المغرب بين مطرقة التطبيع وسندان القمع.. من يخون فلسطين ويكمم الأفواه؟

في وقتٍ تحتدم فيه الحرب على غزة وتُرتكب المجازر بحق المدنيين، يواصل النظام المغربي الانخراط في مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني دون اكتراث لصوت الشارع الغاضب أو لصرخات الأحرار الرافضين لهذه السياسات. لم يعد التطبيع في المغرب مجرد خيار سياسي، بل أصبح سياسة ممنهجة، تقابل بالبطش كل من تسوّل له نفسه التعبير عن الرفض أو الوقوف إلى جانب فلسطين.
أولًا: التطبيع في المغرب… من “اتفاق العار” إلى الانخراط الكلي
منذ توقيع اتفاق التطبيع أواخر 2020، تسارعت خطوات الرباط نحو تعميق العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا. لم يعد الأمر مجرد تبادل سفارات، بل امتد ليشمل التعاون العسكري والتقني، وتطبيعًا ثقافيًا وإعلاميًا مفضوحًا.
غير أن الأخطر من ذلك هو تحوّل الدولة إلى أداة قمع في وجه كل صوت يرفض هذه الخيانة. فمجرّد التعبير عن دعم فلسطين أو التنديد بجرائم الاحتلال صار سببًا كافيًا للملاحقة والاعتقال.
ثانيًا: محاكمات سياسية في ثوب قضائي
الحكم على الناشط محمد بستاتي والناشط محمد البوستاني، وكلاهما من جماعة العدل والإحسان، بالسجن بتهم ملفقة، ليس سوى حلقة في مسلسل طويل من استهداف المعارضين للتطبيع. القضاء المغربي يُستخدم اليوم كأداة لإرهاب الناشطين وردع أي تحرك شعبي مناهض للمشروع الصهيوني.
هذه المحاكمات لا تُفهم إلا في سياق عملية سياسية قمعية شاملة، تستهدف خنق الصوت الحر وتحويل أي تعبير عن التضامن مع فلسطين إلى “جريمة دولة”.
ثالثًا: قمع ميداني… واحتجاج لا ينكسر
الرد الأمني على المظاهرات التضامنية مع فلسطين كان عنيفًا وممنهجًا. المحتجون أمام المحكمة نالهم القمع والضرب والسحل، تمامًا كما حدث في مدينة الجديدة، حيث واجه الأمن مسيرات سلمية بالقوة المفرطة والاعتقالات العشوائية.
غير أن الشارع المغربي لم يَخْبُ. بل على العكس، أظهرت مسيرات المدن المغربية مدى عمق الرفض الشعبي للتطبيع، ومدى وعي المواطن المغربي بخطورة المشروع الصهيوني وارتباطه بتفكيك القيم الوطنية والهوية الجامعة.
رابعًا: الجبهة المناهضة للتطبيع… صمود رغم الاستهداف
الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع كانت في مقدمة الصفوف، تدين الأحكام الظالمة وتستنكر القمع الوحشي وتدعو ليوم وطني احتجاجي جديد في ذكرى يوم الأرض الفلسطيني. هذه الجبهة باتت تمثل نبض الشارع المقاوم، وتؤكد أن معركة الوعي لم تُهزم رغم كل أشكال البطش.
خامسًا: تكميم الأفواه وتصفية المجال العام
الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين “همم” نبهت من خطر إغلاق الفضاء العمومي وخنق الأصوات الحرة، محذّرة من أزمة ثقة متصاعدة بين الدولة والمجتمع. استدعاء رموز حقوقية مثل عزيز غالي وحسن بناجح يعكس تصعيدًا خطيرًا في سياسة التخويف والترهيب، ويثبت أن النظام لم يعد يميز بين مناهض للتطبيع وناشط حقوقي، فالكل بات مستهدفًا.
“همم” طالبت بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وعلى رأسهم النقيب محمد زيان ومعتقلو حراك الريف، معتبرة أن ما يحدث ليس سوى مؤشّر على انهيار المنظومة الحقوقية بالكامل.
القمع لا يُلغي الوعي
رغم كل القمع والتنكيل، يصرّ الشارع المغربي على أن فلسطين قضية لا تُباع ولا تُشترى، وأن كل محاولات تكميم الأفواه لن تثني الأحرار عن قول الحقيقة والوقوف في وجه المشروع الصهيوني. الشعب المغربي، بخطابه الشعبي والرمزي، يرفع راية الكرامة في وجه من باعوا القدس مقابل دعم سياسي أو اعتراف بسيادة وهمية على الصحراء.
ما يجري في المغرب ليس فقط خيانة لفلسطين، بل خيانة لشعب بأكمله، يريد أن يبقى حرًا، عزيزًا، وفيًا لقضاياه العادلة.