النظام المغربي يغض الطرف عن مطالب الشعب الرافضة للتطبيع

يستمر النظام المغربي في سلوكه التطبيعي مع الاحتلال رغم الرفض الشعبي للتطبيع، وذلك بالتزامن رفض الحكومة المغربية تسلم عريضة وقعها آلاف النشطاء لرفض التطبيع، وبالتزامن مع تظاهرات حاشدة تجتاح المدن المغربية، تضامنا مع أهل غزة، الذين يتعرضون لعدوان وحشي وحرب إبادة جماعية على يد الاحتلال الصهيوني.
ولم تستقبل رئاسة الحكومة عريضة قدمتها “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، حاملة توقيعات أزيد من عشرة آلاف مواطن مغربي للمطالبة بإلغاء “اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل”، و”الإغلاق النهائي لمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط”.
يأتي هذا بعدما قدمت المجموعة، التي تضم أطيافا متعددة الانتماءات من اليمين إلى اليسار، العريضة إلى الرأي العام، في ندوة صحافية احتضنها مقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، في ظلّ القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة الفلسطيني، وقتل أزيد من 20 ألف شخص، من بينهم 10 آلاف رضيع وطفل.
قال عبد القادر العلمي، منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين: “سبق أن وضعنا طلب المقابلة، وأُخبرنا بأنه يمكننا العودة لوضع العريضة، لكن لما ذهبنا اليوم الأربعاء وجدنا جيشا عرمرما من الأمن والسلطة المحلية رفض دخولنا، وللأسف الشديد هذا شيء غير جيّد لبلادنا”.
وأضاف: “العريضة مقدمة في إطار القانون، والمفروض أن يتسلموها. وإذا أرادوا رفض ما تطلبه، فتوجد مساطر قانونية محددة لذلك. لكن أن تنتقل وجوه من نخبة البلاد، من مشارب فكرية وسياسية وثقافية مختلفة، من بينهم النقيب عبد الرحمان بنعمرو ذو 88 سنة، ليقدّموا عريضة وقعها أزيد من عشرة آلاف مغربي، ويجدوا منعا بذلك الشكل، فهذا شيء مؤسف”.
وتابع: “سرنا في إطار القانون، ووفق ما طلب منا عند وضعنا طلب وضع العريضة قبل خمسة أيام، وتسلّمنا منهم الإشعار بالتوصل، وهذا فعل لا يطرح أي مشكل، بل هو في إطار القانون، ثم تبقى مسؤوليتهم بعد تحقّق التوصل، لكن التطويق بالأمن والمنع من الدخول أمرٌ مستغرَب تماما، وما وجدنا إلا قول: اللهم إن هذا منكر”.
وتفاعل مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في ندوة صحافية، مع هذا المستجد، قائلا إن “العرائض منظمة بدستور سنة 2011، الذي أعطى للمواطنين هذه الإمكانية لكي يعبروا عن آرائهم أو قضايا تمسهم عبر ملتمسات وعرائض حول قضايا تنموية أو ملتمسات لوضع تشريعات أو قوانين”.
وذكر بايتاس الذي يترأّس اللجنة الوطنية للعرائض، أن “المفروض هو وضع هذا الطلب لدى اللجنة، بالوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، لكن لم أتوصل برسالة لتحديد يوم لوضع الطلب، ولو تمّ هذا كنا سنتجاوب معه وندرس العريضة في إطار الدستور والقوانين التنظيمية، وسيتم التعبير عن رأي الحكومة في هذا المجال”، مع كشفه وجود تعديلات جديدة لـ”إفساح المجال أكثر لتفعيل العرائض والملتمسات”؛ لأنها “وسيلة حداثية وديمقراطية لتجاوز بعد الصراعات التي يمكن أن تحدث في المجتمع”، قبل أن يختم تعليقه بالقول: “هذا مقتضى دستوري ونحترمه”.
وانتقدت “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، في ندوتها الصحافية التي تلاها الانتقال إلى مقر رئاسة الحكومة، استمرار التطبيع إقليميّا، قائلة إنه يجعل “العدو الصهيوني، ومعه أمريكا، مستفردا بالشعب الفلسطيني تقتيلا وإبادة وذبحا على الهواء مباشرة (…) بالاستهداف الممنهج والمدروس للمستشفيات والمدارس والمنازل والمخيمات والكنائس والمساجد والملاجئ، في عملية إبادة جماعية لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء في غزة التي تعيش أصلا عامها السابع عشر من الحصار المفروض صهيونيا وغربيا، والمرعي من عواصم الجوار العربي المتخاذلة والمتواطئة والشريكة في هذا الإجرام بحق الإنسان الفلسطيني”.
وقالت العريضة، ” إنه “وفقا لمتطلبات القانون التنظيمي 14/44 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، نوجه هذه العريضة إلى السيد رئيس الحكومة المغربية، مطالبين بإلغاء اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل الذي يمعن في ارتكاب جرائم حرب بالجملة ضد الإنسانية، وفي سياسة التهجير القسري والقهر في غزة والضفة الغربية، ويمعن في استهداف القدس والأقصى المبارك، حيث لا يزيده استمرار التطبيع إلا تعنتا وغطرسة.”
وأضافت: “نطالب بالإغلاق النهائي لمكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، والسحب النهائي لمكتب الاتصال المغربي في تل أبيب، استجابة لمختلف العرائض الشعبية الموقعة من طرف النخب الوطنية وهيآت المجتمع المدني سالفا، واستجابة للمطلب الشعبي الذي نادت وما تزال تنادي به الفعاليات الجماهيرية التي عرفتها كل مدن البلاد.”
كما ذكر نصّ العريضة أنها “تأتي في سياق مشتعل غاضب هادر ضد التطبيع، وتأتي أيضا، وهذا له رمزية جد معتبرة، في سياق الذكرى الثمانين لتقديم الحركة الوطنية المغربية لوثيقة عريضة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، وهي المصادفة القدرية التي تجعل من رفض التطبيع يتساوى كليا، وربما أكثر، مع رفض الاستعمار، باعتبار التطبيع مع الاستعمار والاحتلال هو أخطر من الاستعمار نفسه؛ فهو تعبير عن القابلية للاستعمار، بل والركون له وتأبيده.”
جدد المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في المغرب، التأكيد على أن موقف الحزب كان وسيظل دوما ثابتا برفضه للتطبيع مع الكيان الصهيوني ومحذرا من مخاطر الاختراق الصهيوني.
جاء ذلك في بيان ختامي أصدره الحزب اليوم بعد انتهاء أشغال دورة المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) والتي انعقدت تحت اسم “دورة طوفان الأقصى”، وأنهت أعمالها أول أمس الأحد.
وجدد المجلس الوطني مطالبته بإلغاء التطبيع، والدعوة إلى قطع جميع علاقات الاتصال والتواصل والتطبيع مع الكيان الصهيوني ووصفه بـ “الغاصب”، وإغلاق ما يسمى “مكتب الاتصال الإسرائيلي” بالرباط وطرد رئيسه وجميع ممثليه بشكل رسمي، والاستجابة لنبض المجتمع المغربي الرافض للتطبيع.
واستنكر المجلس الوطني ما أقدم عليه ما يسمى مكتب الاتصال المغربي “بتل أبيب” بنشر إعلان مستفز ومعاكس لمطالب الشعب المغربي وللمسيرات والوقفات والفعاليات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، والْمُطَالِبَةِ بقطع كل أنواع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، وفي الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني الشقيق الأعزل للتقتيل والإبادة الجماعية والتجويع أمام استكبار غير مسبوق للكيان المحتل.
وعبر البيان، عن استغراب المجلس الوطني منع الحكومة لمجموعة من الشخصيات الوطنية والنشطاء الجمعويين من ممارسة حقهم الدستوري في تسليم عريضة إلى رئيس الحكومة وقعها الآلاف من المواطنين والمواطنات للمطالبة بإلغاء “اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المحتل”، و”الإغلاق النهائي لمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط”، داعيا إلى الامتثال إلى المقتضيات الدستورية والقانونية والممارسة الحكومية في مجال التعامل مع العرائض وطريقة تسليمها لرئيس الحكومة.
وأكد المجلس الوطني اعتزازه وافتخاره الكبير بمعركة طوفان الأقصى التي قال بأنها “تعتبر منعطفا تاريخيا أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية، وأسهم في وضعها في إطارها الصحيح، وهو إصرار شعب فلسطين البطل والأبي على التحرر من الاحتلال الاستيطاني العنصري الصهيوني الجاثم على الأراضي الفلسطينية منذ 76 سنة، ومواجهة المحاولات المتكررة والماكرة للكيان الصهيوني في سعيه للاستيلاء على المقدسات وعلى رأسها القدس الشريف والأقصى المبارك”.
وشدد على أن هذا الوضع، يستوجب على جميع الدول العربية والإسلامية والشعوب وكافة أحرار العالم، دعم المقاومة الفلسطينية وحقها الثابت والمشروع في مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي كشف عن وجهه الدموي الشنيع.
واستنكر المجلس الوطني تخلف الأنظمة العربية والإسلامية عن تنفيذ ما التزمت به في قمة الرياض بما فيه تحرك اللجنة الخماسية المنبثقة عنها، وكسر الحصار وفتح معبر رفح وإدخال المساعدات الإنسانية والعمل على إقرار وقف إطلاق النار واكتفائها بالتفرج على الإبادة المتواصلة لشعب أعزل.
ودعا عموم الدول العربية والإسلامية وكافة أحرار العالم إلى التحرك العاجل من أجل الوقف الفوري للعدوان الصهيوني على غزة، ووضع حد لجريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني، وتوظيف كافة أشكال الضغط الممكنة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي.
كما دعاها إلى قطع جميع علاقات الاتصال والتواصل والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، أمام هذه الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وتشهد العديد من المدن المغربية، بينها العاصمة الرباط، وقفات تضامنية مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، طالب فيها المشاركون بقطع العلاقات مع تل أبيب ووقف الحرب وإدخال المساعدات.