حكومة المغرب تنغمس في وحل التطبيع بين غضبة شعبية وفرحة صهيونية

بعد القرار الذي أصدرته حكومة المغرب مع دخول العام الدراسي، 2020 – 2021 بإدراج التراث اليهودي بالبلاد في المناهج التعليمية، بدأ بعض المحسوبين على اتفاقية التطبيع يسوقون للقرار التاريخي معتبرين هذا نوعا من الانسجام مع روح الدستور والقانون، حيث أن الدستور ينص على أن الهوية المغربية مكونة من عدة روافد منها العربي واليهودي والأندلسي والأمازيغي، في المقابل اعتبره آخرون انغماسا في وحل التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل.

بداية الحكاية

في العاشر من شهر ديسمبر للعام 2020 أعلنت كلا من دولة المغرب ودولة الكيان الصهيوني استئناف العلاقات الدبلوماسية التي قد تم قطعها عام 2000 مع اشتعال الانتفاضة الفلسطينية، برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو ما اكتسبت به دولة المغرب الاعتراف الأمريكي بسيادتها على الصحراء الغربية التي تتنازع عليها مع البوليساريو، وحليفتها الجزائر.

حكومة المغرب تنغمس في وحل التطبيع بين غضبة شعبية وفرحة صهيونية

وعقب استعادة العلاقات علنية مع الاحتلال، أعلن الديوان الملكي أن العاهل المغربي محمد السادس قد أجرى اتصالا هاتفيا مع محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية، أبلغه خلاله دعمه الكامل للقضية الفلسطينية الثابت على طول السنين.

واقع يكذب صدق البيان

كل الخطوات التالية لعملية استعادة العلاقات من قبل المغرب مع دولة الاحتلال الصهيوني تشهد بعكس ما جاء في بيان الديوان الملكي، فقد سارعت المغرب بفتح مجالها الجوي أمام رحلات الطيران الإسرائيلي لاستقبال ونقل المستوطنين من وإلى الرباط، فضلا عن استعادة العمل في المكاتب الدبلوماسية للبلدين، كل هذا فعله المطبعون من قبلهم، لكن المغرب سارع الخطوات ليسبقهم فكان التطبيع الثقافي التعليمي على مستوى تخطى به قائدة سرب غربان التطبيع 

إدراج تاريخ وثقافة اليهود في مناهج الدراسة

أصدرت الحكومة المغربية قرارا بإدراج تاريخ اليهود وثقافتهم ضمن مناهج التعليم للصفين الخامس والسادس من المرحلة الابتدائية، وقد جاء القرار قبل إنهاء إجراء نجاح عملية التطبيع.

المغرب وإسرائيل يتفقان على تعزيز التعاون في مجالات عدّة

وفي تعقيب له على قرار الحكومة قال مدير المناهج بوزارة التربية والتعليم في دولة المغرب فؤاد شفيقي لوكالة رويترز إن “إدراج الثقافة العبرية في المقررات الدراسية المغربية كان مقررا قبل استئناف العلاقات مع إسرائيل” وأن “الهدف هو أن يعرف التلميذ أن هذا الرافد العبري جزء من روافد الشعب المغربي وأن يُرفع اللبس من أدمغة التلاميذ بين اليهود المغاربة والسياسة أو الصراع العربي الإسرائيلي”.

انقسام النخبة

استقبل المغربيون قرار إدراج تاريخ اليهود وثقافتهم ضمن المناهج التعليمية للمرحلة الابتدائية بانقسام بين مؤيد ومعارض، لكن الرأي العام المغربي كعامة شعوب الدول العربيةن يرفض التطبيع مع دولة الاحتلال وغير مستعد لنسيان القضية الفلسطينية .

عدد من مثقفي النخبة المغربية رحب بقرار وزارة التربية والتعليم، بل بالغوا في الإشادة به، فقد اعتبروه يتماشى مع روح الدستور الذي جاء بضغط الشارع بعد موجة الربيع العربي الأولى، كما أنه يتماشى مع روح الإنسانية، بل دعا بعضهم إلى الاحتفال بهذا القرار وتلك اللحظة، حيث تستعيد علاقات دافئة بين المسلمين واليهود، وتؤسس لعلاقات إنسانية واجتماعية في الشوارع والأسواق وحتى داخل بيوتهم.

المغرب وإسرائيل تطبيع العلاقات رسميًا - عالم المنوعات

من جانبها أصدرت نقابة الجامعة الوطنية للتعليم بيانا قالت فيه: السيد الوزير كشفتَ خلال مباحثاتك الهاتفية مع أحد وزراء الكيان الصهيوني الاستعماري العنصري عن تفاصيل الشراكة التي تعمل الوزارة على إقامتها مع الكيان الصهيوني مغتصب فلسطين، مما سيحوّل منظومتنا التربوية والتعليمية وبلادنا إلى مرتع لتطبيع عقول بنات وأبناء شعبنا من تلاميذ وطلبة ومتدربين ومدرسين من الأولي إلى العالي” وإن “هذا الشكل من التطبيع يعد أخطر أشكال التطبيع”. وتابعت “إننا في الجامعة الوطنية للتعليم إلى جانب الهيئات المغربية المناهضة للتطبيع والمدعمة لنضال الشعب الفلسطيني، نرفض رفضا مطلقا أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الاستعماري العنصري”.

كذلك نددت جماعة العدل والإحسان الإسلامية “باستهداف حقوق نساء ورجال التعليم ودوس كرامتهم، وبمخططات التطبيع التربوي مع الكيان الصهيوني الغاصب”.

فرحة صهيونية ويهودية

أحد وزراء الكيان الصهيوني عبر في تغريدة له عن فرحة دولة الاحتلال بقرار وزارة التربية والتعليم المغربية، معتبرا أن هذا مثالا للتعايش والتسامح بين الإنسانية في كل مكان، ويجب أن يحتذى به، كما رحبت سفارة الاحتلال في المغرب قرار، وأشادت بوزير التعليم في اتصال معه.

في السياق نفسه عدد كبير من يهود المغرب عبر عن فرحه الشديد بقرار الدولة، وبقرارات الملك محمد السادس بترميم المقابر والمعاهد اليهودية، وإنشاء متحف للتراث اليهودي في الدار البيضاء، معتبرين أن ذلك يعزز صورة المملكة كأرض للتعايش والتسامح.

اقرأ أيضًا: حتى البورصات !.. تطبيع مالي بين الإمارات والكيان الاسرائيلي

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button