مستقبل غامض في الضفة الغربيّة.. هل يتوقف الاحتلال عن مخططاته الاستيطانيّة بعد المطالبات الأوروبية؟
في الوقت الذي طالب فيه وزراء خارجية 15 دولة أوروبية “إسرائيل” بالتراجع عن هذا القرار، أعرب بيانهم المشترك عن القلق البالغ حيال قرار مجلس التخطيط الإسرائيلي الموافقة على مخططات لبناء أكثر من أربعة آلاف وحدة سكنية (استيطانية) في الضفة الغربية، تزامناً مع السياسية الصهيونيّة العدوانيّة المتعلقة بالضفة التي بات سكانها يوصفون بأنّهم “جمر تحت الرماد”، وإقدام الكيان المجرم على خطوات تصعيديّة كثيرة بدءاً من عمليات الضم التي ستؤدي بلا محالة إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي وفقاً لكثيرين.
وليس انتهاءً بارتكاب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين وقد شاهد دول الأرض الجريمة البشعة بحق شيرين أبو عاقلة الأسبوع الماضي. وإنّ المطالبة الأوروبيّة جاءت عقب خلاف نشب بين تل أبيب والأوروبيين عندما وصل دبلوماسيون أوروبيون إلى وزارة خارجية العدو، للاحتجاج على سياساته في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، تحت مزاعم وأكاذيب المراقبة وإفشال ما تسميه عصابات الاحتلال “الإرهاب في الضفة الغربيّة”، لمواجهة ما يقولون إنّها “مجموعات إرهابية” في المنطقة، وهم الإرهاب بعينه وأشكاله.
وبشكل أساس تركز الاحتجاج الأوروبي قبل فترة على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضف بعد سلسلة من الهجمات الصهيونيّة وتَواصل الاستيطان الإرهابيّ الذي يعتبره المجتمع الدولي غير قانونيّ، ناهيك عن العنف المفرط الذي يرتكبه المستوطنون اليهود بحق أصحاب فلسطين وأبنائها.
”الكف عن عمليات الهدم أو الطرد القسرّي في الضفة الغربية المحتلة”، هذا ما ركّزت عليه مطالب وزراء الدول الأوروبية لسلطات الاحتلال في ظل ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لصالح المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة، والتي قارب تعداد مستوطنيها 800 ألف مستوطن، مع دعوات مستمرة من قبل فصائل المقاومة الإسلاميّة أبناء الشعب الفلسطينيّ في الضفة والقدس والداخل المحتل إلى إشعال الأرض الفلسطينيّة المحتلة تحت أقدام جنود الاحتلال رداً وثأراً لدماء شهداء فلسطين وحماية لأبناء الضفة الغربيّة المحتلة والمستهدفة، لأنّ قوات الاحتلال لا تكف عن استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم.
ومن الجدير بالذكر أنّ وزراء خارجية فرنسا وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وبولندا وألمانيا واليونان وإيرلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ ومالطا وهولندا والنروج وإسبانيا والسويد نبهوا إلى أن المستوطنات الجديدة ستشكل عائقا إضافيا أمام حل الدولتين، وأنّها تشكل بوضوح انتهاكا للقانون الدولي وتحول دون سلام عادل ودائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، متناسين أن الطيان العنصريّ منذ ولادته غير الشرعيّة، قام على العنف المفرط والإجرام غير المعهود، حتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق ما يُعرف بمنهج “القبضة الحديديّة” وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، حين قام هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه.
وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة والدمويّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة العربيّة. وبالاستناد إلى أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم تحت أي ظرف سوى ردعها بالسلاح الذي تفرض استعمارها فيه، أعلنت ما تسمى”الإدارة المدنية” التابعة للعدو الإسرائيلي في الضفة الغربية، قبل أيام، أن اللجنة الفرعية للاستيطان في مجلس التخطيط الأعلى ستعقد اجتماعا، بهدف الإيداع والمصادقة على مخططات استيطانية جديدة تشمل 3988 وحدة سكنية في المستوطنات.
وفي تنفيذ حرفيّ لنص إعلان الدولة المزعومة الذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيماً حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من “بلادهم”، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في “إسرائيل” وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.