رغم زيفه.. الإمارات توثق تاريخ إسرائيل وتروج لثقافتها
رغم زيفه.. الإمارات توثق تاريخ إسرائيل وتروج لثقافتها
“من يحصد الشوك يجني الجراح”.. هكذا لخص الشاعر العربي العظيم أبو القاسم الشابي رحلة كل شرير ومصيره، إن الذي يسعى في الأرض فساداً ستنقلب الأرض عليه وستلفظه وستذيقه ويلات الشر والظلم والخراب الذي حاول بذرهم في جذور التاريخ.
وكالعادة يغرد نظام الإمارات خارج السرب من جديد، محاولاً أن يؤكد أنه بنشوزه سيحقق الرخاء والاستقرار للبلاد، والبلدان المجاورة، وسيساهم في أن يعم السلام ويعيش الجميع في حب ووئام، لكن هيهات أن أي من هذا يمكن أن يحدث طالما يستمر المسؤولون وحواشيهم في سلك طريق الخيانة والخزي والعار، فمن يحصد الشوك يجني الجراح.
بكل الخزي، تباهت وسائل الإعلام الإماراتية بإطلاق مبادرة جديدة لتعميق الحوار الثقافي مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، بمعنى أوضح، تفاخروا بأنهم سيصبحون أداة في يد الدولة الغاصبة كي تروج لتاريخها المزيف وحضارتها الوهمية وتراثها الكاذب، حيث أعلنت شركة «إيمج نيشن أبو ظبي» الإماراتية عن تدشين سلسلة من الندوات بالتعاون مع صندوق السينما الإسرائيلي بهدف تعزيز تبادل المحتوى الثقافي ودعم صناع الأفلام في كلا البلدين، بعنوان «حوار الأفلام: من أب وظبي إلى إسرائيل»، وهو ما علقت عليه وسائل إعلام الاحتلال قائلة “تشكل الثقافة ركيزة أساسية في بناء جسور التواصل بين الدول والشعوب”.
وبحسب هذا المشروع، فإن سلسلة الندوات الإلكترونية المقرر عقدها، ستقوم بالتركيز على عدد من المواضيع الحيوية المتعلقة بمجالات الإنتاج وتطوير الكوادر الموهوبة والإخراج السينمائي في أبو ظبي وإسرائيل، بالإضافة إلى ندوات مستقلة يقدمها عدد من مخرجي السينما لتناول مواضيع متعلقة بتمويل الأفلام الروائية الطويلة.
عُقدت أول ندوة بالفعل في 24 مارس/آذار الجاري، وقد ضمت قائمة المتحدثين فيها عدداً من الخبراء، مثل: هانز فرايكين، رئيس لجنة أبو ظبي للأفلام، وليزا شيلوخ أوزراد، المدير التنفيذي لصندوق السينما الإسرائيلي، وعساف أمير، رئيس أكاديمية السينما والتلفزيون الإسرائيلية، والمخرجون: عبد الله الكعبي وعلي فيصل مصطفى وإيران ريكليس.
وعلى هامش تلك الندوة الإلكترونية، من المقرر أن تنعقد جلسات حوارية مع الجمهور لمناقشة مواضيع الندوة على نطاق أوسع مع هؤلاء المتحدثين، بقيادة ممثلين عن شركة «إيمج نيشن أبوظبي» و twofour54 وصندوق السينما الإسرائيلي.
وتأتي سلسلة الندوات الإلكترونية ضمن اتفاقية إطارية للتعاون الثقافي، تقوم على مبادئ النوايا الحسنة، أبرمتها لجنة أبو ظبي للأفلام مع صندوق السينما الإسرائيلي ومدرسة سام شبيغل للإنتاج السينمائي.
كما سيلقي كل من محمد محمود آل خاجة، سفير دولة الإمارات في إسرائيل، ووإيتان نائيه، ممثل البعثة الدبلوماسية في السفارة الإسرائيلية بأبو ظبي، كلمة رئيسية حول أهمية تعزيز سُبل التعاون في قطاع السينما والتلفزيون بين البلدين.
حتى الآن يصعب على الجميع فهم موقف الإمارات من سعيها الحثيث لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل في كافة المجالات، ربما يفسر البعض تبادل العلاقات في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا الهدف منها تقوية الموقف المالي للإمارات، لكن ما الهدف من تعزيز العلاقات في المجالات الثقافية والاجتماعية، متى تخلت الإمارات عن ثوب العروبة وانتزعت من وجدانها نبض القومية والوطنية؟ من علم هؤلاء الحكام أن لإسرائيل تاريخ وثقافة من الأساس كي يساهموا في نشرها والترويج لها وتعريف المجتمع العربي إليها.
هذه الدولة حديثة المنشأ، والتي لم يكن لها وجود قبل حوالي 70 عاماً، متى أصبح لديها حضارة وتاريخ وتراث وثقافة! التاريخ الوحيد لهذه الدولة هو أنها أُنشأت بعد هجوم مجموعة من العصابات الصهيونية المسلحة على الفلسطينيين وقاموا بطردهم عنوة من منازلهم والاستيلاء عليها بعد تنفيذ أبشع المجازر في حقهم، فأي ثقافة غير الدموية وأي تراث غير الاغتصاب وأي حضارة غير السرقة يمكن أن تمتلكه إسرائيل المحتلة، وتتباهى الإمارات بالترويج له!
المستوطنون في تلك الدولة، ومنذ اليوم الأول لاحتلالهم في 1948، ومساعيهم لا تتوقف في البحث عن أي معلم أو حفرية تدلل على سابق وجودهم في هذا المكان، أي أثر يمكن أن يؤكد مزاعهم حول حقيقة امتلاكهم لهذه الأرض، التي تتحدث بالعربية، وليست بحاجة لأي أدلة كي تثبت أن هواها عربي، وسمائها عربية، وطينها عربي، ونسماتها عربية.
نتساءل، إلى أي جانب سينحاز حكام الإمارات في الصراعات المستمرة بين الفلسطينيين وبين المستوطنين المغتصبين فيما يتعلق بملكية أراضي القدس؟ هل ستساعد الإمارات الإسرائيليين في انتزاع الأراضي من الفلسطينيين؟ تعاونها معهم يؤكد أنها تصدق أكاذيبهم، هل ستساعدهم إذاً في طرد أشقائهم الفلسطينيين من منازلهم في أحياء القدس المتنازع عليها ويدعي الإسرائيليين ملكيتهم هذه الأراضي!
مهما طال الزمان، ومهما سعى هؤلاء الخونة لتثبيت أركان الاحتلال، فإن يوم الخلاص قادم لا محال، وسيستنشق الجميع الحرية قريباً جداً، وستعود الأرض لأصحابها الحقيقيون، ولن يحيك هذا المكر السيء إلا بأهله.
اقرأ أيضًا: هل تحسم اتفاقيات التطبيع بقاء نتنياهو وفوزه على منافسيه؟ .. جولة في آراء الصحف العربية