الشعب المغربي مستمر في نضاله ضد التطبيع مع الاحتلال
رغم إمعان النظام المغربي في تطبيعه المعلن مع الاحتلال، إلا أن الشعب المغربي يخوض معركة الشرف رفضًا للتطبيع، من خلال المسيرات والمظاهرات الحاشدة في المدن المغربية رفضًا للتطبيع، والتي زادت بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة.
خرج الآلاف من المغاربة، الأحد، في مسيرة حاشدة بالعاصمة الرباط، للتنديد بالعدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والمطالبة بإسقاط التطبيع، رافعين شعار: “الشعب المغربي ينادي بصوت واحد: أوقفوا حرب الإبادة..أوقفوا التطبيع”.
وحمل المتظاهرون، الذين جابوا شوارع المدينة منذ الساعات الأولى ، الأعلام الفلسطينية وتوشحوا الكوفيات، استجابة لنداء الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع التي دعت يوم الأحد الماضي، عموم الشعب المغربي إلى المشاركة القوية في المسيرة الشعبية الداعمة لفلسطين والمطالبة بإلغاء جميع اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وردد المحتجون شعارات داعمة لفلسطين وللمقاومة التي تكافح من أجل الحرية والاستقلال مثل: “تحيا فلسطين”، “غزة غزة، رمز العزة”، “كلنا غزاويون” ، “النصر لفلسطين” و “أطفال غزة في العيون”.
كما جدد المتظاهرون، مطالبهم الملحة بضرورة إسقاط التطبيع وإلغاء جميع الاتفاقيات “الخيانية”، التي أبرمت ضد إرادة الشعب المغربي الرافض لأي علاقة مع الكيان الصهيوني المحتل، وصدحت حناجرهم مطولا ب “الشعب يريد اسقاط التطبيع”، “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة” و “لا للتطبيع، فلسطين أمانة وليست للبيع”.
كما احتشد آلاف المغاربة، الأربعاء، أمام البرلمان بالعاصمة الرباط للتنديد باستمرار عدوان الاحتلال الصهيوني على غزة منذ السابع أكتوبر الماضي، وللمطالبة بإنهاء جميع الاتفاقيات التطبيعية مع هذا الكيان المحتل الذي يمعن في انتهاك القانون الدولي ويعرض الأمن والسلم الدوليين إلى الخطر.
وردد المتظاهرون الغاضبون، شعارات منها “الشعب يريد إسقاط التطبيع”، و “المقاومة أمانة والتطبيع خيانة”، و “يا للعار يا للعار الصهيوني وسط الدار”، وذلك من أجل إسماع صوتهم المطالب بضرورة إسقاط التطبيع وفك الارتباط مع الصهاينة، والمؤكد على الموقف الداعم للقضية الفلسطينية.
كما حملوا لافتات تطالب بإغلاق ما يسمى ب “مكتب الاتصال الصهيوني” في المغرب وإلغاء ما يسمى ب “مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية- الصهيونية”، وهي المجموعة التي عرفت الكثير من الانتقادات عند تكوينها في مجلس النواب. وقال رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أحمد ويحمان في تصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية على هامش الوقفة، إن “التطبيع مع الكيان الصهيوني قد سقط شعبيا بدليل المسيرات المليونية والوقفات الحاشدة اليومية” التي تطالب المخزن بإسقاط التطبيع، مشددا على ضرورة إسقاطه رسميا عبر إغلاق ما يسمى ب “مكتب الاتصال الصهيوني” وإلغاء اتفاقيات التطبيع.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تاريخ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، تتواصل بالمغرب المسيرات الشعبية الحاشدة، المتضامنة مع فلسطين والمناهضة للتطبيع، رغم القمع الأمني في بعض المدن، وسط انتقادات لاذعة للموقف الرسمي مما يحدث في غزة، وبيانات الخارجية المغربية التي تساوي بين الشهداء الفلسطينيين والمحتلين الصهاينة.
وفي سياق متصل، قال عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن حزبه أخطأ بتوقيعه اتفاق التطبيع مع إسرائيل لكن ذلك لا يعني أنه مع التطبيع.
وأوضح في مهرجان خطابي لدعم فلسطين، بمسرح محمد الخامس بالرباط، نظمه حزبه، “ارتكبنا خطأ التوقيع على التطبيع ولكن لا يعني أننا مع التطبيع ولا يمكن أن نكون مع التطبيع” مضيفا أن الدولة لها اكراهاتها ونساند بلدنا”.
وأضاف ابن كيران، “كيف ننتظر الخير ممن يقتل الأطفال، والنساء ويدمر”.
وتحدث ابن كيران عن بطولات حركة حماس التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وقال “لو كان لبوتين رئيس روسيا عناصر في الجيش من مثل كتائب القسام لانتهت أوكرانيا .. ولو كان لأوكرانيا عناصر مثل شباب القسام لحسمت المعركة في جزء من روسيا”.
كما تحدث عن استدعاء السفير الفلسطيني للتحدث في المهرجان قائلا ” نحن لا نفرق بين الفلسطينيين ونريدهم موحدين في هذه المرحلة الصعبة”.
وفي سياق متصل، توقع تقرير لمجلة “World Politics Review” الأمريكية أن يخلف استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة أثرا عميقا في علاقات الرباط وتل أبيب، وبالتالي إضعاف العلاقات بين البلدين، مع ما يعنيه ذلك من تجميد للتطبيع أو تراجع عنه.
وأشار المصدر إلى أن العلاقات المغربية الإسرائيلية باتت تواجه تحديا كبيرا يتمثل في كون أغلب المواطنين المغاربة يساندون تقليديا القضية الفلسطينية، مسجلا أن “انخراط الرباط في اتفاقيات أبراهام وتطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه، كان بالنسبة للسلطات المغربية ‘مبادرة تستحق المخاطرة’، حيث جعلت المملكة من تثبيت سيادتها على أقاليمها الجنوبية هدفا رئيسيا لسياستها الخارجية”.
وأوردت المجلة عينها أن “الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء أصبح متأصلا في رسائل وخطابات الدولة المغربية، إذ اعتاد الدبلوماسيون الأجانب تلقي توبيخات شديدة اللهجة من المسؤولين المغاربة في أي وقت يتبنون أدنى قدر من التحفظ حول وحدة أراضي المملكة”، موضحة أن “اختيارات المغرب علاقة بقضية الصحراء وعلاقاته مع إسرائيل كانت حتى الـ7 من أكتوبر لا يمكن التشكيك فيها”.
وأشار التقرير ذاته إلى أن “المغرب نجح قبل الحرب الحالية في جعل الروابط مع إسرائيل حقيقة لا تقبل الجدل”، مذكرا في الوقت ذاته بـ”التوبيخ الملكي لحزب العدالة والتنمية حينما اتهم عبد الإله بنكيران وزير الخارجية المغربي بالانحياز إلى تل أبيب في مارس الماضي، إذ أكدت المؤسسة الملكية أنه لا ينبغي استخدام هذه القضية لتحقيق مكاسب سياسية”.
وانطلق المصدر ذاته في استعراض التحولات التي طرأت على العلاقات المغربية الإسرائيلية منذ نهاية عام 2020 إلى حدود بداية شهر أكتوبر الماضي، إذ تبادل البلدان زيارات على أعلى المستويات، قبل أن يصل الأمر إلى اعتراف تل أبيب بمغربية الصحراء، ما فتح المجال حينها إلى إمكانية زيارة بنيامين نتنياهو إلى الرباط؛ قبل أن يؤكد أنه “في السياق الحالي، ونظرا للأزمة الإنسانية الحالية في غزة، فإن التطبيع بين البلدين يبدو أنه سيتجمد وقد يصل الأمر إلى حد التراجع عنه ووقفه”.
وأشارت المجلة، إلى “سماح السلطات المغربية بتنظيم الاحتجاجات والمظاهرات التضامنية مع فلسطين، حيث داست أقدام المتظاهرين على الأعلام الإسرائيلية والأمريكية، ورددوا شعارات ضد التطبيع مع تل أبيب”، لافتة إلى أن “الرباط لم تعد أمامها سوى خيارات قليلة، كالأمل في أن ينتهي الصراع قريبا، إذ يبدو أن المغرب يعول على نهاية مسيرة نتنياهو السياسية مع نهاية الحرب، وبالتالي إعادة التأكيد على حقيقة الروابط التاريخية مع الجالية المغربية في إسرائيل، بشكل يتجاوز سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية”.
وشددت المجلة عينها على أن “كل شيء يتوقف بالنسبة للمغرب عند المدة التي سيستمر فيها الهجوم الإسرائيلي”، موضحة نقلا عن أحد المحللين أنه “من المستبعد أن تنهي الأزمة الحالية مسلسل التطبيع المغربي الإسرائيلي؛ غير أن ذلك لن يحدث إلا إذا كانت الحرب قصيرة، أما إذا استمر الهجوم لأشهر مع ارتفاع أعداد الضحايا فإن ذلك سيضع الدولة المغربية في موقف حرج قد يؤثر على التطبيع، بل وقد يؤدي إلى التراجع عنه”.