الروائي التونسي كمال الرياحي.. ثراء بالمال الإماراتي مقابل التطبيع
الروائي التونسي كمال الرياحي.. ثراء بالمال الإماراتي مقابل التطبيع
في المشهد الختامي الشهير بالفيلم المصري “إبراهيم الأبيض”، استغرب البطل الذي كان يؤدي دوره الفنان أحمد السقا، إقدام صديقه عشري، الذي كان يؤدي دوره الفنان عمرو واكد، على خيانته مقابل خمسة آلاف جنيها فقط.. وكأن أمر الخيانة نفسه بات مفروغا منه، والعتاب الآن صار على الثمن البخس، ولسان حاله يقول: ما دمت بائعا، فاقبض ثمنا مستحقا!
هذا المشهد بحذافيره يتجدد الآن في الساحة الثقافية في تونس، بعدما ثار سجال واسع بين أدباء ومفكرين حول جريمة التطبيع الثقافي مع إسرائيل، وأشعل شرارتها مدير مؤسسة حكومية مغمور، تحول فجأة إلى ثري عربي بأموال إماراتية، مقابل ماذا؟ التطبيع مع إسرائيل!
بدأت القصة قبل نحو أسبوعين، حين نشر الروائي التونسي، مدير “بيت الرواية” كمال الرياحي عبر صفحته على فيسبوك، مقالا نشر في صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية يتحدث عن روايته “المشرط”، وعلّق عليه: “مقالة نقدية جميلة حول روايتي”.
أثار “تفاخر” الرياحي غضبا في أوساط المثقفين التونسيين، إذ استنكره كثيرون بشدّة، معتبرين أنه يدخل في خانة التطبيع الثقافي مع إسرائيل، خصوصاً بعد ترجمة روايته “المشرط” إلى اللغة العبرية. وسارعت “رابطة الكتاب التونسيين الأحرار” (غير الحكومية) إلى إصدار بيان عبّرت فيه عن صدمتها مما “أقدم عليه مدير مؤسسة تابعة لوزارة الثقافة التونسية من تبجّح وتفاخر بمقالة بائسة نشرتها عنه صحيفة صهيونية رسمية تعدّ من الأذرع الإعلامية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، واحتفت في أكثر من مناسبة بالتوسع الاستيطاني للاحتلال وانتصاراته الدموية المخزية على شعب أعزل”.
وعلى إثرها، حذف الرياحي تدوينته على فيسبوك، ونشر فيديو أكد فيه أنه لم يتواصل مع أي مؤسسة إسرائيلية، وأن الترجمة تمّت برغبة الكاتبة والمترجمة الفلسطينية ريم غنايم. ولاحقاً، رضخ للضغوط وأقفل صفحته الفيسبوكية.
هرولة للتطبيع
رئيس “رابطة الكتاب التونسيين الأحرار” الأديب جلول عزّونة، طالب بإعفاء الرياحي من مهامه على رأس مؤسسة “بيت الرواية” الحكومية. ودعا إلى ضرورة تقديم مشروع قانون يمنع التطبيع الثقافي مع إسرائيل، وعرضه على مجلس نواب الشعب.
ولاحظ عزّونة “هرولة رهيبة ومريبة للتطبيع من قبل الجامعيين والكتّاب التونسيين والعرب نحو تبييض التعامل مع إسرائيل تحت أغطية مختلفة”. وذكّر بموقف الكتّاب التونسيين الأحرار من القضية الفلسطينية المبدئية، والذي ينبذ جميع أشكال العنصرية والتمييز بين الأديان، مؤكداً أن “هذا الموقف المبدئي يتماشى مع ما عودنا به الكتّاب قديماً وحديثاً وفي كل الأمم، وهو المتمثل في الانحياز المبدئي لكل القضايا”.
وأشار إلى وجود مبادرات تونسية فردية في ما يتعلق بالتطبيع الثقافي، من خلال مشاركة بعض المثقفين في ملتقيات عالمية تحضرها وفود إسرائيلية، من دون تقديم أمثلة على ذلك، لافتا إلى أن الوفود التونسية كانت تنسحب (سابقاً) من حضور مثل هذه المنتديات.
واستشهد عزّونة بموقف وزير الخارجية التونسي المنجي سليم، الذي انتُخب بالإجماع رئيساً للجلسة العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 1961، والذي رفض يومها مصافحة وزيرة الخارجية الإسرائيلية غولدا مائير عندما اقتربت منه لتهنّئه.
حملة للمقاطعة
الشاعرة والروائية التونسية فضيلة الشابي، فعبّرت عن رفضها القاطع “لأي تطبيع، سواء كان سياسياً أو ثقافياً مع هذا الكيان الفاشي”. وألغت الشابي لقاءً كان مخصصاً لها لتتويج مسيرتها الأدبية كان مبرمجاً يوم 5 مارس الجاري في “بيت الرواية” الذي يديره الرياحي؛ لرفضها “التعامل مع هذا الكاتب المطبّع مع الكيان الصهيوني”، بحسب تعبيرها.
وأكدت أن الرياحي سقط في مستنقع التطبيع الثقافي مع إسرائيل بقبوله ترجمة روايته إلى اللغة العبرية. وتابعت الشابي، المعروفة بنصرتها للقضية الفلسطينية، أن “أناسا مثل هؤلاء لا يستحقون أن يديروا فضاءات ثقافية مهمة، هناك من يستحقون تلك المناصب أفضل منهم”. وأضافت: “لي ثقة بالمسؤولين الشرفاء ليتخذوا قرارات بإقالة الرياحي من منصبه”. وأكدت أنها “ضد التطبيع الثقافي مع إسرائيل الذي احتل فلسطين واغتصب أرضها وقتل شعبها وظل الاحتلال الوحيد في كوكب الأرض”.
وحادثة الرياحي لم تكن الأولى في تونس، إذ سبقتها حوادث أخرى لمحاولات التطبيع مع إسرائيل، لعل أبرزها مشاركة الفنان نعمان الشعري في عمل مع الفنان الإسرائيلي زيف يحزقيل بعنوان “سلام الجيران” (أواخر 2020)، إضافة إلى مشاركة عدد من الفنانين التونسيين في حفلات بإسرائيل، مثل قاسم كافي (2018)، ومحسن الشريف ومنصف عبلة (2019).. وهو ما قوبل برفض شعبي جارف.
اقرأ أيضًا: وجوه العار تتكشف.. أديب تونسي يخطو في وحل التطبيع والخيانة