حمد آل خليفة .. المطبّع التّابع

حمد آل خليفة .. المطبّع التّابع

اعتبر العاهل البحرينيّ حمد بن عيسى آل خليفة أنّ تطبيع بلاده مع دولة الاحتلال “إنجاز تاريخي يساهم في دفع عملية السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”، والحقيقة أنّ السلام والاستقرار لن يحلّا في المنطقة والإحتلال ماض في سياسته العدوانية وتغوّله الاستيطاني وانتهاك حقوق الشّعب الفلسطيني وضمّ الأراضي الفلسطينيّة و تهجير أهلها؛ لا سلام ولا أمن والقدس مغتصبة، والجولان محتلّة، وغزّة محاصرة، والسجون غاصّة بالمعتقلين ظلما؛ لا سلام ولا استقرار إلاّ بقيام الدّولة الفلسطينيّة وعودة اللاّجئين وتحرير الأسرى.

والأحرى بملك البحرين أن يلتفت لقضايا الأمّة العاجلة فإن خانت المبادئ غيره فالأجدر أن لا تخونه قيم الرّجولة. فهذه فلسطين تستغيث وهذه سوريا تنزف وهذا اليمن يحتضر وهذا السّودان ينجرف وهذه قطر تختنق، وهؤلاء ملايين من السّوريين والرّوهينجيا والإيغور ومن قبلهم من الفلسطينيّين لاجئون، حفاة عراة، يتضوّرون جوعا، يبكون قهرا، يدفعون ثمن جشع حكّامهم، وغطرسة أنظمهتم، وتواطئ زعمائهم، وتخاذل الأمّة في نصترهم.

حمد آل خليفة .. المطبّع التّابع

 واتفاق العار ليس سوى “طعنة” في ظهر القضيّة الفلسطينيّة، وليس له ثقل كبير على السّاحة الدّولية، ولا فوائد اقتصاديّة أو أمنيّة ترجى للمنامة منه، ولن يصرف الانتباه عن سجلّ آل خليفة الفظيع فيما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، خاصة الشّيعة والمعارضين السلميّين الآخرين، بل قد تتسبّب هذه الحماقة السياسيّة في نشوب أزمة داخليّة تضع في فوّهة البركان عرش الملك الذي لطالما كانت قراراته الإقليميّة والدوليّة الرئيسيّة تُؤخذ بما يتوافق مع خطى آل سعود.

آثر العاهل البحريني الخروج عن الموقف العربي التّقليدي بشأن الصّراع الفلسطيني الإسرائيلي، في خطوة واضحة لدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الفارطة، خاصّة بعد أن أبدى منافسه جو بايدن استعدادا لتهدئة الأمور مع إيران وإحتماليّة العودة إلى الاتّفاق النوويّ.

وها هو ترامب يغادر البيت الأسود مهزوما مخذولا وها هو بايدن يستعدّ لتسلّم زمام الأمور، فما مصير الدّكتاتوريّات العربيّة المطبّعة؟ ومن سيدفع ثمن حماقاتها وخياناتها وانجرافها في وحل التّطبيع؟ فبايدن لن يزجّ بنفسه في معارك لحماية مصالح البحرين من التّهديد الإيراني، وقد توعّد بفتح ملفّ حرب اليمن ـــ التي تسبّبت في نشوب بؤس غير مسبوق ـــ، والتّطرق لمقتل الصّحفي جمال خاشقجي ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء وعلى رأسها صاحب المنشار وليّ العهد السعودي، ولن يغفل عن ملفّ حقوق الإنسان في مصر بل كان قد وجّه تهديدا واضحا لديكتاتور ترامب المفضل أن لا صكوك بيضاء “للبلح” في “عهد بايدن”.

حمد آل خليفة ملك البحرين

والحقيقة أنّ هذا التطبيع ليس وليد اللحظة، إنّما هو تطبيع يخرج من السّرّيّة إلى العلن، فاتّصالات المنامة مع تلّ أبيب قد بدأت بشكل سريّ في التّسعينيّات من القرن الماضي. أمّا الخطوات العلنيّة فبدأت بالظهور منذ سبتمبر/أيلول 2016، عندما أشاد وزير خارجية البحرين السابق الشيخ خالد آل خليفة بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بعد وفاته.

ثم في عام 2017 عندما سُمح لوفد إسرائيلي بالمشاركة في مؤتمر للاتحاد الدولي لكرة القدم في المنامة؛ ثمّ في مايو/أيار 2018، عندما أيّد وزير الخارجية البحريني حق إسرائيل في “الدفاع عن نفسها” بعدما قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قصف عشرات الأهداف العسكرية الإيرانية في سوريا؛ ثمّ في عام 2019 عندما اجتمع في أكتوبر/تشرين الأول ممثّلون من أكثر من 60 دولة بما في ذلك دولة الاحتلال في البحرين، لمناقشة الأمن البحري في أعقاب هجمات على ناقلات نفط في الخليج ومنشآت نفطية سعودية؛ ثمّ في عام 2020 عندما رحّبت البحرين باتفاق التطبيع الإماراتي المفاجئ مع الكيان الصّهيوني الغاشم في 13 أغسطس/آب، واصفة إياه بالخطوة “التاريخية”.

ولكنّ في الأمّة رجالا ونساء لن يثني عزمهم تواطؤ شرذمة من الخونة، ولا زالت فلسطين تثق بالشّعوب العربيّة والإسلاميّة، وما فتئت القدس تنتظر هبّة جماعيّة تنفض غبار الاحتلال عن جدرانها، وقد يطبّع كل ملوك العالم ولا يطبّع من تبنّى القضيّة.

فـــإذا الشّعْبُ  يَوْمَاً  أرَادَ   الْحَيَـاةَ       فَلا  بُدَّ  أنْ  يَسْتَجِيبَ   القَـدَر

وَلا بُـدَّ  لِلَّيـْلِ أنْ  يَنْجَلِــي          وَلا  بُدَّ  للقَيْدِ  أَنْ   يَـنْكَسِـر

وَمَنْ  لَمْ  يُعَانِقْهُ  شَوْقُ  الْحَيَـاةِ         تَبَخَّـرَ  في  جَوِّهَـا   وَانْدَثَـر

إِذَا   طَمَحَتْ   لِلْحَيَاةِ    النُّفُوسُ        فَلا  بُدَّ  أَنْ  يَسْتَجِيبَ  الْقَـدَرْ

اقرأ أيضًا: “التقي بأمي وألتقي بأمك” .. العبار يدعو لدعم الصهاينة اجتماعيًا

قم بالتصويت الآن لملك البحرين الشيخ حمد آل خليفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى