مدريد في مواجهة تل أبيب: استدعاء دبلوماسي يكشف تصاعد الغضب الإسباني من “إسرائيل”

تعيش العلاقات بين مدريد وتل أبيب على وقع أزمة دبلوماسية متجددة بعد استدعاء الخارجية الإسبانية للقائمة بالأعمال الإسرائيلية دانا إرليخ، احتجاجاً على تصريحات وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر بحق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز. الأزمة تأتي في ظل تراكمات سياسية وشعبية في إسبانيا ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، ووسط تحولات أعمق قد تنذر بقطيعة دبلوماسية غير مسبوقة.
أولاً: الشرارة المباشرة – تصريحات ساعر ضد سانشيز
- جدعون ساعر اتهم رئيس الوزراء الإسباني بـ”تحريض الحشود المناصرة لفلسطين”، واعتبر موقف حكومته “مخزياً”.
- الخارجية الإسبانية وصفت هذه التصريحات بأنها “غير مقبولة”، ورأت فيها تعدياً على مكانة مدريد وموقفها السيادي.
- هذا الاستدعاء ليس الأول؛ إذ سبق أن واجهت تل أبيب احتجاجات رسمية إسبانية منذ اعتراف مدريد بدولة فلسطين في أيار/مايو 2024.
ثانياً: السياق الدبلوماسي – تمثيل متراجع وتصعيد متبادل
- منذ اعتراف إسبانيا بدولة فلسطين، استدعت “إسرائيل” سفيرها من مدريد، ما خفض مستوى التمثيل إلى القائم بالأعمال فقط.
- التوترات تراكمت مع منع سلطات الاحتلال نائبة رئيس الوزراء يولاندا دياز من دخول الأراضي المحتلة بسبب مواقفها المناهضة للحرب.
- اليوم، استدعاء القائمة بالأعمال يؤكد أن الأزمة مرشحة للتصعيد، خاصة مع إصرار الحكومة الإسبانية على تبني خطاب أكثر صرامة تجاه الاحتلال.
ثالثاً: البعد الشعبي – الشارع الإسباني يتصدر المواجهة
- طواف إسبانيا 2025 تحول إلى ساحة احتجاجات مناهضة لـ”إسرائيل”، ما اضطر المنظمين إلى تقصير المسار لأسباب أمنية.
- المرحلة الأخيرة من السباق شُلّت بالكامل بفعل التظاهرات، وهو ما اعتبرته نائبة رئيس الوزراء “درساً للعالم”.
- هذه الاحتجاجات تعكس عمق التعاطف الشعبي الإسباني مع القضية الفلسطينية، وتحول الرياضة إلى مساحة ضغط سياسي مؤثر.
رابعاً: المواقف الرسمية الإسبانية – تصعيد متدرج
- وزير الثقافة إرنست أورتاسون دعا إلى مقاطعة مسابقة “يوروفيجن 2026” إذا لم تُستبعد “إسرائيل” منها.
- يولاندا دياز شددت على أن “إسرائيل لا يمكنها المنافسة في أي حدث وهي ترتكب إبادة جماعية في غزة”.
- هذا التوجه الرسمي يضع مدريد في مقدمة الدول الأوروبية الأكثر جرأة في مواجهة الاحتلال.
خامساً: التداعيات المحتملة
- تصعيد دبلوماسي: قد يشهد المستقبل القريب المزيد من الاستدعاءات أو حتى طرد البعثات الدبلوماسية.
- موجة أوروبية: الموقف الإسباني قد يلهم دولاً أخرى في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات مشابهة.
- ضغوط داخلية على تل أبيب: استمرار العزلة الرياضية والثقافية يفاقم صورة “إسرائيل” كدولة منبوذة.
- تعزيز موقع مدريد دولياً: يظهر إسبانيا كقوة أوروبية تتبنى خطاباً حقوقياً أكثر وضوحاً من حلفائها.
خاتمة
استدعاء القائمة بالأعمال الإسرائيلية في مدريد ليس حدثاً دبلوماسياً عابراً، بل حلقة جديدة في سلسلة صدامات تعكس انتقال الموقف الإسباني من “انتقاد لفظي” إلى “ضغط سياسي ومؤسساتي ممنهج”. وبينما يتزايد زخم الشارع الإسباني المناصر لفلسطين، تبدو مدريد في موقع ريادي داخل أوروبا لمواجهة الاحتلال سياسياً وثقافياً، ما قد يفتح الباب أمام معادلة جديدة في العلاقات الأوروبية-الإسرائيلية.