وسيم يوسف: إلى مزبلة التاريخ.. أم المزبلة أنظف قليلاً؟!

وسيم يوسف: إلى مزبلة التاريخ.. أم المزبلة أنظف قليلاً؟!

 

الاعتداء والدفاع عن النفس: مفهومان لطالما شكلا صراعاً أزلياً بين قطاعات كبيرة من البشر، النخب والعوام، لطالما تم تفسيرهما بصورة مختلفة من وجهة نظر الأطراف المتعددة في أي واقعة، لتبرير تصرفات، جرائم، انتهاكات، ردود أفعال، والأكيد أن كل فئة ذات قيادة، كانت تسعى بكل أدواتها لإقناع الناس بتعريفها للحدث في سبيل خدمة أجندتها.

 

كانت الأمور لتبدو أكثر سهولة على الكيان الصهيوني لإقناع الجميع أنه ضحية “إرهاب” كتائب القسام، وأن أمن شعبه مهدد بسبب “عنف” حماس، لكن الصورة نقلت غير ذلك تماماً، والصورة هي أصدق من أي تفسير.

صراخ في كل مكان في الداخل الفلسطيني المحتل وفي غزة، جثث لأطفال غارقة في دمائها، رجال مدنيون عُزل فقدوا حياتهم وفقدتهم حيوات أبنائهم والفاعل معروف: إسرائيل، باعترافها وبتصريحاتها الرسمية.

 

المشهد لم يبدأ منذ قيام حماس بإطلاق صواريخ على الكيان الإسرائيلي، ومن يقل هذا فهو مزور للتاريخ، مدلس للحقائق، يتجزأ جزء كبيراً من الصورة. المشهد الحالي بدأ مع تصاعد الاستفزازات الإسرائيلية من قبل المستوطنين الذين أرادوا بكل تبجح وبتسلح من محكمتهم الظالمة طرد عائلات فلسطينية بأكملها من منازلهم في الحي المناضل، حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، استناداً على أكاذيب لا تختلف أبداً عن كذبة أحقية تواجدهم في فلسطين وسلبهم أراضيها.

إضافة إلى قرارات المحكمة بالطرد، وانتشار المستوطنين الغاصبين جنباً إلى جنب مع الجماعات الدينية اليمينية المتطرفة -وجميعهم عنصريين- في شوارع القدس المحتلة والداخل العربي ومحاولاتهم المستمرة للاعتداء على الفلسطينيين ومحاولاتهم لاقتحام المسجد الأقصى الشريف وإيذاء تحت رعاية وحماية الشرطة الإسرائيلية وقوات الجيش المحتل الذي لم يراع إلا ولا ذمة لمسلم يمارس عباداته ولم يراعوا حرمة لمكان مقدس في كتابهم قبل كتابنا، وقام باقتحام المسجد وإطلاق قنابل غاز وأعيرة نارية على المصلين والمرابطين، رجالاً ونساء وأطفالاً.

 

بعد كل هذا، كان الرد الفلسطيني من داخل غزة، أي أنه رد فعل، وكون المجتمع الدولي يعترف أن هناك احتلالاً قائماً في فلسطين، فمقاومته حق مشروع لأي فلسطيني من أي بقعة في البلاد، وهو حق تمسكت به الفصائل المقاومة في غزة، لكن الرد كان وحشياً كالعادة من المحتل الغاشم، ضربات جوية عنيفة، وقع على إثرها عشرات القتلى ومئات المصابين، بينهم أطفال.

العدو المحتل برر ما فعله في غزة بأنه رد على ما فعلته حماس، وإن حاولنا تصديقه أو الاقتناع به، فما مبرره لما فعله بالمرابطين في المسجد الأقصى؟ ما تبريره حمايته لبلطجة المستوطنين وتصرفاتهم الهمجية ومحاولاتهم اقتحام مسجد مسلم لإقامة شعائر يهودية؟!

 

تعليقات من قبيل “حماس إرهابية”.. “حماس تستجدي الحرب ومسؤولة عن دماء الأبرياء”، “العنف متبادل”، “على الجميع ضبط النفس”، وغيرها من التعليقات المائعة التي تحاول المساواة بين القاتل والمقتول، الجاني والمجني عليه، المعتد والبريء، كان من المتوقع جداً رؤيتها، لاسيما أن الفترة الأخيرة شهدت غربلة للكثير من الشخصيات بعد إمكانية الالتحاق بركب الخونة -رسمياً-. لكن أن نرى هذه التعليقات من شخصيات من المفترض أنهم رجال دين مع كل تلك الصور والمشاهد التي عجت بها منصات التواصل الاجتماعي، وبعد كل تلك الاستفزازات والاعتداءات الصهيونية، هنا كانت الصدمة، لم يختلف أبداً عن الصهاينة، الذين ينطبق عليهم دائماً وأبداً وصف “رمتني بدائها وانسلت”.

 

وسيم يوسف الداعية الإماراتي من أصل أردني هاجم إطلاق المقاومة الفلسطينية للصواريخ ضد المدن داخل الخط الأخضر ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس المحتلة، حيث قال في تغريدته “تطلق حماس صواريخ بين مساكن ومنازل الناسو وحينما يأتي الرد تتباكى حماس وتصرخ أين العرب أين المسلمون؟ جعلتم غزة مقبرة للأبرياء والأطفال! أذيتم مصر وسيناء أحرقتم أعلام أغلب الدول العربية، شتمتم جميع الدول لم تحترموا أحداً، لم ترحموا طفلا ولا شيخا في غزة”…

هذا القبيح قبحه الله، يبرر الرد الإسرائيلي، الذي مهما كانوا أصحاب حق فيه -وهم ليسوا كذلك- فهناك واجبات إنسانية تحتم عليهم عدم الرد طالما أن الضحايا سيكونون من الأبرياء، من المدنيين العزل، هذه أبجديات الحروب، لكن إسرائيل تعيش في غوغائية وتتعامل بغوغائية لا يرحب بها سوى قلة من الغوغاء أمثالهم، يسيرون ورائهم كقطعان الماشية.

 

تعليق وسيم يوسف لم يرحب به سوى الصهاينة أمثاله، احتفى به “أفيخاي أدرعي” المتحدث باسم جيش الاحتلال، بل ووصف ما قاله إنه “صرخة حق”، ليؤكد بذلك أن ما نطق به هذا القبيح الخائن هو الباطل بعينه.

 

قبحك الله وأمثالك، إلى مزبلة التاريخ الذي سيلعنكم ما دام على وجه هذه البسيطة باطل يُقاوَم، وحق يُقاوِم، والمقاومة لا تموت، والحق هو المنتصر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى