بعد التطبيع.. تخطيط سعودي لشراء الغاز الإسرائيلي 

في ظل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على غزة.. كشفت تقارير إعلامية عن تطور لافت قد يكون أحد ملامح التطبيع بين السعودية وإسرائيل

أفادت وسائل إعلام عبرية أن هناك دراسة جادة حول إمكانية بيع الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى السعودية، في حال تم توقيع اتفاق تطبيع علني بين البلدين. 

وفقًا لما ذكره وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، فإن هذه الفكرة جاءت من شركة “نيو مد إنرجي”، التي يملكها رجل الأعمال إسحاق تشوفا، والتي تعد شريكة في حقل “لفياثان” للغاز الطبيعي.

الشركة أوضحت أن هناك اهتمامًا كبيرًا من الجانب السعودي بشراء الغاز الإسرائيلي، حيث يمثل هذا الأخير مصدر طاقة نظيفًا وصديقًا للبيئة، وهو ما ينسجم مع رؤية السعودية المستقبلية لتقليل الاعتماد على النفط والتحول نحو مصادر طاقة أكثر استدامة. 

وقد أكد يوسي أبو، المدير العام لشركة “نيو مد إنرجي”، أن شركته كانت على تواصل مباشر مع المسؤولين السعوديين، الذين أبدوا رغبة حقيقية في استيراد الغاز من إسرائيل.

إذا ما تم التوصل إلى اتفاق، فمن الممكن نقل الغاز إلى السعودية عبر البنية التحتية الموجودة حاليًا والتي تربط حقل “لفياثان” بمصر والأردن، مع إضافة خط أنابيب جديد بطول يتراوح بين 30 و40 كيلومترًا. 

هذا التطور قد يكون له تداعيات كبيرة على سياسات الطاقة في المنطقة، خاصة مع رغبة إسرائيل في زيادة صادراتها من الغاز إلى مصر، التي تواجه حاليًا أزمة نقص في الغاز تسبب في انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر.

تتزامن هذه التقارير مع تصريحات لصحيفة “بوليتيكو” الأميركية التي أفادت بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يسعى للتطبيع العلني مع إسرائيل، رغم مخاوفه من ردود فعل الشعب السعودي واحتمالية تعرضه للاغتيال على غرار ما حدث للرئيس المصري الأسبق أنور السادات.

وفقًا للصحيفة، فإن محمد بن سلمان يدرك تمامًا المخاطر المرتبطة بهذه الخطوة، وقد عبر عن ذلك للمشرعين الأميركيين في مناسبات عدة، مشيرًا إلى أنه يخشى أن يتعرض للاغتيال نتيجة للتطبيع مع إسرائيل.

ولي العهد السعودي أشار في محادثاته مع المسؤولين الأميركيين إلى أن إعلان التطبيع يجب أن يترافق مع تقدم حقيقي في ملف القضية الفلسطينية، وهو أمر يعتبره ضروريًا لتهدئة الغضب العربي والإسلامي تجاه إسرائيل، خاصة في ظل تزايد التوترات في المنطقة بعد الحرب الأخيرة في غزة. 

محمد بن سلمان يبدو مصممًا على المضي قدمًا في هذا المسار رغم المخاطر، معتبرًا أن هذه الخطوة ستكون حاسمة لمستقبل السعودية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة.

التفاصيل التي نقلتها “بوليتيكو” تشير إلى أن النقاشات حول التطبيع كانت جادة ومكثفة، وأن ولي العهد السعودي يعي تمامًا المخاطر التي قد تنطوي عليها هذه الخطوة. 

ومع ذلك، فإنه يعتقد أن التطبيع مع إسرائيل هو مسار لا مفر منه لضمان استقرار بلاده وتأمين مصالحها الاستراتيجية على المدى الطويل.

في حال تم التوصل إلى اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، فإن هذا سيكون له تأثيرات واسعة على العلاقات الإقليمية والدولية. تقارير مختلفة أشارت إلى أن الاتفاق المتوقع قد يتضمن التزامات أميركية هامة تجاه السعودية، بما في ذلك تقديم ضمانات أمنية عبر معاهدة، والمساعدة في تطوير برنامج نووي مدني، والاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد.

من جهة أخرى، تشير بعض التقارير إلى أن السعودية قد تحد من تعاملاتها مع الصين كجزء من هذه الصفقة، إضافة إلى إنشاء علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وهي خطوة ستكون لها أصداء كبيرة في العالم الإسلامي بالنظر إلى أهمية السعودية ومكانتها الدينية والسياسية. 

ومع ذلك، تبقى قضية فلسطين نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات. ورغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تبد رغبة كبيرة في تقديم تنازلات حقيقية في هذا الشأن، إلا أن ولي العهد السعودي يصر على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن مسارًا جديًا نحو حل الدولتين. هذا الموقف يعكس فهمًا عميقًا للحساسيات العربية والإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، ويدرك بن سلمان أن تجاهل هذا الملف قد يكون له عواقب وخيمة على استقرار المملكة.

الأمير السعودي يدرك تمامًا أن التحديات التي تواجهه كبيرة، لكنه يبدو عازمًا على اتخاذ خطوات جريئة لتعزيز موقع بلاده على الساحة الدولية. ورغم المخاطر، فإن رؤية بن سلمان للتطبيع مع إسرائيل تبدو جزءًا من استراتيجية أكبر لتحقيق توازن جديد في علاقات السعودية مع القوى العالمية وضمان مستقبلها في منطقة تشهد تغيرات سريعة ومضطربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى