التطبيع تحت النار.. موجة رفض واسعة في المغرب لزيارات مسؤولين إلى الكيان الصهيوني

يشهد المغرب حراكًا مدنيًا واسعًا ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، حيث تكثفت الفعاليات المناهضة خلال شهر رمضان المبارك، تعبيرًا عن الدعم للأقصى ونصرة للشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق، أدانت الهيئات الحقوقية والجمعيات الوطنية الزيارات التطبيعية التي قام بها وفد مغربي إلى الأراضي المحتلة، معتبرةً إياها “إهانة لتاريخ المغرب المناصر لفلسطين”، و**”محاولة شرعنة الاحتلال الإسرائيلي”**.
إدانات واسعة لزيارة وفد مغربي إلى الكيان الصهيوني
أصدرت الجبهة المغربية لمناهضة التطبيع بيانًا شديد اللهجة، تستنكر فيه زيارة بعض الشخصيات المغربية إلى كيان الاحتلال، واصفةً إياهم بـ**”المتصهينين”**، بعد إشادتهم العلنية بجرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين. وانتقدت الجبهة تصريحات الوفد التي زعمت وجود حق للاحتلال في فلسطين، مؤكدةً أن مثل هذه التحركات تهدف إلى طمس الحقيقة والترويج للدعاية الصهيونية.
وكانت تقارير إعلامية قد كشفت عن زيارة وفد مغربي لموقع “ناحل عوز” العسكري قرب قطاع غزة، حيث أبدى أعضاؤه تضامنهم مع الاحتلال الإسرائيلي، واصفين عملية طوفان الأقصى بأنها “مأساة عالمية”، في خطاب يتماهى مع الرواية الصهيونية. كما حضر الوفد ندوة حول “استدامة الحوار بين الأديان”، والتي نظمتها جامعة بار إيلان بالشراكة مع مؤسسات إسرائيلية.
وضم الوفد شخصيات مغربية من بينها محمد عبيدو، رئيس مركز السلام والتسامح في الرباط، وخالد الفتاوي، رئيس جمعية الصداقة المغربية الإسرائيلية، وفصيل مرجاني، النائب السابق لعمدة مراكش، وزكريا بيلارك، طالب دكتوراه في العلاقات الدولية. وقد كشف التقرير أن أعضاء الوفد قاموا بزيارة عائلة الأسيرة الصهيونية شيري بيباس، التي قُتلت بنيران الاحتلال أثناء احتجازها من قبل حماس، وهو ما أثار استياءً شعبيًا واسعًا في المغرب.
قمع الأصوات المناهضة للتطبيع
في مقابل هذه التحركات، شددت الجبهة المغربية لمناهضة التطبيع على استمرار القمع ضد النشطاء المغاربة المعارضين للتطبيع، حيث تعرض عدد من المتظاهرين للاعتقال والتضييق الأمني، وتمت ملاحقة 13 ناشطًا في قضية مقاطعة سلسلة “كارفور” الفرنسية في سلا.
وأكدت الجبهة أن السلطات المغربية تواصل نهج سياسة القمع ضد الأصوات الحرة، في الوقت الذي تتسع فيه دائرة الغضب الشعبي ضد التطبيع، معتبرةً أن هذه الممارسات تتنافى مع إرادة الشعب المغربي الرافضة لوجود أي علاقة مع الكيان المحتل.
تحوّل المغرب إلى ملاذ للمجرمين الصهاينة؟
من جانب آخر، أثارت هيئة “مغاربة ضدّ التطبيع الصهيوني” قضية لجوء مجرمين صهاينة إلى المغرب، في اتهام مباشر للحكومة بتوفير ملاذ آمن لعناصر متورطة في جرائم ضد الفلسطينيين. وانتقدت الهيئة هذا التحول، مؤكدةً أن المغرب أصبح قاعدة خلفية للصهاينة، وهو ما يتعارض مع القيم الوطنية والتاريخ المغربي المشرف في دعم القضية الفلسطينية.
المعركة مستمرة.. نحو تصعيد النضال ضد التطبيع
من جهته، شدد محمد الغفري، المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، على أن إسقاط التطبيع بات هدفًا استراتيجيًا، وليس مجرد مطلب شعبي، مضيفًا:
“نواجه تحديات كبرى، منها الاعتقالات والقمع الذي يتعرض له النشطاء، لكننا مستمرون في العمل النضالي الميداني، وسنواصل تكثيف جهودنا حتى إسقاط هذا المسار الخياني”.
وأكد الغفري أن الجبهة تخطط لتوسيع انتشارها في مختلف المدن المغربية، بهدف تعزيز ديناميكية النضال الشعبي ضد التطبيع، وفضح المطبعين، وتعزيز ثقافة المقاطعة كسلاح فعّال في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
التحضير ليوم الأرض ويوم القدس العالمي
في ظل هذه التطورات، أعلنت الجبهة المغربية لمناهضة التطبيع عن إطلاق تحضيرات واسعة لإحياء يوم الأرض الفلسطيني (30 مارس)، ويوم القدس العالمي، داعيةً إلى تنظيم مسيرات احتجاجية ووقفات تنديدية تحت شعار “في يوم الأرض، نجدد العهد على التحرير وإسقاط التطبيع”.
يبدو أن التطبيع في المغرب لم يعد مجرد اتفاق رسمي، بل أصبح جزءًا من سياسات حكومية تتجاهل الإرادة الشعبية. في المقابل، يواصل المجتمع المدني تصعيد احتجاجاته وتنظيم أنشطة مناهضة، وسط قمع أمني متزايد. ومع اقتراب يوم الأرض، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الحراك الشعبي المغربي على فرض واقع جديد، يُعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الوطني، ويضع حدًا لمحاولات شرعنة الاحتلال الصهيوني تحت غطاء “التسامح” و”الحوار بين الأديان”.