بعد تدنيس الاحتلال للعلم السعودي.. هل يستمر نظام بن سلمان في سعيه للتطبيع؟
في الوقت الذي يلهث فيه نظام بن سلمان للتطبيع مع السعودية، خرج جنود جيش الاحتلال في غزة بصورة مهينة للمملكة، وهم يدنسون العلم السعودي، وهو ما أثار غضب العالم العربي والإسلامي.
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة تظهر جنودا من جيش الاحتلال الإسرائيلي وهم يدوسون على العلم السعودي الذي يحمل عبارة “الشهادة” في الإسلام، ما أثار استنكار ناشطين، ترافق مع مطالبات للسعودية بالتدخل، وفقا لتقرير نشره موقع “ميدل إيست آي”.
وذكر التقرير أن الصورة “انتشرت بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي، وتظهر مجموعة من الجنود الإسرائيليين وهم يحملون العلم الإسرائيلي ويدوسون في الوقت نفسه على العلم السعودي الذي يحمل عبارات الشهادة في الإسلام، ما اعتبره مستخدمو التواصل الاجتماعي إهانة للمسلمين”.
ولفت إلى أن الصورة نشرت على منصة “إكس” (تويتر سابقا) بداية الأسبوع الحالي. ونشرها مستخدم اسمه تامر، عثر عليها في حسابات “إنستغرام”، تعود إلى جنديين إسرائيليين.
ولم يتمكن موقع “ميدل إيست آي” التحقق من الصورة أو التأكد من وقت التقاطها، لكن الجنود الإسرائيليين وضعوا صورا مثيرة للجدل التقطوها في غزة، على منصات التواصل الاجتماعي. واحتوت المنشورات على صور لانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين والتي يقول الخبراء القانونيون إنها جريمة حرب.
وفي تعليق على الصورة المهينة للعلم الإسرائيلي كتب تامر: “مجموعة من الجنود المظليين الإسرائيليين يدوسون على العلم السعودي والشهادة خلال الغزو البري لخان يونس”. وقال تامر: “هذا ما نشره جندي في حسابه على إنستغرام، هذه قذارة إسرائيلية واحتقار”، وفقا للتقرير.
وانتشرت الصورة سريعا وبمئات المشاركين الذين أشاروا إلى أن العلم السعودي يحمل كلمة الشهادة، وقال مستخدم إن “العبارات مكتوبة على العلم السعودي وتحدت إسرائيل الإرهابية شرف الأمة الإسلامية”.
و”انتقد البعض غياب الإرادة بين السعوديين تجاه القضية الفلسطينية، واستخدموا الصورة كدليل على ضرورة عدم تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل، بحسب التقرير.
ولم تنضم السعودية إلى الدول العربية التي وقعت وبرعاية أمريكية اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في الفترة 2020- 2021، وضمت المغرب والبحرين والسودان والإمارات العربية المتحدة.
وزادت التكهنات حول قرب توقيع اتفاق تطبيع، ففي بداية كانون الثاني/ يناير أخبر مسؤول سعودي بارز “بي بي سي” بأن بلاده مهتمة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد نهاية الحرب في غزة. وفي شباط/ فبراير قالت الرياض إن التطبيع لن يحدث بدون وقف إطلاق النار وتقدم باتجاه الدولة الفلسطينية. لكن وكالة بلومبيرغ نشرت في أيار/ مايو تصريحات لمسؤولين أمريكيين أشاروا فيها إلى أن الصفقة لا تزال على الطاولة وأن السلطات السعودية شنت حملة قمع ضد المواطنين الذين عبروا عن آراء ناقدة للحرب في غزة على منصات التواصل الاجتماعي، بحسب تقرير موقع “ميدل إيست آي”.
وحاول الموقع الحصول على تعليق من السفارة السعودية في لندن بدون رد. وتساءل أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي: “لماذا صمتت السعودية على هذا؟”.. مضيفا أن “إسرائيل الإرهابية تحدت الشرف. والدوس على كلمات العلم فعل غير مسؤول”.
وقال مشارك آخر: “هذه هي إسرائيل التي يحاول محمد بن سلمان التطبيع معها ليلا ونهارا، لا كرامة”.
وذكر التقرير أن عددا من المستخدمين ممن لديهم “إيموجي” على شكل العلم السعودي “اقترحوا أن الصورة قد تكون لعلم حماس أو تم تحريرها عبر الذكاء الاصطناعي بهدف خلق ردة فعل سلبية ضد السعودية”.
ورد تامر على المشككين بنشر “سكرين شوت” (صورة التقاط شاشة) للمقطع المصور الذي نقلت منه الصورة، قائلا: “أنا لست الشخص الذي يبني تغريداته على الأكاذيب، الغش وخداع الناس”.
وظهرت عدة صور مماثلة على منصة “إكس” ومنصات التواصل الأخرى، إلا أن أصحاب الحسابات الأصلية منعوا الدخول إلى صفحات “إنستغرام”، بحسب التقرير.
وفي سياق متصل ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، في مقال لإيلي بوديه، عضو المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، وأستاذ قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية في القدس.
في مقاله، يوضح بوديه أن فكرة التطبيع مع السعودية تشكل حافزاً لشيء أكبر بكثير من مجرد اتفاق ثنائي بين البلدين. وأوجز ذلك في ست نقاط:
فتح الطريق أمام اعتراف دول أخرى في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بإسرائيل.
ضربة لـ “محور المقاومة” الذي تقوده إيران، والذي كان أحد أهدافه الرئيسية إفشال عملية التطبيع هذه.
تعزيز اندماج إسرائيل في بنية الأمن في المنطقة، كما تجلى خلال الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران في أبريل/نيسان.
تقليل حدة العداء تجاه إسرائيل، إقليمياً وعالمياً، وإيقاف عملية تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة.
تعزيز العلاقات الاقتصادية لإسرائيل مع دول أخرى في الشرق الأوسط، لاسيما الإمارات والسعودية.
اندماج إسرائيل في بنية اقتصادية جديدة تربط الشرق الأقصى والهند بأوروبا، عبر ممرات بحرية وبرية تمر عبر السعودية والأردن وإسرائيل.
ثم ينتقل المقال إلى الإجابة عن سؤال حول مدى قبول إسرائيل بالتطبيع مع السعودية، مؤكداً أن ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، “أدى إلى ثلاثة تطورات مهمة تجعل إنشاء دولة فلسطينية أمراً لا مفر منه، عاجلاً أم آجلاً”.
أول تلك التطورات هو إعادة القضية الفلسطينية إلى قلب الصراع، بعد فشل محاولات إسرائيل لإبعادها أو تهميشها بتوقيع اتفاقات إبراهام للتطبيع مع الدول العربية.
ثانياً هو أن هجوم حماس أحيا حل الدولتين، بعد أن اكتسبت فكرة الدولة الواحدة زخماً في العديد من الدوائر، والتي ثبت أنها “وصفة للعنف والدمار” بحسب المقال، لذا، بات الانفصال ضرورة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ثالثاً، أدرك اللاعبون في الساحتين الدولية والعربية أنهم بحاجة إلى أن يكونوا جزءاً من الحل، من خلال الاعتراف والضمانات لكلا الجانبين، وربما حتى نشر القوات. ويؤكد المقال أن التدخل الأجنبي لا يعني وضع إسرائيل مسؤولية أمنها في يد الآخرين، لكن الحل يتطلب شركاء إقليميين ودوليين لديهم مصلحة في نجاح أي اتفاق والحفاظ عليه.
وبالتالي، على إسرائيل اتخاذ قرار مصيري، بحسب بوديه، لكن المشكلة هي أن رئيس وزراء إسرائيل الحالي يفتقر إلى الشرعية العامة، وهو ما لا يقل خطورة عن أن القيادة الفلسطينية تعاني أيضاً من نقص الشرعية.
ويقول بوديه في ختام مقاله أن التطبيع مع السعودية يضع إسرائيل في معضلة، بين استمرارها في “عقلية الغيتو والعيش في دور الضحية”، وبين “شراكة وتحالف إقليمي جديد”.