بحجة كورونا.. المغرب يقمع صوت الرافضين للتطبيع

بحجة كورونا.. المغرب يقمع صوت الرافضين للتطبيع
أخيرا انتبهت الحكومة المغربية لوجود وباء عالمي اسمه كورونا، لكن يبدو أن لذلك سببا مغايرا للحملات الطبية والإجراءات الوقائية، إذ قررت السلطات المغربية، مساء أمس الإثنين، منع الوقفة الاحتجاجية، التي أعلنت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” عن تنظيمها اليوم الثلاثاء، أمام مقر البرلمان بالعاصمة المغربية الرباط، بمناسبة الذكرى الـ45 لانتفاضة يوم الأرض الفلسطيني.
وفي خطوة قمعية للأصوات الرافضة للتطبيع، أعلنت السلطات المحلية لولايات الرباط وسلا والقنيطرة، منع أي تجمهر أو تجمّع في الشارع العام، بحجة “تفادي كل ما من شأنه خرق مقتضيات حالة الطوارئ الصحية، وذلك في سياق الإجراءات الاحترازية، التي اتخذتها الحكومة لمنع تفشي وباء كورونا، خصوصاً في ظل ظهور سلالات جديدة، وأخذاً بالاعتبار تمديد حالة الطوارئ الصحية لغاية 10 إبريل القادم”.
وكانت فعاليات سياسية ونقابية وحقوقية مغربية تنشط في “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”، قد أعلنت الأسبوع الفائت عن تنظيم وقفات احتجاجية يوم غد الثلاثاء، تحت شعار: “يوم الأرض… نضال متواصل لإسقاط التطبيع”، ودعت الجبهة المغربية التي أعلنت مؤخراً، 15 هيئة سياسية ونقابية وحقوقية عن تأسيسها، إلى التعبئة والمشاركة المكثفة في الوقفات الاحتجاجية في مختلف مناطق المملكة، وذلك تخليداً لانتفاضة يوم الأرض، الذي يصادف الثلاثاء 30 مارس الجاري.
واعتبرت الجبهة، في بيان أصدرته بمناسبة الذكرى الـ45 لانتفاضة يوم الأرض الفلسطيني، أن “المطبعين تجاوزوا المدى، بتسارع خطوات التطبيع مع عدو يفتك بشعب فلسطين، ويسلب أرضه، ويهدم مساكنه، ويطرد أصحابها الشرعيين لإحلال مستوطنين محلهم، ويسرق الماء، ويقتلع الأشجار، ويستبيح المقدسات، ويهدد السلم في المنطقة ككل”. وتساءلت الجبهة، في البيان، عن “مصلحة المغرب الذي عانى من ويلات الاستعمار في وضع يده في يد المجرمين الصهاينة”، معتبرة أن “التطبيع مع الكيان الصهيوني ودعم فلسطين لا يلتقيان”.
ومنذ لوث ملك المغرب اسم بلاده بدنس التطبيع، ولا تتوقف المغرب عن مفاجئتنا في خطواتها التطبيعية مع الاحتلال، وكأنها في سباق محموم مع الإمارات لنيل جائزة الأكثر خيانةً للعروبة وولاءً لإسرائيل، لم تتوقف عند المضي قدما في اتفاق تطبيع مذموم مع الكيان المحتل، مقابل اعتراف أمريكي هزيل بسيطرة المغرب على الصحراء الجنوبية، وإنما امتدت لما هو أبعد بكثير.
مصدر رفيع في الإدارة الأمريكية كان قد قال لوكالة “رويترز” إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تسلم قبيل ساعات من مغادرته، أرفع وسام من المغرب لمساعدته في التوصل لاتفاق التطبيع مع إسرائيل في احتفالية خاصة أقيمت في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.
الأميرة لالة جمالة العلوي سفيرة المغرب لدى الولايات المتحدة قدمت لترامب “وسام محمد”، وهو جائزة لا تمنح سوى لرؤساء الدول هدية من العاهل المغربي الملك محمد السادس. كما تلقى كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر ومبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش جائزتين لعملهما على الاتفاق الإسرائيلي المغربي الذي جرى التوصل إليه في ديسمبر الماضي.
وكعادة التحركات المغربية في هذا الملف المشين، لم يتم السماح لوسائل الإعلام بحضور مراسم منح الجوائز، وتمت في جنح الخفاء، ولم يكشف عنها إلا بيان صادر عن البيت الأبيض، الذي أراد استثمار “الهدية المغربية” لترامب في آخر أيامه بالبيت الأبيض، وهي أكثر أيامه صعوبة بعد تصاعد الانتقادات بحقه من كل اتجاه.
اندفاع نحو التطبيع
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي سياق الاندفاع نحو التطبيع بين المغرب وإسرائيل، ذكرت تقارير صحفية أنّ ملك المغرب محمد السادس وجه دعوة رسمية مباشرة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو لزيارة التراب المغربي، تجاوبا مع دعوة مشابهة وجهها نتنياهو لملك المغربي لزيارة “تل أبيب” بعد اتفاق التطبيع.
صحيفة “معاريف” العبرية، أكدت التواصليات الرسمية المغربية الإسرائيلية، وزادت بإن محمد السادس اشترط إجراء الزيارة مع الإعلان خلالها عن استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك ليتخذها ذريعة لتبرير موقفه من التطبيع، والزعم بأنها عادت على الفلسطينيين بالنفع.
وبحسب الصحيفة، فإن الملك المغربي يريد استغلال منصبه كرئيس للجنة القدس لاستعادة بلاده دور الوسيط الذي شغله فترة إبرام اتفاق السلام مع مصر ودفع عمليتي أوسلو والدار البيضاء. وبينت أن التدخل الشخصي للملك يهدف للتشديد على مكانته أمام الإدارة الأمريكية الجديدة.

إنجازات تطبيعية
وبعد سنوات من حظر دخول الإسرائيليين للبلاد، تقترب حكومة الاحتلال الإسرائيلي من تحقيق “إنجاز تطبيعي” جديد على حساب المغرب، إذ لن يكون بإمكان الإسرائيليين دخول الأراضي المغربية وحسب، بل وسيفعلون ذلك دون الحاجة للحصول على تأشيرة للدخول!
وبحسب بيان رقمي مقتضب صادر عن وزير الداخلية الإسرائيلي، آريه درعي، أكد فيه أنه تحادث هاتفيا، أمس الإثنين، مع نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، وبحثا إعفاء متبادلا لتأشيرات السفر بين البلدين.
وقال درعي في تغريدة على منصة التواصل الاجتماعي تويتر: “تحدثت هذا الصباح مع نظيري، وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، وقررنا تشكيل فريق مشترك، لفحص إدخال العمال الأجانب إلى صناعة التمريض، وفحص الإعفاء من التأشيرات”. وأضاف الوزير الإسرائيلي “إلى جانب ذلك، أخبرته بذكريات مسقط رأسي في (مدينة) مكناس، وتبادلنا الدعوات لزيارة إسرائيل والمغرب”.
الشعوب ترفض
لكن الجانب المضيء القادم من الغرب العربي، يكمن في الموقف الشعبي الرافض للتطبيع، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مؤشر الرأي العربي أن الشعوب المغاربية لا تزال تعارض بأغلبية ساحقة الاعتراف بإسرائيل، على الرغم من تحركات حكومة المغرب لتطبيع العلاقات رسمياً مع تل أبيب.
وبحسب موقع Middle East Eye البريطاني فإن استطلاع مؤشر الرأي العربي، استند إلى مقابلات وجهاً لوجه أجريت مع 28000 فرد من المشاركين في 13 دولة عربية من بينهم المغرب استمرت حتى سبتمبر 2020. ووفقاً لنتائج الاستطلاع، رأى المشاركون في المغرب، فضلا عن الأردن وفلسطين ولبنان ومصر وموريتانيا -الذين يشكلون الكتلة الأكبر من حيث عدد السكان- أن إسرائيل هي التهديد الرئيسي الذي تواجهه بلادهم.
اقرأ أيضًا: الروائي التونسي كمال الرياحي.. ثراء بالمال الإماراتي مقابل التطبيع