“منافسة غير عادلة”.. كيف يشن فيسبوك حربًا على المحتوى الفلسطيني؟
تلعب وسائل الإعلام الاجتماعي وفي مقدمتها “فيسبوك”، دورا هاما في المواجهة الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إذ يحاول كل طرف منهما الاستفادة من أدواته الإلكترونية لإيصال صوته وحشد الدعم العالمي معه، ولكن هذه المنافسة ليست عادلة، حيث أن إجراءات فيسبوك لم تقتصر فقط على الحظر ومنع أصحاب الحسابات من إمكانية التعليق، بل إخفاء المنشورات عن المتابعين، وتقويض الوصول إليهم، بل وحذف أعداد هائلة منهم.
وأكدت منظمة “هيومن رايتس واتش” الأميركية المختصة بقضايا حقوق الإنسان عالميا، أن إدارة شركة موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تشن حربًا على المحتوى الفلسطيني، وقالت المنظمة في تقرير لها إن ذلك يتم عبر “إزالة وقمع محتوى تم إدراجه من قبل الفلسطينيين ومؤيديهم، حول انتهاكات حقوق الإنسان التي نُفِّذت في شهر أيار 2021 خلال العدوان الإسرائيلي على القدس وغزة”، واعتبرت اعتراف شركة “فيسبوك” بالأخطاء ومحاولات تصحيح بعضها “غير كافٍ ولا يعالج حجم ونطاق قيود المحتوى المبلغ عنها، أو يشرح بشكل كاف سبب حدوثها في المقام الأول”.
وأضافت “يجب على فيسبوك أن يتبنى توصية مجلس الرقابة على فيسبوك في 14 أيلول 2021، لإجراء تحقيق مستقل في تعديل المحتوى فيما يتعلق بـ “إسرائيل” وفلسطين، لا سيما فيما يتعلق بأي تحيز أو تمييز في سياساته أو تطبيقه أو أنظمته، ونشر التحقيقات”، وأعطت المنظمة إدارة شركة “فيسبوك” 30 يوما من يوم صدور القرار للرد على توصيات مجلس الرقابة.
ويشار إلى أنه قد أوصى مجلس المشرفين على موقع “فيسبوك” بتحقيق مستقل في الاتهامات بالتحيّز التي وُجِّهَت إلى لجان المراجعين المشرفة على المنشورات حول فلسطين و”إسرائيل”، وفق ما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، ويأتي ذلك بعدما قال المجلس إنّ “فيسبوك”، فشل في تقديم الإجابات الكافية عن أسئلته في ما يتعلق بمنع منشورات بعض الناشطين الفلسطينيين.
وشملت توصيات مجلس المشرفين: “تشكيل هيئة مستقلة غير مرتبطة بأيٍّ من الطرفين الفلسطيني أو الإسرائيلي لتجري تحقيقاً شاملاً عن مراقبي المحتوى باللغة العربية والعبرية في “فيسبوك”، إضافة للتأكد من أنّ المراقبين والبرامج التي يستخدمونها لأداء عملهم غير متحيزة، ونشر التحقيق ونتائجه للعالم، كما تشكيل آلية تحدد كيف يتلقى “فيسبوك” الطلبات الحكومية لإزالة المحتوى، والتأكد من وجودها بشكل واضح وشفاف للجميع.
بالإضافة إلى أنّ مراجعة المحتوى يجب أن تميّز بين الطلبات الحكومية، التي تؤدي إلى إزالة منشورات بناءً على اختراق القوانين المحلية، والطلبات التي تؤدي إلى إزالة المنشورات بناءً على مخالفة قوانين “فيسبوك”، علاوة على الطلبات التي تنتهي دون قرار بإزالة المنشور المشكوّ بخصوصه، يذكر أنه قد أكد المدير السابق لسياسات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في فيسبوك، أشرف زيتون، أن هناك انحيازا مستمرا ومتعمدًا ومنهجيًا من منصة فيسبوك لإسكات الأصوات الفلسطينية.
وبشأن طبيعة المهمة التي يقوم بها مسؤول سياسات فيسبوك في المنطقة، قال زيتون: أنها تُعنى بإدارة المحتوى العربي والتعامل مع الحكومات فيما يتعلق بالسياسات العامة لفيسبوك والتطبيقات التابعة لها مثل إنستغرام وفيسبوك ماسنجر وواتساب.
وأضاف أن السياسات العامة هي توجهات الشركة في هذه المنطقة وكيفية إيصالها وكيفية التفاعل مع المؤسسات المعنية بهدف حماية التطبيق والمساحة التي يعمل فيها وإتاحة الفرصة للمستخدمين لقضاء أطول وقت ممكن على المنصة دون معوقات، وعن أسباب صعوبة الوصول لمتحدثين باسم فيسبوك للرد على اتهامات بالتحيز خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، قال زيتون إن السبب الرئيسي هو توقيع العاملين بالشركة على عقود قانونية معقدة فيها قيود كبيرة على التحدث إلى الإعلام.
وأضاف “كنا نعتقد أننا نتبع سياسة محايدة في التعامل مع القضايا المختلفة، وقد حدث هذا في التعامل مع الثورة السورية، حين اتُخذ قرار بأن تكون المنصة متاحة لجميع أطراف النزاع للتعبير عن آرائهم”، وتابع “للأسف ما شاهدناه في الفترة الأخيرة هو انحراف كبير عن سياسات الشركة، وما قدمه فريق الاتصال المؤسسي بالشركة من أعذار غير مبررة لسياساتهم المنحازة من فيسبوك”.
وعن ماهية هذه السياسات المنحازة قال زيتون “ما شاهدناه في الفترة الماضية خاصة قضية حي الشيخ جراح والهجوم الغاشم على غزة، حيث شاهدنا انحيازًا مستمرًا ومتعمدًا ومنهجيًا من منصة فيسبوك لإسكات الأصوات الفلسطينية، ضمن عمليات لإدارة المحتوى كانت تجري على مدار عامين”، وأضاف “هذا جزء من نمط واسع من الرقابة على الأصوات الفلسطينية والمتحالفة معها، ووراء ذلك عدة أسباب منها: وجود خوارزميات تمييزية في العمل، ليس هناك خوارزميات محايدة، الأمر الآخر وجود علاقات قوية جدًا بين فيسبوك والسلطات الإسرائيلية”.