9 “هيومن رايتس ووتش” تدعو الاتحاد الأوروبي للتمسك بأجندة العقوبات ضد الاحتلال الإسرائيلي

بعد عامين من الحرب الإسرائيلية المدمّرة على قطاع غزة، والتي خلّفت عشرات آلاف الضحايا ودمّرت البنية التحتية للقطاع، دخل الموقف الأوروبي مرحلة اختبار جديدة مع تصاعد الدعوات إلى فرض عقوبات على إسرائيل، في خطوة وُصفت بأنها “متأخرة لكنها ضرورية”.

دعا كلاوديو فرانكافيلا، نائب مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش” وممثلها لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بروكسل إلى عدم التراجع عن خطط العقوبات بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، مؤكداً أن أي خطوة أوروبية يجب أن تراعي “الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان” التي ارتكبها الاحتلال في غزة والضفة الغربية.

أولاً: خلفية الموقف الأوروبي المتأخر

رغم التوثيق الواسع لجرائم الحرب الإسرائيلية منذ عام 2023، لم تطرح المفوضية الأوروبية أي مبادرة للعقوبات إلا بعد مرور عامين على بدء الإبادة الجماعية، ما دفع فرانكافيلا إلى وصف هذا التأخير بـ”المروّع”.
ويُظهر هذا الموقف حجم الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي بين دول مؤيدة لإسرائيل، ودول أخرى تطالب بتطبيق معايير حقوق الإنسان بشكل متساوٍ، بما في ذلك على تل أبيب.

ثانياً: مقترحات العقوبات الأوروبية

في 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلنت المفوضية الأوروبية للمرة الأولى عن حزمة عقوبات محتملة ضد إسرائيل، تضمنت:

  • تعليق بعض أحكام اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية المتعلقة بحرية حركة السلع.
  • فرض رسوم جمركية على الصادرات الإسرائيلية.
  • إدراج المستوطنين الذين يستولون على الأراضي الفلسطينية ضمن قوائم العقوبات.
  • فرض عقوبات على الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لدورهما في التحريض على العنف وسياسات التهجير.

هذه الإجراءات، إن تم تطبيقها، ستكون سابقة في تاريخ العلاقات الأوروبية الإسرائيلية التي لطالما اتسمت بالدعم السياسي والاقتصادي الواسع لتل أبيب.

ثالثاً: دلالات الدعوة الحقوقية

دعوة “هيومن رايتس ووتش” تعكس إدراكاً متزايداً بأن السكوت الأوروبي ساهم في تفاقم الانتهاكات، كما أنها تأتي في لحظة حساسة بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي ينص على:

  • وقف شامل للعمليات العسكرية.
  • انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من غزة.
  • تبادل للأسرى والمعتقلين.
  • إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري للقطاع.

لكن المنظمة الحقوقية تؤكد أن وقف النار لا يُنهي الحاجة إلى المحاسبة، بل يجب أن يكون مدخلاً لمساءلة إسرائيل عن جرائمها الواسعة في غزة والضفة.

رابعاً: الأبعاد السياسية للمشهد

تُظهر هذه التطورات تحولاً تدريجياً في المزاج الأوروبي الذي بدأ يتململ من سياسة الكيل بمكيالين، خاصة بعد الأرقام المفزعة:

  • 68,519 شهيداً و170,382 مصاباً، معظمهم من النساء والأطفال.
  • دمار طال 90% من البنى التحتية المدنية في قطاع غزة.

هذا التحول قد يضع العلاقات الأوروبية الإسرائيلية أمام اختبار حقيقي، بين ضغوط الرأي العام الأوروبي المتعاطف مع الفلسطينيين، والمصالح الاستراتيجية مع واشنطن وتل أبيب.

خلاصة تحليلية

إنّ دعوة “هيومن رايتس ووتش” تمثل محاولة لإعادة الاعتبار للقانون الدولي في السياسة الأوروبية بعد عامين من الصمت والتواطؤ.
فما بين المصالح والالتزامات الأخلاقية، يقف الاتحاد الأوروبي اليوم أمام خيارين:
إما الاستمرار في ازدواجية المعايير التي تغذي الجرائم الإسرائيلية،
أو التحول إلى فاعل حقيقي في حماية العدالة الدولية عبر تفعيل نظام العقوبات ومحاسبة الجناة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى