رغم الحرب على غزة.. الأنظمة العربية تلهث خلف التطبيع

بالرغم من الحرب الإسرائيلية وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، لا تزال الكثير من الأنظمة العربية تبحث عن التطبيع مع إسرائيل.
صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال كلمته في مؤتمر ميونخ للأمن، بأن معظم الدول العربية تؤيد تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأشار بلينكن إلى أن “كل دولة عربية تقريبا تريد دمج إسرائيل حقا في المنطقة لتطبيع العلاقات، إذا لم تكن (الدول العربية) قد فعلت ذلك بالفعل”، وقال إن تطبيع العلاقات سيشمل “ضمانات أمنية والتزامات أمنية” لإسرائيل، التي يجب أن “تشعر بمزيد من الأمان” نتيجة لذلك.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أن الدول العربية “تسعى بجد” إلى إصلاح و”تنشيط” السلطة الوطنية الفلسطينية، التي ينبغي أن تمثل مصالح الفلسطينيين بشكل أكثر فعالية، مضيفا أن الإدارة المتجددة يجب أن تكون “شريكا أفضل لإسرائيل في المستقبل القريب”، مؤكدا أن هذا الأمر أصبح ضرورة حتمية وملحة أكثر من أي وقت مضى.
وقال: “هذا انتقال إلى إقامة دولة فلسطينية توفر أمن إسرائيل وتتحمل المسؤوليات الضرورية”، مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستصبح بذلك “أكثر تكاملا”.
وقبل التفاقم الحالي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أعربت سلطات تل أبيب مرارا عن رغبتها في تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
في 22 سبتمبر 2023، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الطرفين يقتربان من إقامة علاقات دبلوماسية، الأمر الذي من شأنه أن يبشر بعصر جديد من السلام والازدهار في الشرق الأوسط.
وفي يناير 2024، قال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن الدوحة مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بشرط احترام مصالح الشعب الفلسطيني.
وفي سبتمبر 2020، وقع الجانب الإسرائيلي في واشنطن، بوساطة الولايات المتحدة، وثائق حول تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين. وكانت الصفقة الثلاثية تسمى “اتفاقيات أبراهام”. وعقب ذلك، أعلن السودان والمغرب تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقبل ذلك لم تكن لإسرائيل علاقات دبلوماسية إلا مع مصر والأردن بين الدول العربية.
وفي وقت سابق، تشارك الإمارات والسعودية في سياستها الموالية للاحتلال، بتوفير ممرات برية للاحتلال بديلًا للبحر الأحمر، بسبب الحصار الذي يفرضه الحوثيون على الموانئ الإسرائيلية.
وأعلنت مجموعة الشحن الألمانية “هاباج لويد”، أنها ستوفر خطوط نقل برية عبر السعودية والإمارات، للتخفيف من تأثير التوترات في البحر الأحمر على أعمالها وتحركات سفنها.
وأوضحت المجموعة في بيان لها، أنها ستوفر خطوط نقل برية من موانئ جبل علي الإماراتي والدمام والجبيل السعوديين، لخدمتها التي تنطلق من جدة، مشيرة إلى أن هدفها يتمثل بـ”تزويد العملاء بحل مناسب للتغلب على هذا التعطل غير المتوقع حتى يعود الوضع في البحر الأحمر إلى طبيعته”.
وأضافت، أنها ستواصل توجيه سفنها للإبحار حول رأس الرجاء الصالح حتى إشعار آخر، وذلك بسبب هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.
وتابعت: “نواصل مراقبة الوضع ومراجعته باستمرار، وبمجرد أن تتغير الظروف ويصبح الوضع آمناً مرة أخرى ستبحر سفننا عبر البحر الأحمر وقناة السويس”.
وجاء إعلاني “هاباج لويد” بعد ساعات من كشف وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، أن العمل جار على إنشاء “محور لنقل البضائع من الهند عبر الإمارات ومنها إلى إسرائيل؛ للالتفاف على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر”.
وذكرت ريغيف، في بيان نشرته على منصة إكس: “نقوم بإنشاء محور التفافي على الحوثي حيث سيتم نقل البضائع من الهند عبر أبوظبي إلى إسرائيل”.
وأضافت: “قمت بتأسيس فرق محترفة ستعمل على تمكين النقل البري للبضائع من أبوظبي إلى إسرائيل”.
وتقدم “هاباج لويد” خدمات لوجستية عبر جلب البضائع من الموانئ عبر الطرق البرية أو السكك الحديدية، وتقول الشركة إنها تعمل في 55 ميناء و53 محطة برية بمنطقة الشرق الأوسط.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً عسكرياً في البحر الأحمر وخليج عدن، إثر تنفيذ الجيشين الأمريكي والبريطاني ضربات عسكرية ضد أهداف لجماعة أنصار الله (الحوثيين) يوم 11 يناير/كانون الثاني الجاري.
ومنذ ذلك الحين، أطلق الحوثيون عدة صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه سفن أمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، لترد الولايات المتحدة بقصف أهداف للجماعة في عدة محافظات يمنية، كما استهدفت المليشيا سفناً إسرائيلية أو متجهة لدولة الاحتلال.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة عبرية عن اتفاق بين الإمارات و”إسرائيل”، يقضي بإنشاء جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي؛ لـ”تجاوز تهديد الحوثيين” للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر.
وذكرت صحيفة “معاريف”، أنه “في ظل الحرب تم توقيع اتفاق، يتم بموجبه تشغيل جسر بري بين ميناء دبي وميناء حيفا”.
وأضافت الصحيفة أن الجسر البري المزمعة إقامته “يهدف إلى تجاوز تهديد الحوثيين في اليمن بقطع الممرات الملاحية في الطريق إلى إسرائيل”.
ولا يوجد أي تعليق من الإمارات أو “إسرائيل” على هذه المعلومات حتى نشر هذا الخبر صباح الأربعاء، حيث يرتبط الجانبان بعلاقات تطبيع منذ أغسطس 2020، ومهد ذلك الطريقَ لفتح اتفاقيات واسعة بينهما خلال الأعوام الماضية.
وتوعدت جماعة الحوثي مراراً، باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، “تضامناً مع فلسطين”، ودعت الدول إلى “سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن”.
وما بين منتصف نوفمبر ومطلع ديسمبر الجاري، شن الحوثيون هجمات أسفرت احتجاز سفينة “غالاكسي ليدر” الإسرائيلية (19 نوفمبر)، في حين استهدفوا ثلاث سفن تجارية (3 ديسمبر)، وأرغموا عديداً من السفن على تغيير مساراتها.
وأعلنت شركة الملاحة الإسرائيلية “زيم”، تحويل طرق إبحارها من وإلى آسيا، من خلال دوران سفنها حول أفريقيا، تجنباً للهجمات.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن هذا الدوران يعني أنه “تم تمديد مسارات الإبحار لمدة 30 إلى 50 يوماً، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على أسعار المنتجات في إسرائيل ومواعيد تسليمها، ما يمثل ضربة مباشرة للاقتصاد الإسرائيلي”.
وتأتي هذه التطورات، في وقتٍ يواصل الاحتلال الإسرائيلي شن عدوان إجرامي على قطاع غزة تسبب بسقوط أكثر من 56 ألفاً بين شهيد وجريح، منذ الـ7 من أكتوبر الماضي.
ومؤخرًا، كشفت تقارير عن انضمام مصر إلى مشروع الجسر البري بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي نشط عقب استهداف الحوثيين في اليمن السفن المتوجهة إلى الاحتلال، وذلك عبر شركة مصرية تابعة لرجل أعمال يتولى منصب القنصل الشرفي لأيرلندا في مدينة الإسكندرية المصرية .
وأفاد تقرير نشرته منصة “صحيح مصر” عبر حسابها في منصة “X”، أن شركة WWCS المصرية انضمت إلى الاتفاقية، وبناء عليه أصبح هناك مسارًا جديدًا للجسر يمتد من ميناء جبل علي عبر الأراضي السعودية إلى مينائي حيفا وإيلات في دولة الاحتلال، ومنه تمر الشاحنات عبر الأراضي المصرية إلى موانئ بورسعيد والعين السخنة، بعدما كان مسارات الطريق الأخرى تمتد فقط من ميناء جبل علي في الإمارات وحتى مينائي حيفا وإيلات في دولة الاحتلال فقط.
الشركة المصرية وقعت عقدا مع شركة “تراكانت Trucknet” الإسرائيلية لتكون الوكيل الحصري لخدماتها الإلكترونية المقدمة للشاحنات عبر المسار الجديد إلى مصر، كما يقول التقرير.
وحسب مذكرة التفاهم، تعمل شركة WWCS التابعة لشركة هشام حلمي للتوكيلات التجارية والملاحية مع شركة “تراكانت” الإسرائيلية وشركة FZCO Puretrans الإماراتية في تسويق الخدمات الإلكترونية المقدمة للشاحنات على الجسر البري في مصر، بعد مد خطوطه إلى موانئ بورسعيد والعين السخنة.
وبعد دخول شركة “حلمي” على خط الجسر، أصبح هناك امتدادًا لمساراته من مينائي حيفا وإيلات الإسرائيليين إلى مصر عن طريق المعابر المصرية الإسرائيلية حتى موانئ السخنة وبورسعيد، بحسب الموقع الإلكتروني للشركة.
وتعمل شركة هشام حلمي للتوكيلات التجارية والملاحية، المالكة لشركة WWCS في الشحن والتفريغ للسفن، وتقديم خدمات ملاحية للسفن، كما تعمل – حسب إفصاح البورصة – لصالح شركة Trucknet الإسرائيلية في مجال الحلول والخدمات التكنولوجية التي تبسط إدارة مخاطر نقل الحاويات أثناء عملية التتبع والرقمنة.
ويتمثل دور تراكانت وwwcs في إتاحة استخدام خدمات منصة تراكانت Trucknet في تطبيق يُوزع عبر الهواتف المحمولة، لمساعدة سائقي الشاحنات على مسارات الطريق، وتختص الشركة المصرية بالشاحنات التي تمر من إسرائيل إلى مصر.
وبالتالي يمكن لشركات شحن البضائع ومقدمي خدمات النقل العاملة على الجسر الاستفادة من منصة تراكانت لتحسين النقل سواء من مصر إلى موانئ دبي أو العكس.
وبموجب العقد، اتفق الطرفان على أن تعاونهما خلال فترة العقد يجرى على أساس حصري، إذ أن أي وكيل شحن يستخدم طريق الجسر البري إلى مصر، يكون من خلال تطبيق ومنصة تراكانت فقط، كما أن شركة WWCS المصرية هي الموزع الوحيد لتطبيق تراكانت للشاحنات في مصر.
ويتقاسم الطرفان نسبة 20% من الإيرادات المتوقعة من نقل البضائع عبر مسار الجسر البري في مصر.
والاتفاقية بين الشركتين الإسرائيلية والمصرية غير محدودة المدة، لكن يجوز لكل طرف إنهاء العقد عن طريق تقديم إشعار مسبق قبل 60 يومًا من الإنهاء.