ترامب: إسرائيل تخسر نفوذها داخل واشنطن وتنهزم في معركة الرأي العام

أولاً: دلالات تصريحات ترامب
تصريحات الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب حول تراجع نفوذ اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس تعكس تحولاً مهماً في المزاج السياسي الأمريكي. فترامب، المعروف بدعمه التقليدي لإسرائيل خلال ولايته السابقة، يكشف اليوم أن إسرائيل لم تعد اللاعب الضاغط الأول في الكونغرس كما كانت منذ عقدين. هذا الإقرار يحمل أبعاداً مزدوجة:
- اعتراف بانحسار سطوة اللوبي الصهيوني على القرار السياسي الأمريكي.
- إشارة إلى أن الحرب على غزة عمّقت الفجوة بين الرأي العام الأمريكي وصناع القرار المؤيدين لإسرائيل.
ثانياً: السياق السياسي الداخلي في الولايات المتحدة
- انقسام حزبي متزايد:
- الحزب الجمهوري لم يعد كتلة واحدة في دعم إسرائيل، حيث بدأت أصوات من داخله (مارجوري تايلور غرين – ستيف بانون) تنتقد سياسات تل أبيب وتتهمها صراحة بارتكاب “إبادة جماعية”.
- الحزب الديمقراطي يشهد بدوره انقساماً أعمق، خصوصاً بين القاعدة الشبابية التقدمية التي تضغط على ممثليها لمراجعة الموقف من إسرائيل.
- تبدل أولويات الناخب الأمريكي:
- استطلاع “بيو” يظهر أن الجمهوريين الشباب أكثر ميلاً لانتقاد إسرائيل، ما يعني أن الأجيال الصاعدة أقل تأثراً برواية “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.
- التركيز الشعبي بات منصباً على قضايا داخلية (الاقتصاد، الهجرة، الرعاية الصحية) أكثر من الالتزام الأعمى بحروب الشرق الأوسط.
ثالثاً: صورة إسرائيل في العلاقات العامة
- رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، فإن المجازر في غزة وصور القتل الجماعي للأطفال والنساء خلقت أزمة علاقات عامة غير مسبوقة لتل أبيب.
- وسائل الإعلام الغربية الرئيسية لم تعد قادرة على تجاهل الحقائق الميدانية، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت منصة لكسر الرواية الإسرائيلية التقليدية.
- هذا ما قصده ترامب حين قال: “إسرائيل قد تربح الحرب عسكرياً، لكنها ستخسر في ميدان العلاقات العامة”.
رابعاً: التداعيات المحتملة
- على إسرائيل:
- تآكل صورة “الضحية” التي لطالما استخدمتها لكسب الشرعية.
- احتمال مواجهة ضغوط أمريكية وأوروبية أكبر لوقف الحرب أو تقديم تنازلات سياسية.
- على الولايات المتحدة:
- تزايد الضغوط الداخلية على الإدارة الأمريكية، سواء من الناخبين أو من أصوات سياسية وحقوقية.
- إمكانية تحول الملف الفلسطيني إلى قضية انتخابية مؤثرة في الانتخابات القادمة، خصوصاً في صفوف الشباب والناخبين التقدميين.
- على الفلسطينيين:
- تراجع النفوذ الإسرائيلي يفتح نافذة لزيادة الاعتراف الدولي بالحقوق الفلسطينية.
- قد يساهم في دعم مسارات المساءلة الدولية عبر محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية.
خامساً: الخلاصة
تصريحات ترامب لا يمكن قراءتها بمعزل عن التحولات الجذرية في السياسة الأمريكية. اللوبي الإسرائيلي الذي كان لعقود “اليد العليا” في الكونغرس، يواجه اليوم تراجعاً ملموساً بفعل ثلاثة عوامل:
- تآكل صورة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي بسبب الحرب على غزة.
- انقسام الأحزاب الأمريكية حول حدود الدعم غير المشروط لتل أبيب.
- صعود جيل جديد من الناخبين والسياسيين أقل التزاماً بالموروثات التقليدية.
النتيجة: إسرائيل باتت أمام تحدٍّ استراتيجي يتجاوز ميدان الحرب في غزة ليصل إلى خسارة أهم أوراقها التاريخية: الدعم الأمريكي المطلق.







