الجزائر في مجلس الأمن: مجاعة غزة سياسة إبادة متعمدة واستهداف الصحفيين لطمس الحقيقة

أولًا: خلفية المشهد

أعاد خطاب السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، تسليط الضوء على المأساة الإنسانية في غزة باعتبارها إبادة جماعية ممنهجة. فقد أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد استخدام المجاعة كسلاح، عبر إغلاق المعابر ومنع إدخال الغذاء والدواء، بالتوازي مع الاستهداف العسكري المباشر للمدنيين والصحفيين، في محاولة لطمس الجرائم ومنع وصول الحقيقة إلى العالم.

ثانيًا: البعد الإنساني

  1. صور الضحايا كشاهد دامغ: عرض السفير الجزائري صور الأطفال الذين ماتوا جوعًا، مثل يحيى النجار (3 أشهر) ويزن أبو فول (عامان)، بالإضافة إلى الصحفية مريم أبو دقة التي قضت مع أربعة صحفيين آخرين في قصف على مستشفى ناصر. هذه الشهادات المرئية والمكتوبة تحوّل المجاعة من مجرد “رقم إحصائي” إلى قضية أخلاقية وإنسانية تهز الضمير العالمي.
  2. المجاعة المصطنعة: الأمم المتحدة حذرت من تفاقم الأزمة بحلول أيلول/ سبتمبر، مع ارتفاع أعداد الأطفال المهددين بالموت جوعًا، وهو ما يثبت أن التجويع سياسة وليست نتيجة ثانوية للحرب.

ثالثًا: استهداف الصحفيين

  1. أداة للتعتيم الإعلامي: استشهاد 264 صحفيًا منذ بدء الحرب، بينهم 11 في أقل من أسبوع، يكشف عن نهج متعمد لإسكات الأصوات التي تنقل الجرائم.
  2. ازدواجية الاحتلال: منع دخول الصحفيين الدوليين وفي الوقت ذاته قتل الفلسطينيين الذين يوثقون الجرائم، يؤكد وجود سياسة ممنهجة للتغطية الإعلامية على جرائم الإبادة.
  3. البعد الرمزي: وصية الصحفية مريم أبو دقة لابنها غيث تمثل شهادة حية على تضحيات الصحفيين، وتحولت إلى رمز إنساني يفضح الاحتلال في المحافل الدولية.

رابعًا: الموقف الدولي

  • معظم أعضاء مجلس الأمن –باستثناء الولايات المتحدة– تبنوا موقفًا يطالب بوقف الحرب فورًا وفتح المعابر.
  • الولايات المتحدة بدت معزولة في دعمها للاحتلال، وهو ما يكرس صورة واشنطن كطرف مشارك في الحرب وليس كوسيط.
  • الجزائر عززت عبر خطابها دورها القيادي في الدفاع عن القضية الفلسطينية داخل الأمم المتحدة، مستندة إلى إرثها الثوري وتاريخها في مواجهة الاستعمار.

خامسًا: أبعاد سياسية وإستراتيجية

  1. تجريم الاحتلال دوليًا: وصف الجزائر لما يجري بأنه “إبادة جماعية” يضع الأساس القانوني لتحريك قضايا في المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية للدول.
  2. عزل إسرائيل دبلوماسيًا: التركيز على استهداف الأطفال والصحفيين يعزز حملات المقاطعة والعزلة السياسية، ويزيد الضغوط على الحكومات الغربية المتواطئة.
  3. إعادة تشكيل الرأي العام: توظيف صور الضحايا وشهادات الميدانيين يهدف إلى قلب المعادلة الإعلامية التي حاول الاحتلال وحلفاؤه فرضها عبر تبرير العدوان.

سادسًا: السيناريوهات المحتملة

  1. تصعيد الضغوط الدبلوماسية: استمرار الجزائر ودول أخرى في طرح الملف في مجلس الأمن والجمعية العامة قد يفتح الطريق أمام قرارات أممية أكثر قوة.
  2. مزيد من الانكشاف الأميركي: تمسك واشنطن بفيتوها سيضاعف من عزلتها الدولية ويعزز صورة “الشريك في الإبادة”.
  3. تفاقم الكارثة الإنسانية: مع استمرار إغلاق المعابر، قد تتضاعف أعداد الشهداء بسبب الجوع، ما يسرّع من تحرك الشارع العالمي ضد الاحتلال.

خلاصة

خطاب الجزائر في مجلس الأمن لم يكن مجرد إدانة دبلوماسية، بل كشف سياسي وأخلاقي لسياسة الاحتلال في غزة: التجويع كسلاح حرب، واستهداف الصحفيين كأداة للتعتيم. وبينما يعكس الموقف الجزائري التزامًا تاريخيًا بالقضية الفلسطينية، فإنه أيضًا يسلّط الضوء على عزلة إسرائيل والولايات المتحدة دوليًا. غير أن الميدان الإنساني يظل الكاشف الأكبر: ملايين المدنيين يواجهون المجاعة والموت، والعالم أمام اختبار حقيقي بين نصرة الضحايا أو التواطؤ مع الجلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى