ماضِ في تقاربه مع الاحتلال.. النظام السوداني يجدد رغبته لـ “بلينكن” التزامه بالتطبيع 

 

مثل رحيل الرئيس اليميني الأمريكي دونالد ترامب عن السلطة فرصة سانحة لدول التطبيع للتخلي عن المأزق الذي وضعت نفسها فيه، في فرصة ربما لا تتكرر كثيرا في عالم السياسة، لا سيما مع ترديد كثير من مؤيدي تلك الأنظمة أن انخراطها في روث التطبيع إنما جاء اضطرارا بضغوط إقليمية من الإمارات وحلفها، لكن تلك الأنظمة أبت إلا أن تعود وتؤكد أنها ماضية في تقاربها مع الاحتلال، وأن انخراطها في عملية التطبيع إنما جاء عن قناعة راسخة واختيار مقصود.

وفي مقدمة تلك الدول، جاء السودان، الذي أعلنت واشنطن أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بحث مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، عبر الهاتف، تطبيع الخرطوم علاقاتها مع الاحتلال الصهيوني، ليعلن بعدها بساعات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، في بيان منشور على موقع وزارته، أن بلينكن وحمدوك ناقشا خلال المكالمة “التقدم الذي تم إحرازه في إحلال السلام وتطبيق الإصلاح السياسي والأمن والاقتصادي”، بالإضافة إلى “الاستقرار الإقليمي وتطبيق اتفاقات السلام التي أبرمها السودان والتزام السودان بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.

هذا التطور يأتي منعزلا عن التقارير الإعلامية التي تحدثت عن فجوات لا تزال قائمة بين السودان وإسرائيل، لا سيما حول مقابل التطبيع، وأن المحادثات توقفت بهذا الخصوص، ونقلت عن مسؤولين سودانيين على اطلاع على المحادثات، أنها تعثرت بسبب مخاوف المفاوضين السودانيين من التعجل في التطبيع مع إسرائيل بدون حزمة إنقاذ اقتصادي كافية لقبول الصفقة، وأشاروا كذلك إلى مخاوفهم من اضطرابات شعبية ضد الحكومة غير المنتخبة، التي تعاني من وضع صعب.

لكن التأكيد السوداني هذه المرة للجانب الأمريكي بالتزام الأولى بالتطبيع مع الاحتلال، جاء مقابل إشارة يسيرة من بلينكن يؤكد خلالها دعم واشنطن لحمدوك وحكومته الانتقالية، وأيضا دعم “مبادرة رئيس الوزراء السوداني الجديدة لترسيخ الوحدة الوطنية واتخاذ خطوات في سبيل تشكيل مجلس تشريعي جديد وإصلاح القوات المسلحة ودمج قوات أخرى فيها كجيش احترافي بالإضافة إلى تقديم العدالة والمساءلة”.

ويبدو أن بلينكن خرج سعيدا بعد تلك المحادثة التي سمع فيها ما يُثلج صدره، حيث نشر بلينكن تغريدة في حسابه الرسمي على “تويتر” أكد فيها محادثته لحمدوك، وقال إنه “من الجيد التحدث مع رئيس الوزراء حمدوك اليوم لمناقشة مبادرته الجديدة لتعزيز الوحدة الوطنية ومواصلة الانتقال الديمقراطي في السودان”، ثم أعلن في الوقت نفسه عن عقد أول اجتماع مع نظيره الإسرائيلي الجديد يائير لابيد اليوم في العاصمة الإيطالية روما، لإطلاعه على نتائج تلك المحادثات.

ومنذ الإعلان عن التطبيع بين السودان والاحتلال الإسرائيلي، وبعض كيانات المجتمع المدني السوداني ترقب فرصتها لإكمال ما بدأه عسكر السودان، فبعد يومين من رابع زيارة وفود الاحتلال للسودان، أعلن الناشط السوداني عبد القادر العشاري عن تأسيس منظمة أطلق عليها إسرودان بهدف تطبيع العلاقات الشعبية بين السودان ودولة الاحتلال.

وبعد أيام من إنهاء وفد دبلوماسي إسرائيلي زيارة للخرطوم -لم يعلن عنها رسميا ولا تعرف عنها أي تفاصيل- بادر ناشط سوداني لإعلان تَمكُّنه من تسجيل أول منظمة للتعاون مع إسرائيل بالشرق الأوسط، هدفها “التطبيع لنشر السلام والمحبة بين الجميع”.

وبشكل عام، لم يترك عسكر السودان فرصة للمضي قدما في ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني إلا وطرقوه، لكن لطالما كان الرفض الشعبي السوداني عائقا أمام تمرير تلك الملفات الخبيثة، وهو ما حدا بعسكر السودان، ومن خلفهم الإمارات راعية التطبيع مع الاحتلال في الوطن العربي، في التفكير بطريقة أخرى أكثر اقترابا من الشعوب لمحو هويتها وتغيير مواقفها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى