توقعات بطرح مشروع قانون “ضم الضفة الغربية” في الكنيست الإسرائيلي

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية اليوم حالة من الترقب مع توقعات بتقديم مشروع قانون لضم الضفة الغربية للتصويت التمهيدي في الكنيست، في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ سنوات على مستقبل حل الدولتين، وبداية محتملة لتغيير جذري في طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
السياق السياسي
يأتي طرح القانون في توقيت بالغ الحساسية، تزامنًا مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس إلى تل أبيب، وبعد أسابيع من تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية. هذا التناقض بين موقف واشنطن وخطوات اليمين الإسرائيلي المتطرف يعكس عمق الانقسام داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، ويضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام معضلة مزدوجة:
إما إرضاء حلفائه المتشددين الذين يطالبون بتطبيق “السيادة الإسرائيلية” الكاملة على الضفة،
أو تجنّب أزمة سياسية حادة مع واشنطن، التي تعتبر أي خطوة من هذا النوع انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي.
دوافع اليمين المتطرف
القوى اليمينية المتشددة، وعلى رأسها أحزاب “الصهيونية الدينية” و“القوة اليهودية” و“نوعام”، ترى أن اللحظة الحالية مناسبة لتثبيت “الواقع الجديد” الذي فرضته إسرائيل ميدانيًا عبر التوسع الاستيطاني والتهويد المتسارع، وتحويله إلى شرعية قانونية عبر الكنيست.
بالنسبة لهذه القوى، فإن أي تأجيل أو تراجع يُعدّ خضوعًا لإملاءات خارجية، خصوصًا من الإدارة الأمريكية، وهو ما يحاولون تجنّبه عبر الضغط على نتنياهو من داخل الائتلاف نفسه.
مأزق نتنياهو
رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول كعادته الموازنة بين جناحي الائتلاف:
- من جهة، يخشى انهيار حكومته إذا أُتهم بالتخاذل أمام واشنطن.
- ومن جهة أخرى، يدرك أن تمرير مشروع قانون بهذا الحجم سيُفجّر مواجهة سياسية ودبلوماسية مع الولايات المتحدة وأوروبا، في وقت تواجه فيه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة بسبب حربها في غزة والانتهاكات في الضفة.
لذلك يُرجّح أن يلجأ نتنياهو إلى حل وسط يتمثل في السماح بالتصويت التمهيدي فقط، دون المضيّ في المراحل التشريعية التالية، حفاظًا على توازن هش داخل حكومته.
الأبعاد الدولية
أي خطوة نحو ضم الضفة الغربية تُعتبر بمثابة إعلان وفاة رسمي لحل الدولتين، ونسفًا لما تبقى من اتفاقات أوسلو.
كما أنها ستُدخل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في مرحلة توتر جديدة، خصوصًا في ظل التوجه الأميركي الرافض لتوسيع المستوطنات أو اتخاذ قرارات أحادية الجانب في الأراضي المحتلة.
وفي المقابل، ستستغل القوى الفلسطينية والعربية هذا التصعيد لتأكيد فشل المسار السياسي، وتعزيز الرواية القائلة بأن إسرائيل لم تعد شريكًا في أي عملية سلام.
التأثير الميداني
على الأرض، قد يؤدي طرح القانون إلى مزيد من التصعيد في الضفة الغربية، سواء من خلال توسع الاستيطان، أو زيادة المواجهات مع الفلسطينيين، أو عبر فرض وقائع جديدة في مناطق “ج”.
كما سيعطي المشروع دفعة معنوية للمستوطنين الذين يعتبرون أن الوقت حان لفرض “السيادة الكاملة” بعد عقود من السيطرة الفعلية غير المعلنة.
الخلاصة
يبدو أن مشروع “ضم الضفة” ليس مجرد خطوة قانونية، بل محاولة لإعادة تعريف المشروع الصهيوني ذاته، وتحويل الاحتلال المؤقت إلى واقع دائم بقوة القانون.
وفي حال طرح المشروع للتصويت، حتى وإن لم يُقرّ نهائيًا، فإنه سيشكّل تحولًا سياسيًا رمزيًا خطيرًا، يعمّق عزلة إسرائيل الدولية ويزيد من هشاشة موقفها السياسي.
أما داخليًا، فسيكون اختبارًا جديدًا لقدرة نتنياهو على البقاء في توازن مستحيل بين ضغوط اليمين المتطرف ومطالب الحلفاء في واشنطن.