ضغوط دولية على لبنان.. هل التطبيع مع إسرائيل مطروح على الطاولة؟

في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة، عاد الحديث عن إمكانية تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل إلى الواجهة، وسط نفي رسمي لبناني لوجود أي طلب أمريكي مباشر بهذا الشأن. إلا أن التسريبات والمعلومات المتداولة تشير إلى أن مسؤولين أمريكيين ناقشوا مع قيادات لبنانية وسورية إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، في سياق ما تعتبره واشنطن وحلفاؤها “فرصة مناسبة” لإعادة تشكيل المشهد الإقليمي بعد الضربات التي تلقاها محور المقاومة.

المعطيات والمواقف

  1. الموقف اللبناني الرسمي:
    • وزارة الخارجية اللبنانية نفت بشكل قاطع وجود أي طلب أمريكي رسمي لإجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
    • التسريبات تشير إلى أن مسؤولين أمريكيين ناقشوا الفكرة مع أطراف لبنانية، لكن الرد اللبناني كان رافضًا بشكل صارم.
  2. الموقف السوري:
    • على عكس لبنان، لم تقدم دمشق موقفًا حاسمًا، بل أبقت الباب مفتوحًا للنقاش.
    • إسرائيل، وفق التسريبات، ترى أن الظروف أصبحت مواتية لفرض علاقات طبيعية مع كل من لبنان وسوريا بعد إضعاف محور المقاومة، خصوصًا بعد الضربات العسكرية الأخيرة.
  3. وجهة النظر الإسرائيلية والغربية:
    • تعتبر إسرائيل وحلفاؤها الغربيون أن الظروف الحالية تهيئ الأجواء لتوسيع اتفاقيات التطبيع، مستشهدين بتجارب مصر، الأردن، والسلطة الفلسطينية.
    • واشنطن وتل أبيب تضعان سيناريوهين أمام لبنان وسوريا: إما القبول بالتطبيع أو استمرار الضغط عبر العزل والعقوبات وربما إنشاء منطقة عازلة تمتد من غزة إلى الأردن وسوريا ولبنان.

تحليل السياق الإقليمي

  • ما بعد “طوفان الأقصى”:
    أدت الحرب على غزة إلى موجة رفض شعبي واسعة لأي تقارب عربي مع إسرائيل، ما صعّب فرص نجاح مسار التطبيع مقارنة بما حدث سابقًا مع دول الخليج والمغرب.
  • التغيرات الجيوسياسية:
    • ضعف النفوذ الروسي نتيجة الحرب في أوكرانيا، وتزايد الضغوط على إيران، جعلتا تل أبيب ترى اللحظة مواتية لفرض وقائع سياسية جديدة.
    • استمرار الضغوط الاقتصادية والسياسية على لبنان وسوريا قد يكون جزءًا من سيناريو لإجبارهما على القبول بخطوات تطبيعية تدريجية.

التحديات والعوائق أمام التطبيع

  • الرفض الشعبي اللبناني: المجتمع اللبناني، بمكوناته المختلفة، لا يزال يرى إسرائيل كعدو، ولا توجد بيئة سياسية مواتية لمثل هذا الطرح.
  • موقف حزب الله: أي محاولة لفرض اتفاق تطبيع ستواجه رفضًا قاطعًا من الحزب، ما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري وسياسي داخل لبنان.
  • الانعكاسات على الاستقرار الداخلي: فرض أي شكل من أشكال التطبيع قد يؤدي إلى انفجار داخلي في لبنان، في ظل الانقسام الحاد حول العلاقة مع إسرائيل.

رغم النفي الرسمي، فإن ما يُنقل من كواليس الدبلوماسية يشير إلى ضغوط غربية باتجاه دفع لبنان وسوريا نحو شكل من أشكال التواصل مع إسرائيل، وإن كان ذلك لا يزال في إطار المحادثات غير المباشرة. ومع ذلك، فإن المشهد الحالي في المنطقة، خصوصًا بعد الحرب على غزة، لا يبدو مواتيًا لمثل هذه التحركات، ما يجعل فرض التطبيع أمرًا صعبًا في المدى المنظور، خاصة في ظل المعارضة الداخلية اللبنانية وغياب أي حلول سياسية عادلة للقضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى