كمقدمة للتطبيع.. بن سلمان يتعاون مع الموساد ويتجسس ضد اليمن

في خطوة جديدة تعكس عمق التحالف الأمني بين الرياض وتل أبيب وواشنطن، أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحركة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء عن تفكيك ما وصفته بـ”الضربة الأمنية الأضخم” منذ بدء الحرب، عقب ضبط شبكة تجسس دولية قالت إنها مرتبطة بالموساد الإسرائيلي ووكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) وجهاز المخابرات السعودي، ضمن ما أُطلق عليه اسم “غرفة عمليات مشتركة” تستهدف اليمن عسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا.
ويأتي هذا الكشف في توقيت بالغ الحساسية، مع تسارع خطوات التطبيع السعودي-الإسرائيلي تحت المظلة الأمريكية، واحتدام المواجهة الاستخباراتية في المنطقة.

https://encrypted-tbn1.gstatic.com/licensed-image?q=tbn:ANd9GcT6uA1p8kL5pYX93iqqd8vD2QCkjoa_7hrXMY7DH9eg3dszFAkPX5vGmSu-7U6l39IxL-IlUuUpmemoNSY

غرفة عمليات ضد صنعاء

بحسب البيان الصادر عن وزارة الداخلية في صنعاء، فإن العملية الأمنية التي حملت اسم “ومكر أولئك هو يبور” جاءت بعد أشهر من الرصد والمتابعة الدقيقة، وتمكنت خلالها الأجهزة الأمنية من الإطاحة بعناصر الشبكة وكشف خيوطها الممتدة إلى داخل الأراضي السعودية.
وأوضح البيان أن الغرفة المشتركة كانت تعمل من الرياض وتضم ضباطًا من الأجهزة الثلاثة (السعودية، الأمريكية، الإسرائيلية)، وتتولى الإشراف على تجنيد وتمويل وتدريب خلايا تجسسية متعددة داخل اليمن، تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى لتجنب الانكشاف.
ووفقًا للبيان، فقد كانت هذه الغرفة تركز على جمع معلومات دقيقة حول مواقع تصنيع الأسلحة والطائرات المسيّرة اليمنية، ومتابعة تحركات القيادات العسكرية والسياسية في صنعاء، إلى جانب مراقبة البنية التحتية الحيوية كمنشآت الطاقة والمخازن الغذائية.


تدريب وتمويل متطور

أظهرت نتائج التحقيقات، وفقًا للوزارة، أن عناصر الشبكة تلقوا تدريبات استخباراتية عالية المستوى في السعودية، بإشراف ضباط من الموساد و”CIA” والمخابرات السعودية، وشملت الدورات استخدام تقنيات متطورة في التمويه الإلكتروني، وتشفير الاتصالات، ورفع الإحداثيات الدقيقة للأهداف.
كما تم تزويدهم بأجهزة اتصال يصعب تتبعها، وأجهزة تجسس متقدمة تستخدم تقنيات الأقمار الصناعية.
وكانت التقارير التي يجمعها العملاء تُرسل بشكل دوري إلى “الغرفة المركزية” في الرياض عبر قنوات اتصال مشفّرة، حيث يتولى محللون استخباراتيون من الدول الثلاث تحليلها وإصدار توجيهات ميدانية فورية للعناصر داخل اليمن.


استهداف ممنهج للبنية التحتية

اتهمت صنعاء الشبكة التجسسية بالمشاركة في توجيه ضربات عسكرية أمريكية وإسرائيلية ضد مواقع يمنية حساسة، بعد تزويدها المعتدين بإحداثيات دقيقة للأهداف، ما تسبب في سقوط ضحايا مدنيين وتدمير منشآت حيوية.
وقالت الوزارة إن العمليات التي نفذتها هذه الشبكة كانت تهدف إلى شل الاقتصاد اليمني وتدمير ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة من خلال إضعاف الخدمات الأساسية واستهداف مصادر الطاقة والوقود والمياه.
كما كشفت التحقيقات عن أن بعض الخلايا التجسسية ركزت نشاطها على مراقبة المنشآت الكهربائية ومخازن الغذاء والوقود، بهدف تعميق الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمن منذ سنوات.


أبعاد سياسية وأمنية عميقة

يرى محللون أن هذا الإعلان يتجاوز كونه كشفًا أمنيًا إلى كونه إدانة سياسية علنية للمملكة العربية السعودية، التي تحاول – وفق الخطاب الحوثي – التغطية على فشلها العسكري في اليمن عبر حرب استخباراتية بالوكالة.
ويشير خبراء إلى أن هذا التطور يسلط الضوء على التحالف الأمني المتنامي بين الرياض وتل أبيب، الذي برز خلال العامين الأخيرين عبر تعاون استخباراتي غير معلن، في ظل الانفتاح السعودي على فكرة التطبيع مع إسرائيل تحت الرعاية الأمريكية.
ويصف بعض المراقبين هذا التعاون بأنه جزء من “تحالف الظل” الذي يجمع دولًا عربية مع واشنطن وتل أبيب في مواجهة محور المقاومة، بما في ذلك أنصار الله في اليمن وحزب الله في لبنان وحركات المقاومة الفلسطينية.


رسائل داخلية وخارجية

البيان الحوثي حمل في طياته رسالتين واضحتين:
الأولى موجهة إلى الداخل اليمني، لتأكيد قدرة أجهزة الأمن على حماية البلاد من الاختراق، في ظل الحصار والتصعيد المستمر.
أما الرسالة الثانية، فهي للخارج، وتحديدًا للرياض وتل أبيب وواشنطن، مفادها أن صنعاء تمتلك قدرات استخباراتية متقدمة قادرة على اختراق شبكات خصومها وكشف مشاريعهم السرية.
ويقول محللون إن هذا الإعلان يهدف إلى تعزيز الردع السياسي والإعلامي للحوثيين في مواجهة التصعيد الأمريكي في البحر الأحمر، والتأكيد على أن اليمن لم يعد ساحة مكشوفة أمام أجهزة التجسس الأجنبية.


السعودية في مأزق سياسي

يأتي هذا الاتهام في وقت تسعى فيه السعودية إلى تحسين صورتها عالميًا، من خلال مشاريع “الانفتاح” الاقتصادي والثقافي، وإظهار نفسها كقوة استقرار إقليمي.
لكن الكشف الحوثي يضعها – وفق المراقبين – في موقف محرج، إذ يعيد إلى الواجهة صورتها كقوة تتبنى سياسات أمنية عدوانية، وتستخدم العمل الاستخباراتي كأداة لتصفية الحسابات.
ويضيف محللون أن هذا الاتهام قد يعمّق الشكوك الغربية حول نوايا المملكة، خاصة بعد الحديث عن تنسيقها مع إسرائيل في ملفات حساسة تتعلق بإيران واليمن وفلسطين.


تحول الصراع من الميدان إلى الاستخبارات

تؤكد التطورات الأخيرة أن الحرب على اليمن لم تنتهِ فعليًا، بل انتقلت من الميدان العسكري إلى حرب استخباراتية خفية تدور في الظل بين أجهزة متنافسة.
ويحذر خبراء من أن تفكيك هذه الشبكة قد يشعل مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي، تشمل عمليات تجسس مضادة، وهجمات إلكترونية متبادلة، وربما مواجهات عسكرية غير مباشرة.
كما أن الربط العلني بين الموساد و”CIA” والمخابرات السعودية يعزز فرضية أن اليمن أصبح ساحة رئيسية في معركة النفوذ بين محور المقاومة والتحالف الأميركي–الإسرائيلي–الخليجي.


خاتمة

الكشف الحوثي الأخير لا يمثل مجرد نجاح أمني محلي، بل يعيد رسم ملامح المشهد الإقليمي، إذ يكشف الوجه الخفي للعلاقات السعودية–الإسرائيلية، التي تتطور في الخفاء على وقع الحديث عن التطبيع.
وبينما تسعى الرياض لإقناع العالم بأنها “قوة سلام”، يبدو أنها تغرق أكثر في مستنقع التجسس والحروب الخفية، لتتحول – كما تصفها صنعاء – إلى “دولة جاسوسية” تمارس أدوارًا تتنافى مع خطابها العلني عن الاستقرار.
في النهاية، تبرز العملية كإشارة واضحة إلى أن صراع الظلال بين الرياض وصنعاء لم يُحسم بعد، وأن ما يجري اليوم من اختراقات وتجسس ليس سوى فصل جديد من حرب طويلة تدور بين الأرض والسماء… والظلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى