دعوات أوروبية لمحاسبة إسرائيل على تدمير مشاريع ممولة من أموال دافعي الضرائب

في سياقٍ يتزايد فيه الغضب الأوروبي من الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على ما وصفه بـ”التدمير الممنهج والمقصود” للبنية التحتية والمشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي، معتبرًا أن ما يجري يندرج في إطار “جريمة إبادة جماعية متواصلة منذ عامين”.
تدمير ممنهج واستهداف متعمد
أكد المرصد أن إسرائيل تتعمد استهداف الأصول والمنشآت الممولة أوروبيًا، ليس فقط كممتلكات مادية، بل باعتبارها ركائز أساسية لحق الفلسطينيين في الماء والتعليم والصحة والسكن.
وقد شملت الأضرار مشاريع حيوية كـ:
- محطات تحلية المياه الممولة من الاتحاد الأوروبي عبر “يونيسف” في شمال غزة ودير البلح.
- شبكات المياه والصرف الصحي التي تعطلت بفعل القصف، ما أدى إلى حرمان مئات الآلاف من المياه الآمنة.
- مدارس ومستشفيات ومراكز صحية ووحدات سكنية تم تمويلها من المال العام الأوروبي، بينها مدارس “الأونروا” التي حُرمت بسبب تدميرها آلاف الأسر من التعليم والمأوى.
ازدواجية الموقف الأوروبي
رغم أن الاتحاد الأوروبي هو الممول الأكبر للبنية المدنية في غزة، إلا أن ردّه اقتصر –بحسب المرصد– على “مواقف خطابية خجولة” لم تردع الاحتلال عن مواصلة تدمير المشاريع.
ويشير المرصد إلى أن استمرار العلاقات التجارية والعسكرية بين أوروبا وإسرائيل، يجعل من الصمت الأوروبي غطاءً سياسياً وقانونياً لتلك الانتهاكات، خصوصًا مع كون الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لإسرائيل.
تآكل المصداقية القانونية والأخلاقية
انتقد المرصد بشدة ما وصفه بـ”تقاعس الاتحاد الأوروبي” الذي يقوّض مصداقيته كقوة تدّعي الدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، معتبرًا أن استمرار الشراكة مع إسرائيل يخالف اتفاقية الشراكة الثنائية التي تنص على احترام حقوق الإنسان كشرط أساسي للعلاقات.
ويحذر التقرير من أن الصمت الأوروبي يعني عمليًا التواطؤ في الجريمة عبر تجاهل الانتهاكات الموثقة وتقارير الاتحاد نفسه التي تؤكد ارتكاب إسرائيل مخالفات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
مطالبات واضحة للمحاسبة والتعويض
دعا المرصد المفوضية الأوروبية ومؤسسات الاتحاد إلى تحرك عاجل يتضمن:
- فتح تحقيق رسمي لتحديد حجم الأضرار بالمشاريع الأوروبية في غزة.
- نشر تقرير علني يحمّل إسرائيل المسؤولية القانونية والمالية.
- إلزام إسرائيل بدفع تعويضات كاملة تشمل تكاليف إعادة البناء والتشغيل المؤقت.
- تفعيل أدوات الضغط السياسية والاقتصادية مثل تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية–الإسرائيلية.
- دعم المسارات القضائية الدولية لملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات.
ويؤكد المرصد أن التعويض ليس مجرد مسألة مالية، بل هو اعتراف بالمسؤولية عن أفعال غير مشروعة، وخطوة ضرورية لاستعادة الفلسطينيين قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية التي دمّرها القصف المتكرر.
تحذير من معاقبة الضحية
اختتم المرصد بيانه بالتحذير من أن تقليص الدعم الأوروبي لغزة سيعني معاقبة الضحية مرتين، داعيًا إلى مواصلة الاستثمار في برامج التنمية والإغاثة، مع التركيز على مشاريع مستدامة قادرة على الصمود أمام التدمير المتكرر، خاصة في قطاعات المياه والتعليم والصحة والسكن.
خلاصة تحليلية
يعكس هذا البيان تصاعد الوعي الأوروبي بالمسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه ما يجري في غزة، لكنه في الوقت ذاته يفضح التناقض بين الخطاب الحقوقي الأوروبي والممارسة السياسية الواقعية.
فبينما تتحدث بروكسل عن “حل الدولتين” و“القيم الإنسانية”، تظل إسرائيل تتمتع بحصانة اقتصادية وسياسية تجعلها تتصرف فوق القانون.
ولذلك، فإن أي خطوة أوروبية حقيقية نحو المساءلة والتعويض ستكون اختبارًا حاسمًا لمدى التزام الاتحاد الأوروبي بالمعايير التي يدّعي الدفاع عنها.