أذربيجان في قلب التحالف الإسرائيلي.. هل “التطبيع” مجرد غطاء لأجندة عسكرية أوسع؟

بينما تتسارع جهود واشنطن وتل أبيب لضم أذربيجان رسميًا إلى “اتفاقيات أبراهام”، يثير مقال نشرته مجلة Responsible Statecraft الأميركية تساؤلات حول جدوى هذا الحراك، خاصة أن العلاقات بين باكو وتل أبيب قد تجاوزت بالفعل حدود التحالف التقليدي. فما الغرض من “تطبيع” قائم فعليًا؟ وما دور أذربيجان المحتمل في التصعيد ضد إيران؟
🇦🇿 أذربيجان: “حليف سري” صارخ لإسرائيل
- منذ أوائل التسعينيات، طوّرت إسرائيل وأذربيجان تحالفًا عميقًا، مدفوعًا برغبة تل أبيب في تطويق إيران عبر جيرانها.
- زوّدت إسرائيل باكو بما يصل إلى 70% من وارداتها من الأسلحة المتطورة، وكانت عاملًا حاسمًا في تفوقها العسكري على أرمينيا في حربي 2020 و2023 بشأن إقليم ناغورنو كاراباخ.
- في المقابل، تمثل أذربيجان نحو 40% من واردات إسرائيل النفطية، واستمرت الشحنات حتى خلال عدوان 2023 على غزة.
- مؤخرًا، استحوذت شركة “سوكار” النفطية الأذربيجانية على 10% من حقل الغاز الإسرائيلي “تمار”، مما يعمّق البعد الاقتصادي الاستراتيجي في العلاقة.
📌 النتيجة: التحالف بين البلدين راسخ وممتد، يتجاوز أي اتفاق رمزي تحت عنوان “التطبيع”.
🎯 الهدف الحقيقي: إدماج واشنطن في المعادلة
- يبدو أن سعي إسرائيل لضم باكو رسميًا إلى اتفاقيات أبراهام لا يهدف فقط إلى تعزيز التطبيع، بل إلى دمج الولايات المتحدة في محور ثلاثي (إسرائيل – أذربيجان – أميركا).
- أعلنت حكومة نتنياهو صراحة عن نيتها تأسيس “بنية تعاون ثلاثي” بهدف تشديد الخناق على إيران من حدودها الشمالية.
- وقد دافع كتّاب مثل سيث كروبسي وجوزيف إبستاين في وول ستريت جورنال عن “زيادة الضغط العسكري” على إيران من الشمال.
📌 التحليل: واشنطن تُستخدم كأداة لتعميق محاصرة إيران استراتيجيًا، وليس فقط لعقد “صفقة سلام” رمزية.
⚖️ العقبة القانونية: المادة 907
- ما يمنع اندماجًا أميركيًا كاملًا مع باكو هو المادة 907 من قانون دعم الحرية الأميركي، التي تحظر المساعدات العسكرية لأذربيجان بسبب انتهاكاتها لحقوق الأرمن.
- ورغم أن الإدارات المتعاقبة تجاوزت هذا القانون عبر إعفاءات مؤقتة، تسعى إسرائيل وجماعات الضغط إلى إلغائه نهائيًا بحجة أن “السلام مع أرمينيا بات قريبًا”.
📌 التحليل: الضغط من أجل ضم باكو إلى اتفاقيات أبراهام هو مدخل لإلغاء القيود الأميركية على تسليح نظام استبدادي.
🧨 الصراع الإقليمي: تصعيد محتمل ضد أرمينيا وإيران
- تتهم باكو أرمينيا بالتخطيط لحرب جديدة، رغم اختلال توازن القوى لصالح أذربيجان المدعومة من إسرائيل وتركيا.
- تهدف باكو إلى فرض “ممر زانجيزور” الذي يربطها بنخجوان وتركيا، وهو ما قد يتسبب في عزل إيران عن أرمينيا والقوقاز.
- إيران أعلنت رسميًا أن أي تغيير في الحدود مرفوض، ولوّحت بتدخل عسكري، ونفّذت مناورات واسعة لردع أذربيجان.
📌 التحليل: إدماج أذربيجان في تحالف مناهض لإيران قد يؤدي إلى تصعيد جيوسياسي واسع يشمل تركيا وإيران وأرمينيا.
🧬 البُعد الداخلي الإيراني: اللعب بورقة القوميات
- يُقدَّر أن 20% من سكان إيران من الأذريين، ما يفتح بابًا لرهان استراتيجي على “التمرد الداخلي”.
- تسعى إسرائيل ودوائر المحافظين الجدد الأميركيين إلى تحريك الأقليات العرقية والدينية في إيران، بما فيها الأذريون، لتقويض النظام الإيراني من الداخل.
📌 التحليل: إدماج أذربيجان في محور الضغط لا يخدم فقط الجغرافيا، بل يُفعل استراتيجية “الاضطراب الداخلي” في إيران.
خطر التحالف الثلاثي يتجاوز التطبيع الرمزي
رغم أن أذربيجان تُعد حليفًا استراتيجيًا لإسرائيل منذ سنوات، فإن الدفع باتجاه ضمها إلى اتفاقيات أبراهام يسعى إلى:
- توريط واشنطن في تحالف صدامي ضد إيران.
- كسر الحواجز القانونية أمام تسليح نظام باكو.
- تعزيز سيطرة إسرائيل على خطوط الطاقة والحدود في جنوب القوقاز.
- تصعيد الصراع مع أرمينيا بحجة “السلام”، وتحقيق مكاسب إقليمية جيوسياسية.
- تمكين إسرائيل من لعب دور في تفكيك الداخل الإيراني عبر الأقليات.
👉 لكن كل هذه الأهداف لا تخدم المصالح الأميركية طويلة المدى، بل تهدد بجرّ واشنطن إلى صراعات جديدة في الشرق الأوسط والقوقاز. كما تُضفي شرعية على نظام باكو الذي يتهمه المجتمع الدولي بانتهاكات حقوق الإنسان وتطهير عرقي ضد الأرمن.
🛑 التوصية السياسية :
بدلاً من الانخراط في خطط المحور الثلاثي، يجب على واشنطن إعادة إحياء المسار الدبلوماسي مع طهران، وتجنب الاصطفاف مع “عملاء متهورين”، ما قد يؤدي إلى حروب غير ضرورية في منطقة متفجرة أصلًا.