رفضوا الانغماس في مستنقع التطبيع.. كيف ضحى رياضيون عرب بالميداليات والكؤوس من أجل القضية الفلسطينية؟

لا يترك الرياضيون العرب مناسبة إلا ويعبرون من خلالها عن موقفهم بشكل لا يقبل التأويل تجاه مهزلة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، فرفض مواجهة من يحتلون فلسطين وينعمون بخيراتها، أصبح هو السمة السائدة والقاعدة الراسخة رغم سيف التهديد الذي تلوّح به الاتحادات الرياضية الدولية. بكل شجاعة ومسؤولية، انسحب عشرات اللاعبين العرب على مدى العقود الماضية من مواجهة منافسين إسرائيليين، إيمانًا منهم بأن مجرد الوقوف إلى جانبهم أو ضدهم هو اعتراف ضمني بكيانهم الذي يغتصب الأرض ويقتل الشعب الفلسطيني ليلًا ونهارًا بلا حسيب أو رقيب. من الصعب حصر كل اللاعبين العرب الذين رفضوا الانغماس في مستنقع التطبيع، ورفضوا كل الميداليات والكؤوس والمكافآت من أجل التعبير عن موقفهم الأخلاقي والعروبي والإسلامي، لكن يمكن استعراض بعضهم في السطور التالية.

 

كان أبناء الجزائر هم المبادرين إلى الانسحاب من مواجهة المحتلين، وبدأ ذلك عام 1991 حينما رفض بطل إفريقيا في الجودو مزيان دحماني المشاركة في بطولة العالم للجودو في برشلونة بعد أن أوقعته قرعة الدور الأول أمام منافس إسرائيلي. وتكرر الأمر عام 1992 من اللاعب الجزائري نفسه في دورة الألعاب الأوليمبية التي جرت في إسبانيا أيضًا. وفي عام 2003، رفض مصارع الجودو الجزائري عمر رباحي مواجهة منافس من (إسرائيل) في بطولة العالم، ما سمح للأخير بمواصلة المنافسة، فيما خرج رباحي مبكرا منها. كذلك كسب لاعب الجودو وبطل إفريقيا الجزائري فتحي نورين إعجاب الملايين حينما انسحب من دورة الألعاب الأولمبيّة، لتفادي مواجهة لاعب “إسرائيلي”، ليدفع غاليًا ثمن موقفه الأخلاقي والوطني بإيقافه 10 سنوات كاملة، الأمر الذي أجبره على الاعتزال.

 

في عام 2014 ضحى لاعب المنتخب السعودي للجودو، عيسى المجرشي، بحلم مواصلة مشواره في بطولة العالم للجودو في وزن تحت 60 كلم، في روسيا، وذلك بعد رفضه منازلة لاعب إسرائيلي أوقعته القرعة في مواجهته في البطولة. ولاقى موقف اللاعب السعودي استحسان الكثيرين، كما عبّر سعوديون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن إعجابهم بتصرف المجرشي، مؤكدين أنه يعبر عن موقف الشعب السعودي الرافض لمبدأ التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 

وفي عام 2016 ضحى محمد الهادي الكويسح لاعب منتخب ليبيا لرياضة الجودو بحلم تحقيق إنجاز في بطولة العالم التي جرت في العاصمة الكازاخستانية “أستانا”، بعدما انسحب أمام اللاعب الإسرائيلي أريتيوم أرشانسكي أيضًا. وسطّر الكويسح موقفًا رجوليًا لاقى استحسان الكثير من العرب المشاركين في البطولة، معتبرًا أن هذا الموقف جاء من تلقاء نفسه وبإرادة عربية وإسلامية حرة نابعة من قناعته بأن هذا الموقف هو أقل ما يمكن تقديمه لفلسطين. وكان البطل الليبي مرشحًا بشكل كبير للوصول للأدوار النهائية في بطولة العالم وزن 60 كجم، كونه صاحب فضية بطولة إفريقيا، لكنه ضحى بالإنجاز مقابل نصرة القضية الفلسطينية. ورغم أن رياضة “السامبو” حديثة نسبيًا على مستوى الألعاب القتالية المعتمدة، إلا أن الأردني رأفت السراديح خطف الأنظار في بطولة العالم التي جرت بطوكيو قبل حوالي 6 سنوات.

 

ويعدّ السراديح أحد أبطال العرب في هذه اللعبة، لكن قرعة البطولة أوقعته ضد لاعب إسرائيلي، وهو ما جعله يرفض خوض المواجهة مفضلًا الانسحاب. وغادر اللاعب الأردني اليابان فور إعلانه الانسحاب مباشرة، في قرار كان حديث وسائل الإعلام هناك. وأكد السراديح أن قراره جاء تعبيرا عن استنكاره لوجود الاحتلال في الأصل، ورفضه التطبيع معه، عادًا أن مواجهة لاعب إسرائيلي تعدّ اعترافًا بالكيان الصهيوني.

 

في أثناء احترافه بصفوف كلوب بروج البلجيكي وافق حارس مرمى منتخب مصر السابق نادر السيد على السفر إلى (إسرائيل) لمواجهة فريق هابوئيل حيفا في منافسات الدور الأول لبطولة أوروبا للأندية أبطال الكأس 1999-2000، لكنه اشترط عدم المشاركة في المباراة. وقتها لم يكن نادر السيد يحمل جواز سفر بلجيكيًا، ورفض تأشيرة دخول دولة الاحتلال على جواز سفره المصري وبالفعل كانت التأشيرة عبارة عن ورقة خارجية ملحقة بجواز سفره.

 

وفي الدور التمهيدي الثالث، لمسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2013، رفض محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي، مصافحة لاعبي فريق مكابي (تل أبيب)، عندما كان لاعبًا في فريق بازل السويسري، وتعلل وقتها بربط حذائه، وفي نهاية المباراة أسرع صلاح إلى غرفة خلع الملابس دون أن يصافح أو يبدل قميصه مع أي من لاعبي الفريق الإسرائيلي، كما جرت العادة في مثل هذه اللقاءات. ورفض محمد أبو تريكة، نجم المنتخب المصري السابق، المشاركة في مباراة ودية مع نجوم العالم كانت مقررة في سبتمبر 2014، بدعوة من بابا الفاتيكان، بسبب مشاركة لاعب إسرائيلي، واكتفى في تعليقه على الرفض بالقول: “نحن نربي أجيالًا”. وفي 2015، رفض النجم المغربي يونس بلهندة، لاعب نادي دينامو كييف الروسي، السفر للعب في (إسرائيل) مع فريقه، وادعى المرض تفاديًا لإمكانية توقيع عقوبة عليه من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى