سوريا ولبنان على مسار التطبيع؟.. مبعوث ترامب يتحدث عن “تغييرات عميقة”

في ظل التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة، برزت تصريحات جديدة لمبعوث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تلمّح إلى إمكانية انضمام سوريا ولبنان إلى مسار التطبيع مع إسرائيل. تصريحات ويتكوف تأتي في سياق التحركات الإقليمية المتسارعة، وسط تغييرات جيوسياسية تؤثر على مواقف الدول العربية من الاحتلال الإسرائيلي.
تصريحات ويتكوف والتلميحات المتزايدة للتطبيع
خلال فعالية للجالية اليهودية في واشنطن، صرّح ويتكوف بأن “هناك إمكانية لانضمام سوريا ولبنان إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل”، مستندًا إلى عدة عوامل، من بينها:
- الضربات التي تلقتها القوى المدعومة من إيران، في إشارة إلى حزب الله اللبناني ونظام الأسد.
- التغييرات الإقليمية العميقة، التي تعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
- الزخم الذي أوجدته اتفاقيات إبراهيم، التي فتحت الباب أمام عدة دول عربية لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال.
هذه التصريحات تأتي في وقت تصاعدت فيه التكهنات بشأن إمكانية انضمام دول أخرى إلى مسار التطبيع، خاصة بعد الخطوات التي اتخذتها كل من الإمارات، البحرين، السودان، والمغرب.
لبنان والتطبيع: عقبات قانونية وضغوط دولية
رغم ما أشار إليه ويتكوف، يواجه لبنان عدة عقبات تحول دون تطبيعه العلاقات مع إسرائيل، أبرزها:
- القانون اللبناني الذي يجرّم أي تعامل مع إسرائيل، ويعتبرها “دولة عدوة”، ما يجعل أي خطوة في هذا الاتجاه بمثابة خيانة وطنية وفق القانون.
- النفوذ الكبير لحزب الله داخل المشهد السياسي اللبناني، إذ يُعد الحزب أحد أبرز القوى الرافضة للتطبيع، ويعتبر نفسه في صراع مفتوح مع الاحتلال.
- الدعم الرسمي اللبناني لمبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تربط أي تطبيع بانسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إلا أن الضغوط السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان قد تدفع بعض الأطراف الداخلية إلى إعادة النظر في المواقف التقليدية، خاصة مع تزايد الحديث عن إعادة ترتيب الأولويات في المنطقة.
سوريا والتطبيع: بين العداء التقليدي والتغيرات السياسية
لطالما كان النظام السوري في حالة عداء مع إسرائيل، حيث دعم الفصائل المسلحة المناهضة للاحتلال، وعلى رأسها حزب الله. إلا أن التطورات الأخيرة قد تغير الحسابات، ومن أبرز هذه التغيرات:
- الضربات المتكررة التي تعرض لها النظام السوري، والتي أضعفت قدرته على المناورة.
- رغبة النظام في فك العزلة الدولية، حيث قد يرى في التطبيع وسيلة لاستعادة العلاقات مع بعض القوى الغربية.
- غياب موقف رسمي واضح من الإدارة السورية الجديدة، مما يفتح الباب أمام احتمالات مختلفة، خصوصًا في ظل الحديث عن إعادة بناء العلاقات مع بعض الدول العربية.
ورغم أن دمشق لم تعلن عن أي موقف رسمي جديد، إلا أن النظام قد يسعى إلى لعب أوراق مختلفة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، خصوصًا بعد تعرضه لضغوط شديدة خلال السنوات الماضية.
السعودية ومسار التطبيع: معادلة معقدة
رغم الجهود الأميركية لإقناع الرياض بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع، حافظت السعودية على موقفها الرسمي الرافض لأي خطوة من هذا النوع قبل تحقيق حل “عادل وشامل” للقضية الفلسطينية، وفق مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 مقابل التطبيع مع إسرائيل.
إلا أن المباحثات السعودية-الإسرائيلية لم تتوقف، حيث تشير تقارير عديدة إلى وجود اتصالات غير معلنة حول هذا الملف، وسط تكهنات بأن التطورات الإقليمية قد تدفع المملكة إلى إعادة تقييم موقفها في المستقبل.
التحولات الإقليمية: إلى أين يتجه مسار التطبيع؟
التصريحات الأخيرة لمبعوث ترامب تأتي في سياق تحولات كبرى تشهدها المنطقة، حيث تبرز عدة سيناريوهات محتملة:
- انضمام دول جديدة إلى مسار التطبيع، نتيجة الضغوط السياسية والاقتصادية المتزايدة.
- بقاء بعض الدول على موقفها الرسمي الرافض للتطبيع، خاصة في ظل استمرار الاحتلال في سياساته العدوانية تجاه الفلسطينيين.
- استمرار المسار غير العلني للتطبيع، حيث قد تنخرط بعض الدول في علاقات سرية مع الاحتلال دون إعلان رسمي.
بين الضغوط والتغيرات السياسية
بينما تتزايد الضغوط لتوسيع نطاق اتفاقيات التطبيع، تبقى العديد من العوامل الداخلية والخارجية حاسمة في تحديد مسار الدول المستهدفة بهذا المشروع، وعلى رأسها سوريا ولبنان. فهل ستتمكن القوى الرافضة للتطبيع من الصمود أمام هذه الضغوط، أم أن التحولات الجيوسياسية ستفرض واقعًا جديدًا على المنطقة؟
الأيام القادمة ستكشف عن مآلات هذا الملف الشائك، وسط تفاعل إقليمي ودولي متسارع يضع المنطقة أمام تحديات كبرى.