فصل جديد في التطبيع.. كيف ستؤثر زيارة بايدن للمنطقة على القضية الفلسطينية؟
علّقت صحف عبرية، على مدى تأثير خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد، على القضية الفلسطينية. وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية في مقال للكاتبة الإسرائيلية نوعا لنداو، أنه جرت العادة خلال مراسم استقبال الرؤساء الأمريكيين في “إسرائيل” على مر السنين، أن تكون مصحوبة بعدة طقوس متكررة منها “التوق الحقيقي أو المزيف للسلام، وسواء كان الرئيس فوق المنصة هو باراك أوباما أو دونالد ترامب، فكلمة سلام دائما تم نثرها بسخاء في هذه الخطابات في كل اتجاه، حتى عندما لم يكن هناك شك بأن الأمر يتعلق ببادرة حسن نية فارغة؛ مجرد ورقة تين”.
وأضافت: “لكن على المنصة في مطار “بن غوريون” أثناء استقبال الرئيس بايدن، كان واضحا أكثر من أي وقت آخر اليأس والتعب الشديد؛ فعليا، بالتحديد في خطاب رئيس الحكومة، يائير لابيد، ممثل “الوسط – يسار” وبعد سنوات من تولي اليمين للحكم، لم يتم ذكر كلمة سلام حتى ولا مرة واحدة، ذكرت: الديمقراطية، الحرية، الصهيونية، التوراة، الهايتك والأمن.. لكن السلام؟ لم يكن هناك أي ذكر له”. وأضافت: “الشيء القريب جدا من هذا كان إشارة لابيد إلى التقارب المأمول مع السعودية، وقال: “سنتحدث حول بناء بنية أمنية واقتصادية جديدة مع شعوب الشرق الأوسط في أعقاب “اتفاقات إبراهيم” (التطبيع) وإنجازات قمة النقب”، وهكذا تم تحويل السلام إلى بنية، ومن الآن يجب عليكم القول بأن إسرائيل تأمل في “بنية معمارية في الشرق الأوسط”.
ونوهت الصحيفة، إلى أنه “في خطاب بايدن في الواقع ذكرت كلمة سلام مرة واحدة، وتم وضع كلمة اندماج في مكانها (“نحن سنواصل الدفع قدما باندماج إسرائيل في المنطقة”)، ولكن السياسة الحقيقية للرئيس الأمريكي بخصوص المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية كشفتها بضع كلمات منفردة، بين قوسين”. وتابعت: “تلعثم خاطف مؤقت، بصعوبة تم فهمه، كشف كل نظريته حينما قال: “سنناقش دعمي المتواصل رغم أنني أعرف بأنه لن يحدث على المدى القريب، لحل الدولتين، الذي بقي في نظري الطريقة الأفضل لضمان المساواة والحرية والازدهار والديمقراطية للإسرائيليين والفلسطينيين”، هذه الكلمات الثماني القصيرة (التسعة بالإنجليزية) أوضحت أكثر من أي شيء آخر إلى أي درجة الإدارة الأمريكية الحالية يائسة من هذه القضية، وكم هي ضئيلة إلى درجة انعدام دافعيتها للانشغال بها، وهي أقل من دافعية أوباما ودافعية ترامب”.
من جهة أخرى، كشف موقع القناة 14 اليمينية أن “حملة دعائية ضخمة وقعها أربعمائة من الحاخامات لمخاطبة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يزور إسرائيل، يحذرونه من تقديم ما وصفوه بـ التنازلات الإسرائيلية، التي تشمل انسحابات من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وطالبوه بعدم إقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل، مع العلم أن الإعلانات الضخمة التي جاءت مكتوبة باللغة الإنجليزية تضمنت مطالبته بإعادة حساب السياسة الخارجية الأمريكية، بأنه لن يتم إنشاء دولة فلسطينية بجانب إسرائيل”. وأضاف الموقع أن “الحملة الدعائية الدينية اليهودية جاءت مرفقة مع رسالة حادة ومفصلة لرئيس الولايات المتحدة بأن ما وصفوه بـ التنازل الإسرائيلي لن يؤدي للسلام والهدوء، بل إلى التدهور وسفك الدماء، على حد زعمهم، لأن الثلاثين عامًا الماضية أثبتت مرارًا وتكرارًا، بما لا يدع مجالاً للشك أن صيغة التنازلات السياسية الإسرائيلية لتحقيق الهدوء أو السلام خطأ مأساوي، وتعبير عن عمى سياسي ساذج”.
وحذر الحاخامات الأربعمائة، وهم من كبار الحاخامات، أن “عملية التفاوض مع الفلسطينيين التي تتضمن تقديم التنازلات الإسرائيلية، تقوي وتشجع بشكل مباشر أعداء إسرائيل للضغط عليها بأي شكل من الأشكال، وتجعلها عرضة للهجمات والمقاطعات الدولية، والتحريض المعادي للسامية، بجانب تعرضها للهجمات الصاروخية، مستندين في ذلك إلى ما هو مكتوب في التلمود والشريعة اليهودية، وتنص على أن أي تنازل للعدو خطر جسيم”.
وتجدر الإشارة إلى أن المواقف الإسرائيلية في السنوات الأخيرة الرافضة لإقامة دولة فلسطينية بدأت تأخذ الطابع الديني اليهودي، بل إن بعض القوى اليمينية الإسرائيلية غير المتدينة باتت تتخفى خلف شعارات دينية تلمودية لرفض أي عملية سياسية مع الفلسطينيين، خاصة وهي ترى أن هناك انزياحا لافتا في الشارع الإسرائيلي لصالح التوجهات الدينية واليمينية. ومع العلم أن هذه الحملة الدعائية الحاخامية اليهودية لمطالبة بايدن بعدم إقامة دولة فلسطينية، تزامنت مع عدم وجود تحمس أمريكي من الأساس لهذه القضية، والاكتفاء بتقديم تسهيلات إنسانية معيشية للفلسطينيين، على غرار السلام الاقتصادي، المتوافق مع توجهات اليمين الإسرائيلي.