بمشاركة لاعب داعم للاحتلال.. غضب في ليبيا بعد احتفالات في بنغازي وطرابلس
أثارت احتفالات أقامتها حكومتا البلاد شرقا وغربا، في بنغازي وطرابلس، حالة من السخط الشعبي والرفض الديني كون هذه المهرجانات ضد ثقافة وهوية وتدين الشعب الليبي وعاداته وتقاليده.
وأقامت حكومتا عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها دوليا، وأسامة حماد التي تنشط في الشرق، احتفالات ومهرجانات تحت شعار صيف طرابلس وصيف بنغازي بحجة تسليط الضوء على الموروث الشعبي والترفيه العائلي من خلال إقامة حفلات وجلب مطربين من الخارج خاصة من دولة مصر مثل مغني الراب الشهير “ويجز”.
وشهدت الاحتفالات مشاركة اللاعب البرازيلي السابق “رونالدينهو” والمعروف بدعمه لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وقام بجولات داخل مدينة بنغازي وهو يرتدي سلسلة تحمل الصليب، وهو ما لاقى ردود فعل غاضبة كون اللاعب ظهر وكأنه يتعمد ذلك.
وفي حين صمتت حكومة الدبيبة عن الرد على السخط الشعبي والرفض الديني من قبل كثيرين رفضوا إقامة هذه الحفلات، فإن الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد اعتبرت الاحتفالات فرصة لخلق أرض صلبة للتألق والإبداع في شتى المجالات وتسليط الضوء على القيم والموروث الشعبي الليبي، وإظهار عادات وتقاليد الليبيين المتميزة، معتبرة الحدث مناسبة للترفيه العائلي.
من جهتها، رفضت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية مثل هذه التصرفات وحذرت من مهرجانات صيف طرابلس وبنغازي، مؤكدة حرمة هذه المناشط والحفلات الموسيقية، وما فيها من الآثام والذنوب والمجاهرة بالمعاصي، مستنكرة إقامة هذه المهرجانات والحفلات التي تنفق فيها الملايين في الوقت الذي يسعى فيه المصلحون لتضميد جراحات الأمة الإسلامية ونصرة القضية الفلسطينية وما يحدث في غزة.
من جهتها، قامت قوات جهاز الردع السلفية المدخلية، بتحطيم منصة مهرجان صيف طرابلس ومنع إقامة حفلات غناء لأي مطرب بدعاوى أن هذه التصرفات تنشر الفسق والمجون.
وجاءت هذه الحفلات الصاخبة وسط حالة تردّ اقتصادي وسياسي للبلاد لتطرح سؤالا: ما تداعيات هذه الخطوة الدخيلة على الشعب الليبي وما دوافع الحكومتين من هذه المهرجانات؟
وأكد الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع، رمضان بن طاهر أن “جدل المهرجانات والأنشطة الثقافية في ليبيا يعكس حالة التوتر والتناقض الثقافي بين مظاهر الحداثة والتقاليد المحافظة، فمن جهة، تسعى الحكومات المتنافسة في شرق البلاد وغربها إلى تنظيم هذه الفعاليات كوسيلة لإظهار استقرار البلاد وتعزيز صورتها الإيجابية أمام العالم الخارجي، إلى جانب كسب ود وتأييد الشعب، ويلقى هذا الاتجاه ترحيبا من شرائح اجتماعية تتطلع إلى الانفتاح والتجدد الثقافي”.
وأوضح أنه “من جهة أخرى، هناك سخط واسع لدى شريحة كبيرة من أبناء المجتمع تجاه هذه الأنشطة التي يرونها متنافرة مع القيم والعادات الاجتماعية التقليدية، وهذا التناقض الثقافي يطرح تحديًا كبيرًا على المجتمع الليبي في كيفية تطوير الحياة الثقافية والترفيهية وإيجاد التوازن المناسب بين الخصوصية الثقافية المحلية والانفتاح على الثقافات العالمية المختلفة في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية الراهنة”.
في حين رأى المحلل السياسي الليبي، وسام عبدالكبير أن “حالة من السخط والاستهجان عمت الشارع الليبي في غرب البلاد وشرقها رفضا لما سمي مهرجانات الصيف والحفلات المصاحبة لها، وذلك كون المجتمع الليبي مجتمعا محافظا، بالإضافة إلى رفض إنفاق الأموال من الحكومتين على جلب الفنانين والمشاهير في ظل تردي الأوضاع المعيشية والخدمية في البلاد”.
ورأى في تصريحه أن “دوافع الحكومتين في إقامة هذه المهرجانات هي محاولة إعطاء مؤشر عن استقرار الأوضاع الأمنية وأن الشعب يعيش في درجة من الاستقرار والرفاهية.. والرفض ليس لمجرد إقامة مناشط لكن يطالب الجميع أن تتماشى هذه المناشط الصيفية والترفيهية مع الثوابت الإسلامية للمجتمع الليبي”.
الخبير الليبي في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي قال من جانبه إن “الشعب الليبي يعتبر من الشعوب المحافظة لكن الذى يحدث ليس له علاقة بالمحافظة، ففي ليبيا ليس هناك دولة بالمعنى المتعارف عليه.. حتى المؤسسات الموجودة سواء كانت فى الشرق أو الغرب تتخذ فيها القرارات بناء على رأي وتوجه المسؤول عنها وليس فى إطار الدولة”.
وأضاف: “أما هيئة الأوقاف سواء فى الغرب أو الشرق فهي مسيطر عليها من قبل تيار يأخد قرارته طبقا لفتاوى قادمة من الخارج وأصبح يمارس في السياسة، وكل الحكومات الموجودة الآن تحاول جذب هذا التيار الديني والسياسي إلى صفها لتحييده وكسب داعميه”، كما قال.
وتابع: “الحكومات الموجودة الآن تقوم بعمل مهرجانات من أجل حملة انتخابية وإعلامية وترسل رسائل إلى الداخل والخارج بأنها مسيطرة على الوضع، وفي الحقيقة هذه الحكومات تعمل فقط من أجل نهب ثروات الليبيين ولا تمتلك أية رؤية لتأسيس الدولة بالمفهوم المتعارف عليه”.