الحراك المدني المغربي ضد التطبيع الصهيوني.. الأبعاد والتداعيات

يتواصل الحراك المدني المغربي المناهض للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في إطار موجة رفض شعبية متزايدة تدعم القضية الفلسطينية وتؤكد موقف المغرب الراسخ في رفض الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الاستعمارية. هذا التحرك يتجلى في وقفات احتجاجية، بيانات تصعيدية، وحملات تضامنية يقودها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، والتي تعمل على إسقاط الاتفاقيات الموقعة مع الكيان المحتل، باعتبارها تتناقض مع الإرادة الشعبية وتشكل دعمًا مباشرًا لسياسات الاحتلال القمعية، لا سيما في ظل التصعيد العسكري المستمر في غزة والضفة الغربية.
1. الحراك الشعبي المغربي ضد التطبيع: سياق متصاعد
يأتي هذا الحراك في وقت يشهد العالم تحولات جيوسياسية خطيرة، مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين ومحاولات تهجير سكان غزة قسرًا. وفي هذا السياق، نفذت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع عدة أنشطة تضامنية، من بينها وقفات احتجاجية تندد بجرائم الاحتلال وتطالب بإلغاء الاتفاقيات الموقعة بين المغرب وإسرائيل.
عبد العاطي ربيعة، القيادي في الجبهة، أكد أن التحرك المغربي جزء من استراتيجية أوسع، توحدت فيها مختلف المنظمات الوطنية بهدف رئيسي وهو إسقاط التطبيع، مشددًا على أن استمرار هذه الاتفاقيات يشكل دعمًا غير مباشر لحرب الإبادة التي تستهدف الشعب الفلسطيني. كما أشاد بصمود المقاومة الفلسطينية، رغم الخسائر البشرية والمادية التي تعرضت لها.
2. تداعيات السياسة التطبيعية المغربية
أدان نشطاء الحراك استمرار الحكومة المغربية في تعزيز علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم الغضب الشعبي الواسع. ومن بين أبرز المؤشرات التي تعكس هذا التعاون:
- رسو سفن متجهة إلى إسرائيل في ميناء طنجة.
- مشاركة الاحتلال الإسرائيلي في معرض “أليوتيس” بأكادير.
- زيارة وزيرة النقل الإسرائيلية إلى مراكش، ما أثار ردود فعل غاضبة بين مناهضي التطبيع.
- الاحتجاج الرسمي الذي قدمه دافيد غوفرين، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، على إحراق علم إسرائيل خلال التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وهو ما اعتبر استفزازًا لمشاعر المغاربة.
الجبهة اعتبرت هذه التحركات خيانة للقضية الفلسطينية، وطالبت بوقف أي شكل من أشكال التعاون مع الاحتلال، محذرة من انعكاسات سياسية وأمنية خطيرة على استقرار المغرب والمنطقة.
3. مناهضة التطبيع: بين الواجب الوطني والبعد الإنساني
سيون أسيدون، الناشط الحقوقي المغربي المناهض للصهيونية، شدد على أن مناهضة التطبيع ليست فقط مسؤولية وطنية، بل واجب إنساني، معتبرًا أن الاتفاقيات مع إسرائيل تمثل خيانة للعدالة والقيم الإنسانية. وأكد أن الجبهة تعمل منذ تأسيسها على تعزيز وحدة الصف الوطني ضد الاحتلال، رغم اختلاف توجهات أعضائها السياسية.
كما أصدرت الجبهة بيانًا أدانت فيه بشدة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في انتهاك حقوق الفلسطينيين، واعتبرت أن ما يحدث في غزة والضفة الغربية هو حرب إبادة جماعية مدعومة من الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى. وأكد البيان فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه، خاصة فيما يتعلق بـتهجير سكان غزة أو القضاء على المقاومة الفلسطينية.
4. الحراك المغربي في سياق المقاومة الإقليمية
الاحتجاجات المغربية ضد التطبيع لم تكن معزولة عن السياق الإقليمي، حيث أشاد الحراك بمواقف اليمن ولبنان والعراق في دعم المقاومة الفلسطينية، مثنيًا على التضحيات التي قدمتها جبهات الإسناد العربية. كما أشار عبد العاطي ربيعة إلى أن التحولات السياسية العالمية، خاصة مع صعود اليمين المتطرف في الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، قد تؤدي إلى مزيد من الأزمات والحروب، مما يعزز الحاجة إلى وحدة الصف العربي ضد السياسات الاستعمارية.
5. القمع الداخلي للمناهضين للتطبيع
لم يقتصر التصعيد على تعزيز العلاقات الرسمية مع الاحتلال، بل امتد إلى محاكمة واعتقال ناشطين مغاربة مناهضين للتطبيع، وهو ما أثار استياءً واسعًا بين الحقوقيين. فبينما تسمح الحكومة بالتعامل مع الاحتلال على المستوى الرسمي والاقتصادي، تواجه الأصوات المناهضة لهذا النهج قيودًا وتضييقات أمنية، ما يثير تساؤلات حول الحياد الرسمي المغربي بين دعم فلسطين والانخراط في اتفاقيات مع إسرائيل.
هل ينجح الحراك المغربي في إسقاط التطبيع؟
يبدو أن الحراك المغربي المناهض للتطبيع يتجه نحو التصعيد، مدفوعًا بالغضب الشعبي والمجازر الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين. ومع استمرار الحكومة في تعزيز تعاونها مع الاحتلال، فإن الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تواجه تحديات كبرى في تحقيق هدفها المتمثل في إلغاء الاتفاقيات التطبيعية. ومع ذلك، فإن الزخم الشعبي والتنسيق مع حركات المقاومة العربية قد يشكلان ضغطًا حقيقيًا قد يجبر السلطات على إعادة النظر في سياساتها، خاصة إذا استمرت الاحتجاجات الشعبية واتسعت رقعتها.