تعزيز للتطبيع الاقتصادي.. ما أبعاد تنفيذ منطقة صناعية بين الأردن والاحتلال؟

لم تعقب الحكومة الأردنية على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، حول قرار حكومة الاحتلال الإسراع في تنفيذ مشروع منطقة صناعية مشتركة مع الأردن، ما أثار تساؤلات حول طبيعة هذا المشروع، وآليات تنفيذه، وأبعاده، وتبعاته الاقتصادية والسياسية. وقال لابيد خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته، في كلمة نقلت تفاصيلها القناة “14” الإسرائيلية الخاصة، إن الحديث يدور عن “منطقة صناعية مشتركة تقع على الحدود، ستسمح لرجال الأعمال الإسرائيليين والأردنيين بالتواصل المباشر، وستنشئ مشاريع مشتركة للتجارة والتكنولوجيا والصناعة المحلية”.

 

وأضاف: “تم الانتهاء من التفاصيل النهائية لهذا المشروع الأسبوع الماضي خلال زياراتي إلى عمان للقاء الملك عبدالله.. هذه مبادرة ستوفر فرص عمل لكلا البلدين، وتعزز علاقاتنا الاقتصادية والسياسية، وتعمق السلام والصداقة”. وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني، إن معالم هذا المشروع ما زالت غير واضحة، وبالتالي يصعب الحديث عن أبعاده وتداعياته الاقتصادية والسياسية، وخصوصا أن الأردن لم يعقب على التصريحات الإسرائيلية وحوله، ولم يتحدث عن شيء من تفاصيله.

 

وأضاف أن المنطقة الصناعية المفترضة، إذا كانت خاصة بمشاريع متعلقة بالتكنولوجيا المتقدمة، أو البرمجيات والذكاء الصناعي، وإنتاج وسائل تقنية يمكن استخدامها في الزراعة وعمليات التخزين وسلاسل التوريد، فستكون مفيدة للأردن، أما إذا كانت مشاريع إنتاج اعتيادية فهي وعدمها سواء”. ورأى العناني أن إسرائيل لا تقدم على أي مشاريع اقتصادية دون أهداف سياسية، لكن هذا لا يعني أن يكون للأردن أهدافه الخاصة أيضا، لافتا إلى أن حديث لابيد عن المنطقة الصناعية مع الأردن، يندرج تحت الدعاية الانتخابية التي يمارسها استعدادا لانتخابات الكنيست القادمة.

 

وأشار إلى أنه لا بد من معرفة طبيعة المشروع؛ حتى نتمكن من معرفة جدواه ومدى إمكانية نجاحه، مشيرا إلى فشل العديد من المشروعات الأردنية – الإسرائيلية المشتركة في السابق، “كمشروع قناة البحرين، وفكرة استخدام إسرائيل لمطار العقبة، الذي أدارت تل أبيب ظهرها لها، وبنت مطار رامون في إيلات بدلاً عنه”، رغم اعتراض الأردن على إقامته. وحول علاقة الحديث الأمريكي عن واشنطن لرؤية التحديث الاقتصادي والقطاع العام الأردني، باتفاق عمّان وتل أبيب على إنشاء المنطقة الصناعية، رأى العناني أن الدعم الأمريكي للأردن ليس مشروطا بعمل اتفاقيات مع إسرائيل.

 

واستدرك: “لكن الأمريكان يحققون مصلحة غير مباشرة للإسرائيليين، من خلال العمل على استقرار الأردن الذي يملك أطول حدود مشتركة مع إسرائيل؛ لأنهم يخشون من انعكاس أي اضطرابات في المملكة على الاستقرار والأمن الإسرائيليين”. ووفق بيان سابق لوزارة التعاون الإقليمي الإسرائيلية في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، فإن الهدف من المشروع هو “إنشاء منطقة صناعية مشتركة تقام في الجانب الأردني، منها مصانع إسرائيلية وأردنية، في حين سيشكّل الجانب الإسرائيلي جبهة داخلية لوجستية، وقاعدة لنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية”.

 

وبحسب البيان، “تعتمد المنطقة الصناعية على مبدأ التجارة الحرة بين الدولتين والولايات المتحدة، حيث سيتم في إطارها منح إعفاء من الجمارك للمنتجات التي يتم إنتاجها في المنطقة الصناعية وتصديرها للولايات المتحدة”. ورأى الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت أن “هذا المشروع لا ينطوي على أي أبعاد اقتصادية، فالبعد السياسي هو المقصود، والذي يتمثل بسعي دولة الاحتلال إلى إقامة علاقات كاملة مع الأردن، بهدف اختراق المنطقة العربية”.

 

وقال إن دولة الاحتلال تسعى إلى التخلص من القنبلة الديمغرافية الفلسطينية في الداخل المحتل، وذلك بالتضييق على الفلسطينيين اقتصاديا، ليجدوا فرصا متاحة لهم للعمل في الأردن، وبالتالي التخلص منهم بطريقة غير مباشرة، بعد ترتيب إجراءات إقامتهم شرق النهر. وحول توافر بنية تحتية تتيح تنفيذ المنطقة الصناعية في الأراضي الأردنية، رأى الكتوت أن إسرائيل تسعى للاستفادة من مناطق الأغوار، مشيرا إلى أنها “مناطق تسمح بإقامة بعض الصناعات الزراعية، وليست مناسبة للصناعات الثقيلة، بسبب مساحاتها المحدودة، والطبيعة الزراعية لأراضيها”.

 

وبيّن أن “دولة الاحتلال تسعى بتوفير رأس المال، ووجود عمالة أردنية وفلسطينية، إلى التسلل والاندماج في العالم العربي”، مؤكدا أن “فكرة اندماج إسرائيل مرفوضة شعبية، “فبعد مرور عدة عقود على اتفاقياتها مع الأردن ومصر، إلا أن هناك رفضا مطلقا من الشعوب العربية لأي شكل من أشكال التطبيع معها”. وتجدر الإشارة إلى أن الأردن مرتبط بـ”اتفاقية سلام” مع “إسرائيل” منذ عام 1994، فيما عرف باتفاقية “وادي عربة” (صحراء أردنية محاذية لفلسطين)، والتي نصت على إنهاء حالة العداء بين البلدين، وتطبيق أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي بشأن العلاقات بين الدول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى