“مغربيات ضد التطبيع”.. مبادرة نسائية لدعم القضية الفلسطينية

شهدت العاصمة المغربية الرباط، نهاية الأسبوع الماضي، الإعلان عن تأسيس هيئة مدنية جديدة تحمل اسم “مغربيات ضد التطبيع”، وهي مبادرة نسائية تهدف إلى تعزيز دور المرأة المغربية في دعم القضية الفلسطينية ومناهضة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
أهداف المبادرة
تسعى الهيئة إلى تنظيم جهود النساء المغربيات في حملة المقاطعة، وترسيخ قيم التضامن ورفض الظلم، وتعزيز دور المرأة في التصدي لمظاهر التطبيع داخل المجتمع المغربي.
وقد تولّت رئاسة الهيئة خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فيما تضم القيادة 12 عضوة يمثلن مختلف التيارات السياسية والمدنية، من اليساريين والإسلاميين.
بداية الفكرة وتطورها
كشفت خديجة الرياضي في تصريحات لـ”الجزيرة نت” أن النقاش حول دور النساء في مناهضة التطبيع بدأ في أبريل/نيسان 2024، حيث تم بحث السبل التي يمكن من خلالها للمرأة المغربية المساهمة بفعالية في دعم فلسطين.
وتعززت الفكرة لاحقًا، إذ اجتمعت مجموعة من النساء في نوفمبر/تشرين الثاني بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، حيث نظّمن وقفة احتجاجية ضد انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيات، وذلك بالتنسيق مع الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع.
وفي ظل تزايد الوعي بأهمية وجود كيان نسائي مستقل، جاءت فكرة تأسيس “مغربيات ضد التطبيع” كإطار منضوٍ تحت لواء الجبهة، والتي تضم نحو 19 تنظيمًا حقوقيًا وسياسيًا ونقابيًا، ليتحقق ذلك رسميًا الأسبوع الماضي بعقد الجمع العام التأسيسي للهيئة.
دور المرأة في دعم القضية الفلسطينية
أكدت خديجة الرياضي أن المبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على دور المرأة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال، حيث كانت ولا تزال عنصرًا فاعلًا في تنشئة الأجيال على حب الوطن والنضال ضد الاحتلال.
كما شدّدت على أن الاحتلال يستهدف النساء بشكل خاص في عدوانه على غزة، مدركًا دورهن المحوري ليس فقط في تحفيز الأجيال على المقاومة، بل أيضًا في المعركة الديمغرافية، حيث تستمر النساء في الإنجاب رغم القصف والاعتقالات والضغوط الاقتصادية.
ودعت الرياضي الشعوب العربية إلى الاستمرار في الاحتجاج ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية، مشيرة إلى أن النساء المغربيات لهن تأثير قوي في هذا الجانب، نظرًا لدورهن الأساسي في قرارات الاستهلاك داخل الأسر.
التطبيع.. معركة ثقافية وتربوية أيضًا
من جهتها، أوضحت حسناء قطني، نائبة منسقة الهيئة، أن التطبيع في التجارب العربية السابقة بدأ سياسيًا وعسكريًا ثم تحول إلى اقتصادي وسياحي، لينتهي بالتغلغل الثقافي والتربوي، وهو ما تسعى المبادرة لمجابهته.
وأضافت أن “التطبيع التربوي” يشكّل حربًا لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية، حيث يستهدف فئات عمرية شابة يتم التأثير عليها عبر مفاهيم مغلوطة، مؤكدة على أهمية دور الأسرة، خاصة المرأة، في مواجهة هذه الموجة.
وأكدت قطني أن هيئة “مغربيات ضد التطبيع” تسعى للمساهمة في رفع وعي الأمهات وربات البيوت حول خطورة التطبيع، بهدف ترسيخ الاهتمام بالقضية الفلسطينية لدى الأجيال الصاعدة.
كما دعت النساء المغربيات إلى الانخراط بقوة في المبادرات والتكتلات الداعمة لفلسطين، معتبرة أن حضور المرأة في الاحتجاجات ينعكس على الأسرة بأكملها، مما يعزّز زخم النضال المجتمعي ضد التطبيع.
مناهضة التطبيع في المغرب
تأتي هذه المبادرة في سياق تنامي الأصوات الرافضة للتطبيع في المغرب، حيث انضمت إلى هيئات أخرى تعمل في هذا المجال، من بينها:
- “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، التي تأسست عام 2021 بدعم من 15 تنظيمًا حقوقيًا وسياسيًا ومدنيًا.
- “المرصد المغربي لمناهضة التطبيع”، الذي أُطلق في يناير/كانون الثاني 2025 بمبادرة من شخصيات حقوقية وفنية ونقابية، بهدف رصد وتوثيق كل مظاهر التطبيع في البلاد.
السياق العام للعلاقات المغربية الإسرائيلية
يُذكر أن المغرب وإسرائيل وقّعا اتفاقًا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية في ديسمبر/كانون الأول 2020، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل المجتمع المغربي.
وجاء الاتفاق برعاية أمريكية، بحضور جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، وبتوقيع رئيس الحكومة المغربية الأسبق سعد الدين العثماني، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات.
تُعدّ “مغربيات ضد التطبيع” خطوة جديدة في المشهد المغربي الرافض للتطبيع، حيث تسعى إلى تمكين المرأة من لعب دور مركزي في دعم القضية الفلسطينية، سواء عبر المقاطعة الاقتصادية، أو الحضور في الاحتجاجات، أو التأثير في الوعي الأسري والمجتمعي.
وتبقى معركة مناهضة التطبيع ممتدة على مختلف الأصعدة، ما يجعل هذه المبادرة النسائية نقطة انطلاق نحو حراك أكثر تنظيمًا وفعالية في مواجهة مشاريع التطبيع المتسارعة.