سلام الجيران… نعمان الشعري التونسي الذي اختار نهايته قبل أن يبدأ

سلام الجيران… نعمان الشعري التونسي الذي اختار نهايته قبل أن يبدأ

“الفن مجال إنساني رحب بعيدًا عن المواقف السياسية”… هكذا بكل تبجح علق “نعمان الشعري” التونسي الذي ينعت نفسه “فناناً” على الانتقادات اللاذعة التي وُجهت إلى أغنية العار التي أداها بمشاركة المغني الصهيوني “زيف يحزقيل” بعنوان “سلام الجيران”، في دعوة صريحة للتطبيع مع الكيان المحتل، وبدء صفحة جديدة من “التلاحم والإخاء”، محاولاً إقناع الجمهور أن “الحداية هتحدف كتاكيت”، وأن السلام مع إسرائيل هو مفتاح الرخاء للأوطان.

يا نعمان… ما دخل المواقف السياسية بغضبة الشعوب؟ هل رفض التطبيع مع الكيان المحتل هو موقف سياسي؟ هل أزمتنا مع كيان الاحتلال سياسية؟ هل هي تتعلق بطريقة تقسيم الثروات مثلاً، أو تحديد نظام الحكم ومواد الدستور؟

إنها عقيدة يا نعمان.. عقيدة العروبة الأبية، التي تسري معانيها في عروقنا، ونفديها بدمائنا بكل رحب وسعة.

نعمان الشعري يغني لإسرائيل

أنت تتحدث عن الإنسانية، وأغنيتك المشؤومة تطالب بإعلاء الوئام والتآخي، ومحو أي ضغينة، لأنك كما قلت “تعيق الأضغان بنائي”… حسناً، هل قتل العزل والنساء والأطفال من الإنسانية؟ هل الغضب لأجلهم مواقف سياسية؟ هل المطالبة بحقوقهم والسعي لانتزاعها هو تمسك بالحرب، أما قتلهم وتشريدهم وسفك دمائهم هي خطوات على طريق السلام؟ هل صُمت آذانك عن صرخاتهم، كي تبتهج وأنت تتغنى بوصل قاتليهم؟

الكيان المحتل الذي تدعو للتطبيع معه هو بالأساس قائم على مواقف سياسية معادية لكل ما هو عربي، وأركانه ثُبتت بجرائم ضد الإنسانية بحق إخواننا الفلسطينيين، وغيرهم من الشعوب العربية التي كان للصهاينة بصمة إجرام على أراضيها، كمصر وسوريا ولبنان، فكيف تدعو إلى عدم التعامل معهم بطريقة، هم أول من رسخوها وعززوها وحكموا بها في عصرنا الحديث.

الأكثر استفزازاً في تلك الأغنية، أن مقطع الشعري الذي افتتح به الأغنية قال فيها “أنا عربي… أؤمن بجميع الأوطان”، ثم جاء الجزء الخاص بالصهيوني “زيف”- وهو حقاً زيف، وبلاده زيف، وسلامه زيف، وأغانيه زيف- ليتحدث هذا الزيف بصفته يهودي، إذ قال “أنا يهودي التوراة كتابي …. تاريخي يوضح أنسابي”…

زيف يحزقيل و نعمان الشعري

هل أزمتنا حقاً مع الديانة اليهودية؟ هل نحمل بداخلنا عداءً لهم لأنهم يهود؟ وإن كان الهدف هو سلام بين الأديان، لماذا تم اقحام الهويات الوطنية في هذا العمل؟ لماذا تحدث الشعري بصفته عربي، ولماذا امتلأ العمل بخلفيات ورموز وشعارات لدولة الاحتلال؟ لماذا تم الزج بالدين في العمل واللعب على هذا الوتر الحساس لاستعطاف الشعوب العربية التي تقدس كل ما هو كتابي، في حين يُطلب منا عدم الدفاع عن هويتنا أو مقدساتنا الإسلامية لأن ثمة فرق يجب ألا نغفل عنه بين “القومية والدين”، بحسب دعاة التطبيع الخونة!

عنوان الأغنية أيضاً يدعو للاستفزاز… “سلام الجيران”… بأي حق وبأي صفة يُطلق عليهم جيراننا؟ لا هم جيراننا، ولا نحن أبناء عم، وإن كنا كذلك حقاً، هل “راعوا العمومة فيمن هلك؟”، ولنفترض أنهم أبناء عمومتنا، هل أنسى دم شقيقي الذي سفكه ابن عمي؟ ما المنطق في ذلك؟ وأي كرامة سنحيا بها بعد التفريط في الأرض والعِرض ودم الأب والابن والجد؟

لقد انتزع منا الصهاينة الأرض، فهل ينتزعوا منا -رغماً عنا- الود؟ لقد أجبرونا على الحرب… هل يجبرونا على السلام بالقوة؟ هل الحب يُفرض عُنوة؟

أغنية نعمان الشعري

كان حري بك يا نُعمان أن تستغل موهبتك للانتصاف للضحايا من أشقائنا الفلسطينيين، بدلاً من الارتماء في أحضان “المجلس العربي للتكامل الإقليمي” الذي أنتج الأغنية، وهو مجلس لا يخفى على أحد أنه ذو خلفية صهيونية، يترأسه الصهيونيّان الأمريكيّان دنيس روس وجوزف براودي، لطالما تم تكريس جهوده بدعم من الولايات المتحدة لفرض التطبيع بين الشعوب العربية والصهاينة، متناسين ومتغافلين عن جرائم وفظاعات هذا الكيان الغاصب.

أمثالك يا نعمان عار على الأمة، اذكرك بأن العروبة مبدأ متأصل في وجدان العرب وأولهم أبناء شعبك، وإن كنت حقاً تحلم بالسلام وتهتم باستقرار الأوطان والبناء وتكره الدمار، فحذار أن تستمر في الطريق الذي سلكت، ولتتذكر أن بلادك الخضراء، إن سُمح للصهاينة بموطأ قدم فيها، ستتحول إلى صحراء جرداء يابسة، نصيحتي ألا تثق في وعود الصهاينة، التي لا تختلف أبداً عن وعود عرقوب.

وأخيراً، أغنيتك تلك هي وصمة عار ستظل تلاحقك حتى بعد الممات، كما يُقال في بلدك تونس “العار أطول من الأعمار”، فهنيئاً لك النيران التي أضرمتها في نفسك وتاريخك ومستقبلك الذي انتهى قبل أن يبدأ خاصة بعد المطالبات بشطبك من النقابة وفرض عقوبات عليك كما جاء في بيان الحركات المناهضة للتطبيع، ومبارك عليك لعنات شعبك والشعوب العربية أجمع، الذين لم ولن يخضعوا للاحتلال وذله.

اقرأ أيضًا: نصير ياسين – ناس ديلي: الوجه النّاعم للتّطبيع

اقرأ أيضًا: “التقي بأمك وتلتقي بأمي” .. العبار يدعو لدعم الصهاينة اجتماعيًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى