كيف قدم نتنياهو “استعراضاً” مبكراً للتحكم في مستقبل الطاقة بمصر؟

بعد أقل من شهر على توقيع مصر والاحتلال اتفاقاً جديداً لتصدير الغاز الفلسطيني المحتل، والذي وصفه البعض بالصفقة الأكبر بين الجانبين بقيمة 35 مليار دولار، استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلك الصفقة كورقة ضغط على القاهرة.

في خطوة غير متوقعة، طالب نتنياهو بوقف تنفيذ الاتفاقية دون موافقته الشخصية، وذلك على خلفية تقارير أوردتها وسائل إعلام إسرائيلية تزعم أن مصر انتهكت الملحق الأمني لمعاهدة السلام 1979، وهي خطوة تهدد بتجميد الصفقة، مما يعرض الاتفاق الذي يعد تاريخياً للمخاطر. ومن هنا، يبرز التساؤل: كيف يمكن للطاقة أن تصبح أداة ابتزاز سياسي؟ وما هو الدور الذي تلعبه إسرائيل في تشكيل مستقبل الطاقة المصري؟

التوترات تلوح في الأفق

تم التوصل إلى الاتفاق بين مصر والاحتلال في 7 أغسطس، ليعدّل عقداً مبرماً في 2018، ويضاعف الكميات الموردة من الغاز الإسرائيلي إلى مصر. هذه الإمدادات، والتي كانت تهدف لتغطية الطلب المحلي المصري بالإضافة إلى تصدير بعض الكميات إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية، تسلط الضوء على مدى تعقيد العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل.

إلا أن خلفيات هذه الاتفاقيات لم تكن واضحة تماماً للشعب المصري. كان هناك تضارب في تصريحات المسؤولين المصريين؛ فبينما قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن الاتفاق لن يؤثر على القرارات السياسية، قامت السلطات الإسرائيلية بتجميد الصفقة لأسباب لم تكن متوقعة، مثل نشر تقارير تشير إلى تجاوزات مصرية في شبه جزيرة سيناء، وهو ما يعزز المخاوف بشأن ربط أمن الطاقة المصري بشكل وثيق بالكيان المحتل.

لعبة الغاز الكبرى

تعتبر إسرائيل أن الطاقة يمكن أن تكون وسيلة فعالة للتأثير على سياسات الدول الأخرى، وخاصة عندما تكون تلك الدول في حاجة ماسة إلى الغاز الطبيعي. وبذلك، تصبح إمدادات الغاز سلاحاً في يد تل أبيب تستخدمه لتحقيق أهداف سياسية بعيدة المدى.

تأثير هذا التجميد على الاقتصاد المصري قد يكون بالغ الأهمية، ففي الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى هذه الإمدادات لتغطية الطلب المحلي المتزايد، خصوصاً مع تراجع إنتاجها المحلي من الغاز، يظل السؤال: هل تدرك القاهرة الخطأ الاستراتيجي في الاعتماد على الغاز من إسرائيل؟ وكيف يمكن لمصر أن تعيد تقييم سياستها للطاقة في ظل الضغوط السياسية الإسرائيلية؟

المستقبل: هل سيبقى الغاز سيفاً مصلتاً؟

ينبئ المراقبون أن هناك مستقبلاً مضطرباً قد ينتظر مصر إذا استمرت في ربط أمنها الطاقي بالكيان المحتل. فهذه الصفقات لا تقتصر فقط على توفير الطاقة بل تسهم في تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، وهو ما قد يعرض مصر لتحديات استراتيجية في المستقبل، خاصةً في ظل التحولات الإقليمية.

ختاماً، يمكن القول إن استعراض نتنياهو المبكر كان بمثابة اختبار للمستقبل، حيث يضع الغاز الإسرائيلي في موقع أداة الابتزاز، وهو ما يفرض على مصر إعادة النظر في استراتيجياتها الطاقية بشكل جاد وواقعي، بعيداً عن التأثيرات السياسية التي قد تكون مكلفة في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى