الكشف عن تمويل إسرائيلي لميليشيات درزية في سوريا.. محادثات سرية تفتح أبواباً جديدة للصراع

أولاً: خلفيات التحرك الإسرائيلي

تكشف المعطيات الأخيرة عن دعم إسرائيلي مباشر لميليشيات درزية في الجنوب السوري عبر توفير الأسلحة والرواتب الشهرية لآلاف المقاتلين، في إطار خطة لتوحيد الفصائل الدرزية المحلية في السويداء. هذه الخطوة لا يمكن فصلها عن استراتيجية تل أبيب الهادفة إلى:

  • خلق قوة عازلة تمنع تمدد قوات النظام أو حلفائه (إيران وحزب الله) نحو الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.
  • تعزيز النفوذ الإسرائيلي جنوب دمشق باعتبار المنطقة جزءاً من أمنها القومي.
  • إدارة صراع منخفض الحدة يضمن بقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة، مع تجنب المواجهة المباشرة مع النظام.

ثانياً: البعد الأمريكي في المعادلة

المصادر العبرية والغربية تشير إلى ضغوط أمريكية متصاعدة للدفع باتجاه صياغة اتفاقية أمنية محدودة بين دمشق وتل أبيب، تشمل:

  • العودة إلى خطوط وقف إطلاق النار لعام 1974.
  • وقف الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا مؤقتاً.
  • تجاهل ملف الجولان المحتل، وهو ما يُعد مكسباً لإسرائيل وخطاً أحمر للنظام السوري.

واشنطن، عبر إدارة ترامب الثانية، تبحث عن “انفراجة دبلوماسية” تُسوّق كامتداد لاتفاقيات أبراهام، لتقديم إنجاز خارجي جديد في ظل تعقّد ملفات المنطقة.

ثالثاً: الحسابات السورية المعقدة

الرئيس السوري أحمد الشرع (وفق التسريبات) يبدو في موقع حرج:

  • يسعى إلى فتح قنوات مع واشنطن لتخفيف عزلة نظامه، وربما للحصول على ضمانات ببقائه.
  • يرفض أي تنازل عن الجولان خوفاً من انهيار شرعيته داخلياً.
  • يتعامل مع الضغوط عبر إظهار مرونة شكلية في الاتصالات السرية، دون استعداد حقيقي لتطبيع أو اعتراف رسمي.

رابعاً: معركة السويداء.. اختبار ميداني

اشتباكات السويداء الأخيرة بين الفصائل الدرزية والعشائر البدوية، والتي خلّفت مئات القتلى، أظهرت هشاشة الوضع الأمني جنوب سوريا.

  • إسرائيل تستغل هذه الفوضى المجتمعية لتثبيت حضورها عبر دعم فصائل محددة.
  • النظام يحاول عبر وزير خارجيته طرح خارطة طريق من سبع خطوات لمعالجة الأزمة، لكن غياب الثقة بين المكوّنات المحلية يحد من فرص نجاحها.
  • الأردن منخرط في الوساطة، ما يعكس مخاوفه من ارتداد الفوضى الأمنية عبر الحدود.

خامساً: دلالات استراتيجية

  1. تحول في أدوات إسرائيل: من الضربات الجوية إلى بناء ميليشيات محلية تعمل كخط دفاع أول.
  2. إعادة إنتاج سيناريو “جيش لحد” في الجنوب السوري، بما يشبه تجربة جنوب لبنان قبل عام 2000.
  3. صراع المصالح بين واشنطن وتل أبيب: بينما تسعى أمريكا إلى اتفاقية تهدئة لتوظيفها دبلوماسياً، تستثمر إسرائيل في إطالة أمد الفوضى لصالح مشروعها الأمني.
  4. معركة الجولان حاضرة بقوة: رفض النظام السوري أي تسوية تتجاهل الجولان يعني أن المفاوضات ستظل هشة ومؤقتة.

خلاصة

التمويل الإسرائيلي للميليشيات الدرزية جنوب سوريا ليس مجرد خطوة تكتيكية، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقسيم الداخل السوري وتحويل الجنوب إلى منطقة نفوذ مزدوجة (أمريكي – إسرائيلي). أما المحادثات السرية الجارية، فهي أقرب إلى مساومة سياسية هشة قد تنهار عند أول اختبار يتعلق بالجولان أو بتوازنات القوى الإقليمية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى