بن زايد: شتت شمل العرب.. ولم شمل اليهود
بن زايد: شتت شمل العرب.. ولم شمل اليهود
بحفاوة بالغة، نشرت وكالة الأنباء الإماراتية والصحف الإسرائيلية، الأحد الماضي، أخباراً حول نجاح أبو ظبي في لم شمل أسرتين من يهود اليمن على أراضيها بعد فراق دام لعقدين من الزمان حين تفرقت السبل بين العائلتين في البلاد المختلفة، لأسباب لم تفصح عنها المصادر المسؤولة.
وبحسب المصادر الإعلامية، فإن السلطات الإماراتية تمكنت من لم شمل أسرتين من يهود اليمن، يتكون عدد أفرادهما من 15 فرداً، حيث تم تسهيل سفر “الجد” و”الجدة” والخال من اليمن إلى دولة الإمارات، وكذلك تم اتخاذ التدابير اللازمة لسفر 12 شخصا، بينهم 5 أطفال هم بقية أفراد الأسرة، من لندن إلى الإمارات، ليلتقوا على أرض الإمارات، بعد فراق دام 21 عاما.
هذا الخبر هو الثاني من نوعه خلال أقل من خمسة أشهر، حيث سبق واحتفت ذات الجهات بلم شمل عائلتين من يهود اليمن أيضاً على الأراضي الإماراتية بعد أكثر من 15 عاماً من الفرقة والشتات، إذ تم الإعلان -في أغسطس/آب الماضي- عن جهود أبو ظبي للم شمل أسرة يمنية يهودية مكونة من 5 أفراد من خلال تسهيل سفر “الأب” و”الأم” وطفليهما من اليمن إلى الإمارات ليلتقوا مع باقي الأسرة الذين تواجدوا داخل البلاد بعد فراق دام لأكثر من 15 عاماً.
ليس مستغرباً أن تظهر هذه “اللفتات الإنسانية” بعد إعلان تطبيع الإمارات لعلاقاتها رسمياً مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل على العكس، هذا هو المتوقع من قيادة تسعى لتثبيت أقدام اليهود في الدولة، وتبذل ما في وسعها كي يجدوا الراحة المنشودة تحت سمائها من خلال تيسير كل سبل المعيشة ومراعاة العادات والطقوس الدينية لهم، في وقت يتم فيه اضطهاد المسلمين والتضييق عليهم وحظر إصدار تأشيرات سفر لهم، ومراقبة صاحب كل توجه إسلامي، فكرياً أو سياسياً.
الغريب حقاً، والمثير للتساؤل، هو التبجح في التعامل بازدواجية في المعايير دون خجل أو استحياء، فكيف تتفاخر الإمارات بلم شمل اليهود، وتبذل النفيس والغالي لتحقيق الاستقرار لتلك العائلات، وهي التي قادت حملة تفريق واسعة بين العائلات الخليجية التي يحمل بعض أفرادها الجنسية القطرية، ولم يشفع لهؤلاء لا أخوة الدم والدين والعرق أمام قمع القيادة الإماراتية التي تجردت من المعاني الإنسانية وافتقرت قراراتها إلى الرحمة حين تعلق الأمر بـ قطر!
متى أصبح السعي للم شمل العائلات أمراً مهماً بل وأولوية لدى السلطات الإماراتية، بل وبأي منطق تهتم الإمارات بيهود اليمن، في وقت تقوم فيه بالتفريق بين العائلات اليمنية المسلمة وتؤجر المرتزقة لشن غارات جوية وبرية لتشريدهم في البلاد، وتسن ضدهم إجراءات صارمة تقيد من حرية تنقلهم، وتمنحهم بممارساتها صفة اللاجئين – بعد تدمير أراضيهم ومنازلهم لأغراضها الوقحة.
الأهم من ذلك، لماذا لم يُفتح “دار زايد” الذي احتضن العائلات اليهودية بعد سنوات الفرقة، ليحتضن العائلات الفلسطينية الذين أجبرهم الاحتلال الإسرائيلي على الفرقة على مرأى ومسمع من العالم كله؟
الإعلام الإماراتي ذكر أن لم شمل اليهود على أراضيه يجسد “قيم الإمارات الأصيلة في التلاحم والتآخي والمحبة وصون كرامة الإنسان دون النظر إلى لون أو عرق أو دين”، فأين كانت تلك القيم حين تعلق الأمر بالفلسطينيين المهجرين من أراضيهم، المبعدين عن أوطانهم، الذين فُرض عليهم الشتات بسبب العرق والدين والهوية؟ لماذا لم تتدخل الإمارات لجمع شمل الفلسطينيين على أراضيها أو التصدي لممارسات الاحتلال الوحشية وقوانينه القمعية في عدم السماح للفلسطينيين بلم الشمل.
جهود الإمارات لإعادة جمع تلك العائلات اليهودية على أراضيها جاءت بعد صفقة العار مع الكيان المحتل، والتي بررتها بأنها تهدف في الدرجة الأولى إلى الحفاظ على حقوق الفلسطينيين، فلماذا إذاً، وبعد أن أصبح العدو الصهيوني صديق أبناء زايد، لم يتدخلوا لتغيير مواد قانون “منع لم الشمل” الإسرائيلي الذي يفرض قيوداً صارمة على الفلسطينيين، الهدف الحقيقي من ورائه هو ديموغرافي يسعى للسيطرة على عدد الفلسطينيين داخل اسرائيل حيث يمنع لم شمل عائلات عربية لأن أحد الزوجين من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويستند بصفة أساسية إلى “قانون القومية” الإسرائيلي، الذي سُنّ عام 2018، ويمنح اليهود وحدهم حق تحقيق المصير، ويمنع الفلسطينيين من حق العودة.
أين تلك الجهود المبذولة من حقوق الفلسطينيين المهدرة؟ ألم يكن حري بالقيادة الإماراتية “الأصيلة” أن تكرس جهودها لإيقاف العمل بقانون “منع لم الشمل الإسرائيلي” الذي تدعي سلطات الاحتلال أنه مؤقت يهدف للحفاظ على أمن إسرائيل، على الرغم من أنه معمول به منذ أكثر من 17 عاماً!
بكل أسف، النظام الإماراتي بممارساته تلك مصمم على إهدار حقوق العرب والمسلمين منهم على وجه التحديد، منافساً بذلك دولة الاحتلال الصهيوني في ترسيخ مبادئها القومية العنصرية، ومحفزاً لها على استكمال مخططاتها الشيطانية لتهويد فلسطين.
اقرأ أيضًا: من ثمار التطبيع.. انضمام باحثة إماراتية تنضم إلى صحيفة إسرائيلية