الشعب المغربي يستمر في نضاله ضد التطبيع مع الاحتلال
منذ اندلاع الحرب المتواصلة بقطاع غزة قبل حوالي خمسة عشر شهراً لم تفتُر دينامية الوقفات الشعبية المساندة للقضية الفلسطينية والمناهضة للتطبيع، سواء تلك التي تشهدها عدد من المدن بعد صلاة كل جمعة أو أمام مقر البرلمان بالرباط.
ومساء اليوم الجمعة لمْ تمنع برودة الطقس عشرات الأطر الطبية والصيدلانية المغربية، رجالا ونساءً، من التجمع أمام مقر البرلمان في وقفة شعبية دعماً للأطر الطبية بغزة دعت إليها “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، بتنسيق ومشاركة فعاليات نقابية (أبرزها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ومهنيو قطاع الصحة المنضوون تحت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب المقربة من حزب العدالة والتنمية).
وكعادتها لم تخلُ الوقفة، التي شهدت حضورا نسائيا وازناً، من رفع شعارات ولافتات منددة باستمرار المجازر الإسرائيلية التي يقترفها الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، كما تردد بوضوح مطلب “إسقاط التطبيع” في أكثر من شعار، وفقا لمعاينة جريدة هسبريس.
وحسب “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، فإن هذه الوقفة جاءت “تنديدًا بالهجمة المتوحشة الصهيونية بحق المستشفيات والمراكز الصحية، واستهداف الأطباء والممرضين وكل المنتسِبين للدفاع المدني والإنقاذ في قطاع غزة”، خاصة بالذكر “أطباء وممرضي مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، وعلى رأسهم الدكتور حسام أبو صفية، الذي تم أسره واختطافه بعد اغتيال اِبنه وإحراق المستشفى كاملا”، وهو ما استنكره المنسق الوطني للمجموعة ذاتها، عبد الحفيظ السريتي، في تصريح لهسبريس على هامش الوقفة.
وأضاف السريتي أن “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين خَصصت وقفة الجمعة للقطاع الطبي من أجل التضامن مع الشعب الفلسطيني ومع الأطباء هناك لأن المُجرمين بدؤوا يقصفون المستشفيات ويغتالون الأطباء وكل الأطقم الطبية”، مؤكدا أن “هذه جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب يقوم بها مطلوبون من قبل محكمة الجنايات الدولية”.
وتابع قائلا: “الفلسطينيون الذين نحيّيهم من هنا، من عمق الشعب المغربي بالرباط، سنظل معهُم ومع المقاومة إلى أن تتحرر فلسطين”، مستنكرا بشدة “ذبحهم على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي المنافق، وكذلك الدول العربية المتورطة في هذا الصمت المخزي”.
وهتف المشاركون والمشاركات، خلال أزيد من ساعة من الوقفة التي انتهت بحرق العلَم الإسرائيلي، بشعارات قوية كان أبرزها: “من الرباط إلى غزة.. مقاومة وعِزّة”، “أوقفوا المجازِر.. افتحوا المَعابر”، “فلسطين أمانة.. والتطبيع خيانة”، مبرزين أن حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، الذي اعتقلته القوات الإسرائيلية وطالبت مقررتان للأمم المتحدة بإطلاق سراحه، يعدّ “أيقونة الصمود في وجه الصهيونية النازية العالمية”.
من جانبه ألقى الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، أمين بوزوبع، وكذا عضو بنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كلماتٍ خلال الوقفة نددا فيها بـ”صمت المنتظم الدولي والأمم المتحدة إزاء الاستهدافات المتكررة والمباشرة للمدنيين المرضى الغزاويين في مستشفيات القطاع”، مشيرين إلى أن ذلك يعتبر “تواطؤا في الجرائم المتواصلة بدم بارد من الكيان الصهيوني الغاصب الذي لا يحترم القانون الدولي”.
وعبّرت مداخلات الإطارات الصحية المشاركة عن استنكارها الشديد لاستهداف القوات الإسرائيلية لمستشفى كمال عدوان، معتبرة “تدميره بالكامل وحَرقه واعتقال أطُره الصحية، مع اعتقال مديره، تهديدا كبيرا للكوادر الصحية، التي تسهر على صحة واستشفاء الغزاويين المصابين”، ودعت إلى “تدخل كل المؤسسات الدولية والصحية والإنسانية من أجل إيقاف هذه الإبادة الممنهجة”.
جدير بالتذكير أن الحرب المستمرة رحاها في الدوران بقطاع غزة المحاصر خلّفَت حصيلة رسمية فاقت 45 ألفا و581 قتيلا، فضلا عن مئات الآلاف من المصابين والمفقودين، وفق وزارة الصحة التابعة لـ”حماس”.
وفي سياق متصل، أقرّت الحكومة الصهيونية بأنّ عدد السُيّاح الذين كانوا يزورون المغرب بعد اتفاق التطبيع بين المملكة ودولة الاحتلال تضاءل بشكلٍ كبيرٍ بسبب المعاملة العدائيّة والعدوانيّة للشعب المغربيّ ضدّ الصهاينة الذين يرغبون بالسياحة في المغرب.
ولفت تقرير نشرته القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إلى أنّ أكثر من 97% من سُكّان المغرب أعربوا في استطلاع رأيٍ أجري هناك عن تأييدهم لعملية “طوفان الأقصى”، التي بدأتها حركة حماس في السابع من شهر أكتوبر من العام 2023.
وتابع التقرير العبري، قائلاً إنّه منذ السابع من أكتوبر 2023 بدأ الكثير من الشعب المغربي بكره (الكيان الصهيوني)، واليوم باتت المملكة في الأماكن الخمسة الأولى التي تجري فيها المظاهرات ضدّ (الكيان الصهيوني) ونُصرةً لفلسطين، مُضيفًا أنّ السُيّاح (الصهاينة ) يتلقون معاملة سيئة للغاية، عدائيّة وعدوانيّة، وبالإضافة إلى ذلك، أكّد التقرير، أنّ اليهود الذين ما زالوا يعيشون في المغرب باتوا هدفًا لكلّ المغاربة الذين يكرهون (الكيان الصهيوني)، على حدّ تعبيره.
وأقّرت المصادر الصهيونية الرسميّة، كما جاء في التقرير العبريّ، أنّ السلطات المغربيّة تحاول خفض عدد المظاهرات والعدائيّة لـ(الصهاينة)، ولكنّ جهودها باءت بالفشل، مُوضحًا في الوقت عينه إلى أنّ السُيّاح (الصهاينة) يتعرّضون لمعاملةٍ سيئةٍ من المحليين، الذين باتوا يكّنون العداء لـ(الكيان الصهيوني) بسبب جرائمها في كلٍّ من غزّة ولبنان.
علاوةً على ما ذُكِر أعلاه، شدّدّ تقرير التلفزيون العبريّ على أنّه حتى أحداث السابع من أكتوبر 2023 كانت المغرب تعتبر أكثر الدول الصديقة لـ(الكيان الصهيوني)، إذْ أنّ اتفاقيات إبراهام بين الطرفيْن، والتي وُقّعَتْ برعايةٍ أمريكيّةٍ، قامت بإلغاء تأشيرة دخول (الصهاينة) إلى المغرب، الأمر الذي دفع بمئات آلاف (الصهاينة) اليهود إلى زيارة المملكة المغربيّة، حيث وصل السُيّاح الصهاينة إلى المغرب واستُقبلوا بحرارةٍ بالغةٍ من قبل الشعب، الأمر الذي أدّى إلى تقوية الاقتصاد المغربيّ، على ما نقل التلفزيون العبريّ عن مصادره في تل أبيب.
ولكن، أضاف التقرير أنّ كلّ شيءٍ في المغرب انقلب رأسًا على عقب بعد اندلاع العدوان الهمجيّ والبربريّ الذي ما زالت تشنّه قوّات الاحتلال في قطاع غزّة، وبسرعةٍ كبيرةٍ تحولّت المغرب إلى أكثر الدول عدائيّةً وعدوانيّة لـ(الكيان الصهيوني) والصهاينة.
وتابع التقرير العبري، قائلاً إنّ الرحلات من تل أبيب إلى الرباط ومن المغرب لـ (الكيان الصهيوني) تمّ إلغاؤها فورًا، وأنّ مئات آلاف المغاربة نزلوا إلى الشوارع وشاركوا في المظاهرات ضدّ (الكيان الصهيوني) ونصرةً لفلسطين.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح التقرير أنّ الأمور في المملكة ارتفعت درجة إذْ أنّ العدائية بدأت تُوجّه ضدّ اليهود المقيمين في المغرب، وأسمعت عبارات نابيةٍ وخطيرةٍ مثل: “اليهود سيقومون بطعنكم من الخلف”، كما أنّ إحدى (الصهيونيات) التي كانت تتجوّل بمحاذاة الشاطئ تمّ الاعتداء عليها جسديًا، فيما طُلِب من (صهيونيتين) اثنتيْن أنْ تدفعا الرشوة لسماح لهما بدخول الأراضي المغربيّة، على حدّ قول المصادر العبرية.
وأكّد تقرير القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ أنّه وفقًا لمعلومات وبياناتٍ قامت بجمعها وكالة الأنباء العالميّة (رويترز)، ففقد تبيّن أنّ المغرب باتت إحدى الدول الخمس التي تجري فيها مظاهراتٍ ضدّ الكيان الصهيونيّ وتأييدًا لفلسطين، وذلك على خلفية ما أسماه التلفزيون العبري بالحرب على غزّة. أمّا الدول الأخرى فهي الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، اليمن تركيّا وإيران.
ولفتت القناة إلى أنّه منذ بدء العدوان على غزّة جرت في المغرب أكثر من خمسة آلاف مظاهرةٍ ضدّ (الكيان الصهيوني) والتطبيع معها وتأييدًا لفلسطين، كما جرت مظاهرات ووقفات جماهيريّة بالمملكة تُطالِب بفرض الحظر الكامل والشامل على كيان الاحتلال.
ونقل التلفزيون العبريّ عن مصدرٍ في المغرب، لم يقُم بتسميته، أنّ المظاهرات الغاضبة ضدّ دولة الاحتلال دفعت السكان المحليين إلى مقاطعة منتجات (الكيان الصهيوني)، كما تعرّض العديد من أصحاب شركات المأكولات لتهديداتٍ بالمقاطعة في حال قيامهم ببيع منتجاتٍ مصنعةٍ في (الكيان الصهيوين)، وأضاف المصدر ذاته أنّ الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي تؤيّد إلغاء العلاقات المغربيّة-الصهيونية بسبب الأفعال التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في قطاع غزّة، على حدّ تعبير المصدر.
وأشار التلفزيون العبريّ أيضًا في تقريره إلى أنّ وسائط التواصل الاجتماعيّ ومحطات التلفزة المشهورة في المغرب مجنّدون بشكلٍ كبيرٍ لبثّ الرسائل ضدّ (الصهاينة) وضدّ الدولة (الصهيونية) واليهود في المغرب.
وأوضح التلفزيون العبريّ أنّه في استطلاع رأي حديثٍ تبني 98% من المغاربة موقفًا مؤيدًا للفلسطينيين في مقاومة الدولة العبرية، منهم نسبة متقاربة وضعت هجوم (طوفان الأقصى) الذي شنته الفصائل المسلحة على مستوطنات غلاف غزة في سياق هذه المقاومة، مع اعتبار نسبة مماثلة كذلك ما تلا (الطوفان) إبادة جماعية، وتعبيرها عن رفض التطبيع المغربي مع الكيان الصهيوني.