الجامعة العربية .. أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ

الجامعة العربية .. أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ

“أمين جامعة الدّول العّربية الحاليّ لا يستطيع أن يقول لأيّ دولة أن تطبّع أو لا تطبّع مع إسرائيل، ولا يستطيع أن يقول لأيّ دولة أن تحارب إسرائيل”، هكذا حسم الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى، الجدل حول موقف الجامعة من تسونامي التّطبيع الذي يضرب العالم العربي.

 تصريح يحمل في طيّاته تأكيدا بأنّ الجامعة ــ التي تأسّست بالأساس لضمان وحدة الصّفّ العربي ــ قد فقدت، ومنذ حين، وزنها، وعجزت عن اتّخاذ موقف من التّطبيع، وبالتالي خذلت القضيّة التي ترسّخت في الوعي العربي الإسلامي كقضية وجدانية ومركزية؛ وهي القضيّة الفلسطينيّة.ظ

الجامعة العربية

لقد بات من الجليّ اليوم أنّ دور الجامعة على الصّعيدين الإقليمي والعالمي يشهد تراجعا ملحوظا في ظلّ تعمّق هوّة الخلافات بين الدّول العربية حول قضايا رئيسيّة أبرزها الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، والأزمة السّورية، وحرب اليمن، وصولا إلى العلاقات مع تركيا وإيران.

مؤسّسة ــ بثِقل مواقفها السابقة ــ جعلت من نفسها أسيرة للمصالح الخاصة للدّول الأعضاء فيها، فتدنّت وتقزّمت وأبت إلّا أن تتهاوى من صرح العزّة والكرامة والوحدة لتغور في جوف أرض الذّل والمهانة والفُرْقة ومنها إلى مستنقعات التّطبيع ووَحْل الخيانة.

السّاكت على الحق شيطان أخرس

عقود من التّعامي والصّمت جعلت من الجامعة موضع اتّهام بالعجز عن اتّخاذ قرارات حاسمة تردع الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق الشّعب الفلسطيني وتحدُّ من تغوّل المشروع الاستيطاني في الضفة الغربيّة والقدس المحتلتيّن، وترفع الحصار القاسي عن قطاع غزّة، ولعلّ إسقاط الجامعة في 9 سبتمبر/ أيلول 2020 مشروع قرار قدّمته فلسطين خلال اجتماع وزراء الخارجية، يدين اتفاق التّطبيع الإماراتي ــ الإسرائيلي، خير دليل على ضعف الإرادة السّياسية للأنظمة العربيّة وتواطؤ الجامعة في “شرعنة الاحتلال”؛ سلوك كان بمثابة طعنة موجعة، وحماقة سياسية كبرى تضرّ بمصالح الأمة وأمنها القومي.

الجامعة العربية والتطبيع

ولم يُدن البيان الختامي للاجتماع الوزاري العربي التطبيع مع الاحتلال، ولم يلفت إلى أنّ هذا التّطبيع سيمهّد لاختراق إسرائيل للدول المطبّعة، واستنزاف خيراتها تحت غطاء التعاون الاقتصادي والتجاري، ولم يحذّر أنّ هذا السلوك يحمل في جعبته تسلّلا إلى عمق المجتمعات العربية والإسلامية، بل اكتفى ــ بكل بساطة ــ  بــ”تجديد التّمسك بمبادرة السلام العربية كحلٍ للقضية الفلسطينية، والالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”.

مؤسّسة بِوَهَنِ بيت العنكبوت

غدت الجامعة العربيّة “خِتْيَارًا مريضا” ينتظر الجميع وفاته وتقاسم تركته، ودخلت في حالة موت سريريّ مطوّل لا أمل في الشّفاء منه بعد إخفاقها السياسيّ والاقتصادي والعسكري في كثير من المناسبات وفشلها في حلّ الخلافات والنّزاعات الداخلية والخارجية للبلدان العربية كما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا وحصار قطر وغيرها، بل وحتّى في التّصدّي لجائحة كوفيدــ19 التي أودت بحياة مئات الآلاف من المواطنين العرب.
هل تلحق الجامعة العربية باللاءات الثلاث؟

ولعلّ هذا الضّعف والوهن وشتات الموقف ما زاد من استهتار رموز الاحتلال وزبانيتهم من المُطبّعين بالمؤسّسة العربية ذات الــ75 سنة، حيث غرّد الباحث والصحفي الإسرائيلي، إيدي كوهين ــ على خلفية اعتذار 6 دول عن رئاسة الدورة الـ 154 لمجلس الجامعة بعد تخلّي فلسطين عن حقها فيه ــ أنّ “إسرائيل هي الرئيس لهذه الجامعة التي أسّسها الإنجليز في خضم الحرب العالمية الثانية عام 1944 لتكون البديل للخلافة الإسلامية وتكون داعمة للحلفاء ضدّ النازية والفاشية”، ليلحقه نائب قائد شرطة دبي الفريق، ضاحي خلفان، بتغريدة أنكى يُنظِّر فيها لدمج “إسرائيل” في الجامعة العربية، حيث قال: “أرى أن تتحول جامعة الدول العربية إلى جامعة الشرق الأوسط.. تكون فيها إيران وإسرائيل إلى جانب العرب”.

تطبيع يحقق دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات

إنّ الجامعة العربية اليوم مطالبة بتوحيد الصّفّ العربي، وتعزيز الموقف العربي، وإحياء الضمير العربي، واتّخاذ إجراءات حاسمة إزاء الانتهاكات الفظيعة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وتحديد موقفها من موجة التّطبيع التي أطلقتها الإمارات فامتدّت وجرفت معها البحرين والسودان والمغرب وليست مملكة بن سلمان ببعيد، في وقت يرى فيه مراقبون ومحلّلون أنّ كلّ ما يحدث في الشّرق الأوسط ليس سوى صراعا يدور حول مشروع “دولة إسرائيل الكبرى”، صراع بدأ بالإعلان عن القدس عاصمة لــ”إسرائيل”، ثمّ تلاه الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتلّ، فقطْعُ الدّعم الأمريكي عن الأونروا، فقطار التّطبيع الخائن، صراع يطمح الاحتلال من خلاله إلى التوسّع من النّيل إلى الفرات.

اقرأ أيضًا: أنظمة الخيانة .. مازالت تخشى الشعوب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى