عادل الجبير- خير من يدس السم في العسل!
من المؤسف أن يستغل الإنسان أفضل ما فيه لارتكاب أسوأ ما يمكن ارتكابه في هذا العالم: إلباس الحق بالباطل! هكذا دأب عادل الجبير – وزير الشؤون خارجية السعودية- منذ تولى بن سلمان ولاية العهد على استخدام قدرته الفائقة على التحدث بلسان فصيح ومبين، حيث جندته بن سلمان بصورة أو بأخرى لتحسين صورته وشيطنة كل من دونه طالما أنهم ليسوا في نفس الصف.
لطالما عُرف عن الجبير بلاغته الشديدة في بياناته القوية التي دافع بها عن المملكة، وحاول بها صد الهجمات الغربية عن الإسلام حين اتهموه برعاية الإرهاب واحتضان الإرهابيين، لطالما كان لسان الجبير سيفاً قوياً يجابه به كل من ينال من موطنه ودينه وأمته… لكن ومع دخول بن سلمان في المشهد، انقلبت الآية، أصبح هذا اللسان سلاح ذو حدين، مهمته الأولى والأخيرة هي الدفاع عن الباطل والتدليس لأجل تلميع سمعة سيده وإقناع الجميع -زيفاً- بأن ما يفعله ولي نعمته هو الصواب، والصواب وفقط.
في تصريحات مخزية لقناة “عرب نيوز الإنجليزية” تفاخر الجبير بموقف السعودية “المائع” من التطبيع، بدأ حديثه مدافعاً عن حقوق الفلسطينيين، ومؤكداً أن هناك شروط محددة لابد أن تتحقق كي يتم التطبيع، لوهلة سيرى الكثيرون وطنية قوية في هذه التصريحات، لكن الواقع، أنها تحمل في طياتها موافقة بشكل أو بآخر على التطبيع، كأنه يقول: في نهاية المطاف، نحن مع التطبيع، نحن مع الاعتراف بدولة إسرائيل.. نحن نؤيد شرعية وجود إسرائيل!
عاد “الجبير” في حديثه إلى نصف قرن، تباهى بأن بلاده كانت “عنصراً حيوياً في إبعاد العالم العربي عن نقاط الرفض الثلاث، والتي أعلنت في الخرطوم عام 1967 وقالت: لا للمفاوضات ولا للاعتراف ولا للسلام”، من وجهة نظره، رفض المفاوضات مع إسرائيل أمر كان يجب ألا يتمسك به العرب، والاعتراف بإسرائيل عقبة في طريق السلام، ذلك السلام الذي يقتنع أنه ممكن الحدوث مع دولة قامت على دماء الشعب الفلسطيني، على أنقاض حضارة أخرى، على رفات أشلاء الفلسطينيين.
تحدث بطلاقة وقوة عن ضرورة الرجوع إلى حل الدولتين، تلك المبادرة التي قدمتها السعودية أيضاً أكثر من مرة في القمم العربية، يريد إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيلية مجاورة، يرى أن ذلك السلام، رغم أن السلام في الحقيقية لا يمكن أن يتم حتى تعود الحقوق لأصحابها، حتى يعود الفلسطينيين إلى وطنهم، إلى أراضيهم، إلى منازلهم، بمعنى أدق، يجب إنهاء الاحتلال، وتراجع قوات العصابات الصهيونية عن الأماكن التي تسيطر عليها، أي اختفاء ما يسمى “إسرائيل” من الوجود، هذا هو المعنى الحرفي للسلام، وأي معنى آخر هو تمييع للحقائق وتزييف للواقع، وتحايل على العدالة.
بكل أسف، هذه هي عادة “عادل الجبير”، فهو صاحب العبارة الشهيرة بأن خاشقجي قُتل على يد عناصر “مارقة”، مدافعاً عن إمكانية تورط ولي العهد بأي حال من الأحوال في هذه العملية “المارقة”، وهو أيضاً الذي صرح لوسائل الإعلام المختلفة أن لجين الهذلول “تُحاكم لتقديم معلومات سرية لدول معادية” مؤكداً أن جميع حقوقها القانونية محفوظة وأن محاكمتها لا يشوبها شائبة، كان يردد هذه التصريحات وهو مقتنعاً تماماً أنه على حق، أو أن هذا هو “الحق” الذي يجب على الجميع الاقتناع به!
أخيراً، لا يحيك المكر السيء إلا بأهله، و “طباخ السم يوماً ما سيقوم بتذوقه”، وفي حال استمر الجبير في “دس السم في العسل”، وواصل استخدام مهاراته في الشر، فإن الخير لن يكن العاقبة أبداً، كعاقبة كافة الخونة المطبعون.