في ذكرى العيد الوطني البحريني… ألا يستحق الفلسطينيون احتفالاً مشابه؟
في ذكرى العيد الوطني البحريني… ألا يستحق الفلسطينيون احتفالاً مشابه؟
بالأمس، احتفل الشعب البحريني بعيد استقلال بلاده عن الوصاية البريطانية في سبعينيات القرن الماضي، هذه المناسبة المجيدة التي يتم الاحتفال بها يومي 16 و17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، دليل على إيمان الشعب البحريني وحكومته بمعنى الاستقلال والحرية وضرورة النضال ضد أي صورة من صور الاحتلال، وأن السيادة إن لم تكن لأبناء الوطن يجب أن تُحارب مهما كان الثمن.
وبالنظر إلى فرحة المواطنين البحرينيين وهم يجوبون الشوارع مهللين وفخورين بكونهم يعيشون تحت سماء حرة وفوق أرض بحرينية خالصة، يجب أن نتذكر المعاناة الأليمة للشعب الفلسطيني الذي يتجرع مرارتها منذ أكثر من 70 عاماً بعد هيمنة الصهاينة على البلاد واغتصاب أراضيها وتشريد أهاليها، وفوق كل ذلك يسعى بكل أدواته غير المشروعة لتصفية القضية الفلسطينية واستقطاب العرب للوقوف في صف الاحتلال تاركين أشقائهم الفلسطينيين يعانون من الوحدة، ولكنها وحدة الغريب، وليست وحدة التآلف والترابط.
في الواقع، التواجد البريطاني في البحرين لم يكن بدموية ووحشية الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، الذي يرتكب في كل لحظة فظاعات وانتهاكات ضد الفلسطينيين الأبرياء العُزل، ومع ذلك، لم تتوقف المحاولات البحرينية على مدى عقود لانتزاع استقلال البلاد، وسعوا -رغم اعتراف البريطانيين بحكم آل خليفة- للتخلص من السيادة البريطانية المفروضة على أراضيهم، لهذا كيف يُنكر البعض -وعلى رأسهم آل خليفة الذين هرولوا في ذيل الإمارات لتوطيد العلاقات مع أبناء صهيون- على الفلسطينيين رفضهم لصفقات الخيانة المُسماة بتطبيع العلاقات مع الكيان المحتل، أو يستغربوا موقف العرب الشرفاء -الذين هم أغلبية- المؤيد للفلسطينيين والداعم للقضية الفلسطينية، التي تُعتبر قضية وطن بأكمله وليست قضية فردية، بل هو حرب من أجل الهوية، ولن يكن إلا كذلك.
التاريخ البحريني مليء برفض أي ملمح احتلالي، بدءً من البرتغاليين ونهايةً بالإنجليز، كانوا رافضين حتى للخضوع الاسمي أو الشكلي، ولطالما أنجبت البحرين مناضلين أحراراً لم يسعوا إلا للحرية بكل عزة وإباء، ليس فقط على المستوى البحريني، ولكن حتى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، الثقافة الشعبية البحرينية يتأصل فيها معنى العروبة، بل وتربى أطفالها على معنى أعمق، وهو عروبة فلسطين، في كل وقت وكل حين، مثلاً، عند هطول الأمطار من السماء، كانت أصوات الأطفال ترتفع إليها قائلين “طق المطر على الطين، الله يحرر فلسطين”، هل يُمحى هذا التاريخ اليوم لأجل دولة، إن جاز إطلاق عليها دولة، بلا تاريخ ولا ماض حقيقي؟
هل يسعى الملك وحاشيته إلى تغيير ثقافة الشعب وحضارته، بل وحتى نشيده الوطني الذي يتغنى الجميع قائلين “بحريننا.. ميثاقها نهج الشريعة والعروبة والقيم”، أي عروبة وأي قيم يا جلالة الملك التي ستبقى نهج للميثاق بعد التطبيع مع العدو الأزلي، والتخلي والتخاذل عن أشقائنا الفلسطينيين؟ لطالما تجادل الجميع حول ما يستطيع فاقد الشيء تقديمه، البعض أكدوا أنه لا يعطيه، والبعض الآخر صمم أنه أفضل من يعطيه، إلا أن الجميع اتفق أن مالك الشيء بالطبع يستطيع منحه، وذلك هو الفضيلة، أما إن امتنع فهو بخيل جاحد بالنعم أناني، وعليه، في الوقت الذي حصلت فيه البحرين على استقلالها وذاقت طعم السيادة والحرية والاستقلال، كيف تنكر على الفلسطينيين رغبتهم في الحصول على الحق ذاته؟
كيف اتخذ ملك البحرين حمد بن عيسى آل خلفية خطوة التطبيع رغم نضال آبائه لانتزاع استقلال البلاد؟ ألا يستحق الفلسطينيون يا جلالة الملك أن ينعموا بالحرية أيضاً؟ أليس من حقهم السعي لطرد المحتل والحصول على الاستقلال؟ ألا يستحق الفلسطينيون احتفالاً مشابه لاحتفال أبناء شعبك؟
اقرأ أيضًا: زيارة استخباراتية للسودان تكشف عنها إسرائيل وتتجاهلها الخرطوم