تفاهمات إقليمية بمعزل عن واشنطن. ما يُنتظر من المفاوضات مع تل أبيب له أهمية لارتباطها الوثيق بواشنطن، إلا أنه لا يندرج ضمن مخطط إدارة ترامب للتطبيع بين إسرائيل والسلطات العربية، فالتطبيع بين إسرائيل والأسد ليس استحقاقاً أمام الطرفين، إنه وراءهما.

من المرجح أن بشار الأسد راغب في العودة إلى المفاوضات، ليقبل بما كان معروضاً على أبيه، إلا أن إسرائيل هي التي تمانع لأنها لن تدفع ذلك الثمن. بخلاف الاسم المجازي المستخدم “حلف الممانعة”، تل أبيب هي عملياً في موقع القوي الممتنع عن دفع ثمن لا توجد في الطرف الآخر قوة تفرض دفعه، والامتناع هنا حقيقي وواقعي لا على غرار ممانعة أولئك الراغبين في الطرف الآخر، وينحصر اهتمامهم باستخدام العداء لإسرائيل غطاء لقمع الشعوب.

باختصار، بشار تجاوز بمراحل تلك الحاجة القديمة إلى شعار معاداة إسرائيل، فلا أحد من مواليه أو خصومه تنطلي عليه الكذبة القديمة، والمجازر التي ارتكبها تهون أمامها أية علاقة بإسرائيل، بل يهون أمامها إعلان التخلي نهائياً عن المطالبة بالجولان. بسبب ما ارتكبه من مجازر، لن يحلم بشار بسلام مع إسرائيل، ويُستقبل بسببه كضيف استثنائي في تل أبيب.

اقرأ أيضًا: الخيانة مقابل اللقاحات .. موريتانيا تتجهز لاستقبل لقاحات الاحتلال الصهيوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى