رفض شعبي عارم.. كيف تسبب العدوان الأخير على غزة في تراجع خطط الاحتلال في نشر التطبيع؟
في ظل العدوان الإسرائيلي الغاشم الأخير على قطاع غزة، فشلت خطط الاحتلال في السيطرة على عقول الشعوب العربية والإسلامية للطبيبع معها، وخيانة القضية الفلسطينية، وأيضًا في ظلّ خيانة فلسطين والعرب عبر ما يعُرف بالتطبيع مع الكيان المجرم، بعد أن تحالف حكام بعض الدول العربيّة مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، برعايةٍ أمريكيّة، وبالتزامن مع معلومات حول أنّ العديد من الدول العربيّة، وعلى نحو خاصٍّ الخليجيّة، في طريقها للتطبيع مع العدو الصهيونيّ القاتل، نشرت مُحلِّلة الشؤون السياسيّة في محطة “كان 11” العبريّة، تقييماً لاتفاقيات التطبيع مع تل أبيب في ذكراها الأولى، مُعتمِدةً على مصادر رفيعة جداً في الكيان.
وتحدث التقييم أنّه في أيلول/سبتمبر عام 2020، كانت صور توقيع اتفاقات التطبيع في البيت الأبيض كأنّها تأتي من عالمٍ آخر، بعد أن عوّل رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو بشكل كبير على هذه الاتفاقيات، مؤكّدة أنّ فوائد التطبيع مع تل أبيب كانت منخفضةً بالمقارنة مع التوقعات التي كانت لديها، حيث علقت جميع الأطراف كثيراً من الآمال على هذه الاتفاقيات التطبيعيّة، لكنّه في العام المنصرم من سبتمبر/ أيلول 2020 إلى أغسطس/ آب 2021، تغير الكثير من الأمور، ليس فقط رجال الدولة في الولايات المتحدة والكيان، لكن الجو العام بحسب وصفها مشبع بشعور بالاشمئزاز، دون أن يمنع قرابة ربع مليون صهيونيّ من الطيران والاحتفال في دبي وأبو ظبي، مع صعوبة الترويج لصفقات ماليّة ضخمة، كما يبدو صعبا للغاية إنتاج تعاون أمنيّ، ولا يزال الجميع مشغولين بقضيّة فيروس كورونا.
وبالتزامن مع وجود اتصالات مع عدد غير قليل من الدول العربيّة التي تشمل العمل السريّ خلف الكواليس ومحاولات التطبيع، أشار الرئيس السابق لمجلس الأمن القوميّ، وأحد عرّابي اتفاقيات التطبيع، مئير بن شبات، إلى أنّها المرّة الأولى التي يزور فيها المغرب علانية، بعد إخفائها في ذلك الوقت لاعتبارات أمنيّة، وذهب إلى الكنيس في الدار البيضاء لأداء الصلاة فيه، حيث كان والده الراحل يصلي فيه قبل الذهاب إلى فلسطين المحتلة.
باستثناء الإمارات التي أصبحت “جسداً واحداً” مع الكيان الصهيونيّ، تدرك تل أبيب أنّ علاقاتها مع البحرين أقل شأناً، ويتحدث الصهاينة أنّ وتيرة التطبيع مع المنامة أبطأ من أبو ظبي بكثير، رغم أنّ اتفاقات الطيران والزيارات المتبادلة من القادة وممثلي الحكومتين، لكن شعب البحرين غير معنيّ بخيانة حكامه الخانعين أبداً.
وحول التطبيع مع السودان، الذي دخل حظيرة التطبيع الأمريكيّة مع الكيان الصهيونيّ الغاصب في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ثمناً لدخول القرار الأمريكيّ برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب حيز التنفيذ، بعد أن عرضت إدارة الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، ما يصل إلى 850 مليون دولار لضحايا الهجمات الإرهابيّة وأجبرت الخرطوم على دفعها، فإن تل أبيب تنتظر استقراره السياسيّ للاستمرار بإحراز تقدم في الاتصالات الثنائيّة، بيد أنّ السودانيين يرفضون بالمطلق التطبيع مع الكيان الصهيونيّ المُحتل، ويرونه عدواً كبيراً للمسلمين والعرب والفلسطينيين لأنّه من أكثر الكيانات إجراماً في العالم، ويؤمنون بأنّ خيانة حكومتهم محض صفقة مذلة معزولة تمت في الظلام، وتم استدراج بلادهم إليها رغم أنفهم، في خيانة حكوميّة تحقق نصراً معنوياً وسياسياً لكيان محتل ظالم، وخذلاناً قاسياً لشعب مظلوم.
وبما يخص المغرب، الذي تم تطبيعه مقابل اعتراف واشنطن بسيادة الرباط على الأراضي التي تحتلها في الصحراء الغربيّة التابعة لجبهة “البوليساريو”، فمختلفة بعض الشيء، حيث ينبع الدافع لتوقيع اتفاق العار من مصالح الملك المغربيّ، محمد السادس، فيما يدرك الشعب المغربيّ جيداً حجم التكالب على فلسطين وداعميها من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير “صفعة القرن” التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة.
وبخصوص ما تُسمى “اتفاقيات السلام” التي وقّعها العدو الغاصب مع مصر عام 1979، ومع المملكة الأردنيّة عام 1994، فإنّ الاتفاقيات لم تنفذ بعد على أرض الواقع، ما يبرهن من جديد أنّ الرفض الشعبيّ العربيّ للإساءات التي قامت بها بعض الحكومات كان ولا يزال وسيبقى قائماً، ليمنع تحقيق المخططات الصهيونيّة العدوانيّة، ويقف في وجهها على الدوام.