لماذا ترفض إندونيسيا التطبيع مع إسرائيل؟

تستمر الأوساط الحكومية والشعبية في إندونيسيا في رفض التطبيع مع إسرائيل، رغم مساعي الاحتلال، وذلك مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة.

جددت وزارة الخارجية الإندونيسية نفيها السعي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل الحصول على عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك ردا على تقارير إسرائيلية أشارت إلى موافقة جاكرتا على تلك المقايضة الدبلوماسية.

ونقلت تلك التقارير عن مسؤولين إسرائيليين لم تكشف هويتهم، أن إندونيسيا أجرت محادثات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مع إسرائيل، بوساطة الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ماثياس كورمان، وذلك من أجل أن تتوقف إسرائيل عن عرقلة انضمام إندونيسيا للمنظمة الاقتصادية الدولية مقابل إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.

وردا على تلك التقارير، قال لالو محمد إقبال المتحدث باسم الخارجية الإندونيسية في تصريحات للصحافة الإندونيسية إن مسار انضمام بلاده إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيستغرق وقتا طويلا، مشيرا إلى أنه يفترض تبني خارطة طريق بهذا الخصوص الشهر المقبل.

وأكد أنه ليست لبلاده حتى الآن خطة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لاسيما في ظل مشاهد “الأعمال الوحشية الإسرائيلية في غزة”، وجدد التذكير بموقف إندونيسيا الثابت في دعمها لاستقلال فلسطين وحل الدولتين ونيل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه.

وردا على التقارير الإسرائيلية، دعا هدايت نور وحيد نائب رئيس مجلس الشعب الاستشاري، إلى “توحيد الصف الإندونيسي في دعم فلسطين بدلا من أن نصبح ضحايا الإعلام الإسرائيلي”، مشددا على أن موقف إندونيسيا واضح في رفض الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي قد انتقدت في كلمة أمام مجلس الشعب الاستشاري مطلع الشهر الجاري موقف الدول التي سعت إلى تطبيع العلاقات مع اسرائيل.

وقالت مارسودي “النفاق والمعايير المزدوجة نراها اليوم موقفا جماعيا على المستوى الدولي تجاه قضية فلسطين، حتى الدول التي كانت تاريخيا تدعم وتساعد الفلسطينيين، صارت الواحدة تلو الأخرى ولمصالح براغماتية تطبّع علاقاتها مع إسرائيل، قبل تحقيق استقلال دولة فلسطين، فقد اختاروا الوقوف إلى جانب القوي وليس إلى جانب الضعيف، وتناسوا قيم الإنسانية والخيرية”.

وليست هذه المرة الأولى التي تظهر فيها تقارير في وسائل إعلام إسرائيلية بخصوص محادثات حول التطبيع مع جاكرتا، ليرد المسؤولون الإندونيسيون عليها بالنفي.

وكانت شبكة نيكي آسيا اليابانية قد نقلت في 4 فبراير/شباط الماضي عن مصادر دبلوماسية إبداء إسرائيل -وهي عضو في المنظمة الاقتصادية منذ عام 2010- اعتراضها على بدء إجراءات انضمام إندونيسيا للمنظمة، وأشارت إلى أن الرفض الإسرائيلي يأتي ردا على موقف إندونيسيا تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

يشار إلى أن إندونيسيا في حالة انضمامها لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية -التي تشمل في عضويتها 38 دولة وتشكل نحو 43% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي- ستكون أول دولة عضو من منطقة جنوب شرق آسيا أو من أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والثالثة آسيويا بعد اليابان وكوريا الجنوبية.

كما شدد شدد النائب في البرلمان الإندونيسي عن حزب العدالة والرفاه، جزولي جويني، على رفض بلاده القطعي لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي في حال لم تتوقف “إسرائيل” عن جرائمها بحق الفلسطينيين إضافة إلى الموافقة على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

ونفى جويني، صحة التقارير العبرية التي زعمت عزم إندونيسيا الموافقة على تطبيع العلاقات مقابل عضوية منظمة التعاون الاقتصادي، مشددا على أن شرط بلاده الأول لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل” هو أن تتوقف “تل أبيب” عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني لا سيما النساء والأطفال وكبار السن، ومن ثم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة لها السيادة دون أي تدخلات إسرائيلية.

واعتبر أن التقارير العبرية المروجة لفكرة التطبيع بين إندونيسيا والاحتلال الإسرائيلي، مساع تهدف للتأثير على الرأي العام العالمي لأن إندونيسيا هي الدولة الوحيدة في جنوب شرق آسيا التي لا توافق على التطبيع.

وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية، ذكرت في تقرير لها أن إندونيسيا التي تعد أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، أبدت التزامها وموافقتها على إقامة “علاقات دبلوماسية مع إسرائيل”، لأول مرة في التاريخ، بهدف الانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويتطلب انضمام إندونيسيا إلى المنظمة، موافقة جميع أعضائها الـ34 بما فيهم دولة الاحتلال الإسرائيلي التي أصبحت عضوا في المنظمة الدولية عام 2010، فيما قالت الصحيفة، إن المسؤولين طالبوا ببادرة حسن نية من إندونيسيا، في أعقاب انتقاداتها للحرب على قطاع غزة.

في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية لالو محمد إقبال، وجود أي خطط لدى بلاده لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي لاسيما في ظل الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

وقال إقبال إن موقف إندونيسيا تجاه فلسطين لم يتغير، وهي تحافظ على دعمها الثابت لاستقلال فلسطين عن طريق حل الدولتين، مضيفا أن بلاده “ستظل ثابتة دائماً لتكون في طليعة الدفاع عن حقوق الفلسطينيين”.

وفي سياق متصل، شدد البرلماني الإندونيسي جزولي جويني في حديثه لـ”عربي21″ على هامش مؤتمر رابطة “برلمانيون لأجل القدس” بمدينة إسطنبول، على ضرورة دعم الجهود الدولية الرامية إلى إعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “مجرم حرب” بسبب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي يشهد عدوانا وحشيا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

كيف ترى الموقف الإندونيسي الرسمي والشعبي تجاه ما يجري في قطاع غزة الذي يشهد عدوانا متواصلا للشهر السابع على التوالي؟

بداية، أريد أن أوضح أننا حضرنا لمؤتمر رابطة “برلمانيون لأجل القدس” بشكل رسمي في البرلمان الإندونيسي.

إن موقف إندونيسيا على الصعيد الرسمي والشعبي واحد، وهو رفض الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لذلك دستوريا نحن لن نوافق على التطبيع مع إسرائيل ما دامت تحل الأراضي الفلسطينية.

والشعب الإندونيسي ينسق أكبر المظاهرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، فموقف الحكومة والبرلمان والشعب لا يختلف في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأن فلسطين دائما في القلب، والشعب الإندونيسي دائما يسعى إلى دعم الفلسطينيين عبر التبرعات والمطالبة بمنح الفلسطينيين حقوقهم.

هناك تقارير عبرية أشارت إلى عزم إندونيسيا على الموافقة على تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل” مقابل الانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كيف تعلق عليها؟

هذه ادعاءات من قبل إسرائيل للتأثير على الرأي العام العالمي لأن إندونيسيا هي الدولة الوحيدة في جنوب شرق آسيا التي لا توافق على التطبيع، من أجل ذلك تسعى إسرائيل بكل السبل إلى الترويج إلى أن إندونيسيا بدأت بالموافقة على التطبيع، لكن في الحقيقة لا يوجد موافقة أبدا وقد صرح بذلك وزير الخارجية الإندونيسي والنواب في البرلمان أيضا.

هل هناك شروط قد تضعها إندونيسيا في المستقبل لتطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”؟

شرطنا الأول هو أن تتوقف إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني لا سيما النساء والأطفال وكبار السن، ومن ثم الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة لها السيادة دون أي تدخلات إسرائيلية.

كما أننا نطالب بإعلان نتنياهو مجرم حرب بسبب جرائمه بحق الفلسطينيين، ونؤيد في إندونيسيا مساعي جنوب أفريقيا في هذا الصدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى