لنشر أفكاره التطبيعية.. كيف يستهدف الاحتلال المراكز الإسلامية في العالم العربي؟
لم يكن استهداف الحكومة الأردنية لجمعية المحافظة على القرآن الكريم، بإغلاق عشرات المراكز التابعة لها، الأول في العالم العربي، فقد درجت العديد من الحكومات العربية على استهداف المراكز والجمعيات الإسلامية، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي. ويرى مراقبون أن لكل من السعودية والإمارات دوراً في التضييق على المؤسسات الإسلامية والقرآنية، لكونهما يملكان الثروة التي تمكنهما من القدرة على التأثير، وفرض رؤية الغرب في المنطقة من جهة، وإجهاض أي حركة معارضة للأنظمة العربية القائمة من جهة أخرى.
وفي المقابل، أكد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، الكاتب حسن أبو هنية، وجود دور سعودي وإماراتي في إضعاف وإجهاض المشاريع الإسلامية المستقلة عن السلطات الحاكمة، وخصوصا تلك المرتبطة بالإسلام السياسي. من جهته، رأى المختص في علم الاجتماع السياسي، فيليب مدانات، أن استهداف الجمعيات القرآنية “يأتي في ضوء نزعة مستمرة عند الدول العربية بتسطيح كافة الجماعات والمؤسسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، حتى الرسمية منها، لأنها لا تريد أي فاعل ديني ينافسها”.
ونفى أن تكون ثمة إملاءات خارجية لإغلاق المؤسسات الإسلامية، مستدركا بأن ما يجري هو عبارة عن عملية تحضير للجيل الصاعد، للولوج في عهد قادم يحتوي على التصالح مع الأضداد، سواء “إسرائيل” أو غيرها. بدوره، قال الخبير حسن أبو هنية، إن المؤسسات الرسمية الدينية في الوطن العربي نشأت بعد مرحلة الاستعمار؛ بهدف تحديد شكل الدين، وما هو المقبول والمرفوض منه، بما يسبغ الشرعية على جميع تصرفات النظام السياسي مهما كان شكلها.
وتابع: “هذه الدول لا تريد أن ينازعها أحد في تقديم تفسير للدين، لذلك فهي تسيطر على المساجد، وتتحكم بها عبر قوانين وأنظمة وتعليمات تطال تحديد الخطب والدروس المطلوبة من إمام المسجد، بحيث يتم تقديم رواية وحيدة، هي التي ترتضيها الدولة، ولا تشكل أي تحدٍّ للسلطة القائمة”.
ورأى أبو هنية أن التضييق على الجمعيات القرآنية والإسلامية نابع من إرادة غربية، حيث غيّرت الولايات المتحدة الأمريكية من خطتها استدخال الإسلام السياسي في الحكم بالوطن العربي، إلى التخلص منه. وبيّن أن التغير في الخطة الأمريكية بدأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، واتضحت معالمه بعد أحداث 11 سبتمبر في نيويورك، وتضخمت حتى بلغت ذروتها بعد ثورات الربيع العربي التي أظهرت قوة التيار الإسلامي.
وأكد أن الدول العربية القائمة اليوم أنشأتها الدول الاستعمارية، وأسست فيها المؤسسات الدينية، وبالتالي هي ليست بعيدة عن الاستعمار والامبريالية والغرب، والمطلوب منها أن تخضع لإملاءات الدول الكبرى، وأن تكيف تشريعاتها مع هذه المنظومة الكونية التي تهيمن عليها، ومع رؤيتها لوجود “إسرائيل” وأحقيتها وإدماجها واعتبارها دولة طبيعية. وفسّر أبو هنية مهاجمة المؤسسات الدينية الرسمية لجماعات الإسلام السياسي، كالإخوان المسلمين وغيرها، بأنها تنفيذ لإرادة الغرب باعتبارها جماعات إرهابية أو ممهدة للتطرف، وبالتالي فإن المطلوب هو إضعافها أو حظرها بالكامل.