منظمة التعاون الإسلامي : الصوت المضيع للعالم الإسلامي

منظمة التعاون الإسلامي : الصوت المضيع للعالم الإسلامي

أُنشئت بقرار صادر عن القمة التاريخية التي عُقدت في الرباط بالمملكة المغربية في 25 سبتمبر/أيلول 1969 ردًّا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة، أُنشئت لتُمثِّل الصّوت الجماعي للعالم الإسلامي، لحماية مصالح الأمّة، لحلّ قضاياها وعلى رأسها القضيّة الفلسطينية، ولدعم السلم والانسجام وتعزيز الرّوابط بين مختلف شعوب العالم؛ فلا ردّت على الجرائم التي تُرتكب بحقّ الأقصى، ولا مثّلت صوتا جماعيّا للعالم الإسلامي، ولا حمت مصالح الأمّة ولا حلّت قضاياها ولا حتّى ندّدت بموجة التطبيع الذي تضرب الوطن العربيّ بوساطة أمريكيّة؛  منظمة التعاون الإسلامي : عنوان لخذلان الأمّة.

في وقت خريطة الوطن الكبير فيه فضيحة، فحواجزٌ ومخافرٌ وكلابُ، تغضّ منظّمة التعاون الإسلاميّة الطّرف عن الأزمات التي تعصف بالأمّة العربيّة والإسلاميّة، فهذا اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانيّة في القرن الواحد والعشرين، يقف سكانّه على شفا مجاعة غير مسبوقة، قد تفشّفت فيه الأوبئة الفتّاكة، ودمّر القصف السعوديّ المستشفيات والمدارس والمساكن والمساجد فيه

وفرض محمد بن سلمان حصارا قاسيا شاملا على برّه وبحره وسمائه، حائلا دون وصول المساعدات الإنسانية لآلاف العائلات المعوزة؛ وهذه سوريا قد نُسيت كأنَّها لم تَكُنْ، نُسيت كمصرع طائر، ككنيسة مهجورة و كحبّ عابر، دنّستها أقدام الأعداء وتقاسموا أطرافها ودفع الملايين من الأبرياء ثمن جشع الأوغاد؛ ومن قبلها سقوط بغداد بدخول السّاقطين، مكيدة مدبّرة بليل في سرداب أمريكيّ مظلم تضيئه شمعدانات صهيونيّة، خراب غير مسبوق، حروب طائفيّة أجّجها الغادرون وانخدع بها البائسون، فهذا عمر يقتل حسينا وهذا جعفر يقتل عثمانا، وما مات عمر ولا حسين ولا عثمان، وإنما ماتت النّخوة فينا؛ وغير بعيد عنهم تتمزّق ليبيا بين حكومتيْن وجيشيْن وحتى بنكيْن مركزيّيْن، تصول فيها الميليشيات، وتجول فيها العصابات، وبرصاصات الغدر تُغتال فيها النّاشطات

وهؤلاء الروهينجيا: أزمة مأساويّة بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، حوالي 900 ألف شخص لجأوا إلى مدينة كوكس بازار الحدودية مع بنغلادش بعد تهجيرهم واضطهادهم والتّنكيل بهم واغتصاب نسائهم ووأد أطفالهم وتعذيب شيوخهم حتى الموت، لم يشف بعضهم من هول ما رأى، ويحتاج بعضهم الآخر إلى تلقّي العلاج، ويفتقر كلّهم إلى الحماية والأمن ومياه الشرب النّظيفة والصرف الصحي والمساعدات الطبّية؛ ومثلهم أقلّيّة الإيغور (…) وهذه فلسطين تتآكل بأنياب الإستيطان الإسرائيليّ، لم يبق منها سوى “ضفّة غربيّة” قد تضاف للأردن، و”قطاع” (غزة) قد يُهب لمصر، ومقابر ملأى شبابا وشيابا، ودُور تعجّ باليتامى، وأراض منهوبة وضياع مهجورة

ثم أتت موجة التطبيع الأخيرة لتقضي على البقية الباقية. خطوة رخيصة -أقدم على اتّخاذها أراذل القوم أنذالهم- تعصف بكلّ المسلّمات والحقائق والشرعيات وتدمّر وحدة الموقف المشترَك تجاه القضية، وتدفع للتّسليم بشرعية الاحتلال.

منظمة التعاون الإسلامي

ولم نسجّل لمنظّمة التعاون الإسلامي وعلى رأسها أمينها العاميوسف بن أحمد العثيمين تحرّكا، ولم نسمع لها صوتا، ولم نقرأ لها بيان استنكار لموجة التّطبيع التي تعصف بالعالم العربيّ والتي تتجاوز مجرّد الاعتراف بهذا الكيان المحتل بل ترقى لمنحه الشرعيّة لممارساته العنصرية وتجاوزاته للقوانين الدولية وانتهاكه لحقوق الفلسطينيين المشروعة والغير قابلة للمساومة.

موت سريريّ يضرب الأمانة العامة للمنظمة، بعد أن صارت قراراتها تُتّخذ في أروقة قصور محمد بن سلمان، قائد حرب اليمن، ومؤيّد التّضييق على الإيغور، وعرّاب التّطبيع مع دولة الاحتلال، ومن قبله أباء وأجداد دعموا جيوش الأعداء  وضخوا خراناتها نفطا وخزائنها ذهبا. فلا هي “منظّمة” وهي تتلقّى أوامر مسيّسة ولا هو “تعاون” والعالم غارق في دماءه وفقره وبؤسه وجوعه، ولا هو “إسلاميّ” وهذه أطراف تحاصر أخرى، ودول تشيطن أخرى، وأخرى تدعو لمقاطعة الأخرى. مهزلة حقيقيّة، وسذاجةٌ سياسيّة، وافتقار للريادة والإحساس بالمسؤلية.

اقرأ أيضًا: وزير التسامح مع الصهاينة والتحريض على من خالفهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى