الإسرائيليون واثقون.. لا يمكن للسيسي التخلي عنّا
الإسرائيليون واثقون.. لا يمكن للسيسي التخلي عنّا
غيّر رحيل الرئيس الأمريكي السابق، اليميني المتطرف، دونالد ترامب، صاحب أكبر خدمات جليلة للاحتلال الإسرائيلي منذ رحيل بلوفر- غير رحيل ترامب، وصعود الخلف الديمقراطي، جو بايدن، الذي لا يقل انتماء بلا شك للاحتلال، لكنه على الأقل يحاول أن يقدم خدماته بغلاف من النظامية والاحترام الصوري للخصوم- غير هذا التحول من شكل تحالفات المنطقة بلا شك.
لكن تحالفا واحدا، يبدو وثيقا للغاية، وغير متأثر بأي معطيات في الساحة، بل ويمكن القول إن أي تحول في المنطقة مهما كانت أطرافه، لا يزيد هذا التحالف إلا قوة متانة.. تحالف السيسي وإسرائيل، واللافت في تلك العلاقة، يكمن في أنها علاقة ذات اتجاه واحد، تبعية غربية للجار الشرقي بدون أي متغيرات في التعاطي، سواء كانت إسرائيل قوية أو ضعيفة، لها حلفاء أو وحيدة، فإن مصر دائما تقف خلفها وقوف التابع لا المفاوض، هذا الوضع الغريب استقر بشكل كامل منذ صعود السيسي إلى سدة الحكم في مصر عبر الانقلاب العسكري 2013.
لم يكن ذلك شكل التحالف المصري الإسرائيلي في عهد مبارك، المخلوع الذي حافظ على الحد الأدنى من إظهار الاستقلالية المصرية، ولو ظاهريا أمام الإعلام، الأمر الذي جعل مهمة المعارضة آنذاك صعبة بعض الشيء في إقناع الجماهير بتبعية قرار مبارك للاحتلال، إذ يحفظ التاريخ بعض الأقوال المأثورة لمبارك أثناء حديثه عن تفاوضات السلام مع إسرائيل، والتي أظهر نفسه فيها وكأنه طرف ذا صفة مستقلة، ولو صوريا.
أما عهد مرسي، الذي اتسم بتوتر لم تشهده العلاقات المصرية الإسرائيلية حتى زمان الحرب، فكان واضحا فيها حالة الغليان المتبادل بين الطرفين. مرسي الذي لم ينطق اسم إسرائيل طول فترة حكمه، أوفد رئيس وزراء مصر هشام قنديل إلى غزة إبان الاعتداء الإسرائيلي عليها مطلع 2013، لتعلن مصر من جانب واحد، ومن أرض القطاع، انتهاء الاعتداء، وتنقل لإسرائيل تحذيرات بهذا الشأن.
ربما تكون زيارة هشام قنديل للقطاع، هي المرة الوحيدة التي يحفظها الفلسطينيون، استخدم فيها النظام المصري معبر رفح كوسيلة ضغط حقيقي على الاحتلال، بدل استخدامها دائما وأبدا في التضييق على الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم بأيدي مصرية، وتمكين الحصار الإسرائيلي عليهم من كل اتجاه، حتى بات لجوء الفلسطيني إلى معابر الاحتلال حيث يتحدثون العبرية، ذا نتائج أكثر رجائية من التوجه إلى معبر رفح المصري ذو اللسان العربي والدم المسلم.
ثقة إسرائيلية
قدّر “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، قبل أيام من حسم الانتخابات الأمريكية، أنه في حال فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية، فإنّ هذا التطور سيؤثر بشكل كبير على مستقبل العلاقة بين إسرائيل والنظام المصري في عهد السيسي. وفي تقرير أعدّه الباحثان عوفر فنتور وتسفي ليف، أوضح المركز أنّ فوز بايدن ينطوي على فرص ومخاطر في كل ما يتعلق بمستقبل العلاقة بين تل أبيب والنظام المصري الحالي.
وفي ما يتعلق بالفرص، أشار التقرير إلى أنّ الموقف المتشدد الذي يُرجح أن يتبناه بايدن تجاه النظام المصري، سيزيد من ارتباط النظام بإسرائيل، وسيدفعه إلى الطلب منها التدخل لدى الإدارة الجديدة لتغيير نهجها، من منطلق الافتراض أنّ الطريق إلى واشنطن “تمر في إسرائيل”.
ولفت المركز إلى أنه سبق للنظام المصري أن توجه إلى حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو بعد تنفيذ انقلابه، والطلب منها التدخل لدى إدارة باراك أوباما لتغيير موقفها من النظام الجديد، حيث عملت إسرائيل ومنظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة بالفعل لصالح النظام.
واستدرك معدا التقرير قائلين إن تحقيق هذا السيناريو يتوقف على مدى وقوة تأثير إسرائيل على الإدارة الأميركية الجديدة، لافتاً الأنظار إلى تعاظم نفوذ التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، وهو التيار الذي يتبنى موقفاً متشدداً من النظام المصري.
تقارير دولية
وفي المقابل، حذر المركز من أنه في حال لم تتمكن إسرائيل من منع إدارة بايدن من الابتعاد عن النظام المصري، وحدث تدهور في العلاقة بين واشنطن والقاهرة، فإنّ هذا التطور قد يمسّ بمصالح إسرائيل الاستراتيجية؛ بسبب تأثير واشنطن الكبير على اتجاهات العلاقة بين القاهرة وتل أبيب.
ودعا التقرير صناع القرار في تل أبيب إلى تحذير إدارة دونالد ترامب من مغبة أن تسهم ضغوطها على النظام المصري، بشأن ملف حقوق الإنسان، إلى تعزيز مكانة جماعة “الإخوان المسلمين”. واستبعد التقرير أن يتجه النظام إلى القطيعة مع الإدارة الأميركية في حال فاز بايدن، بحيث يعتمد كلياً على العلاقة مع روسيا والصين، على اعتبار أن الولايات المتحدة تقدّم مساعدات بقيمة 1.3 مليار دولار لمصر سنوياً.
ومهما اختلف الأمر، فإن التحالف المصري الإسرائيلي قد دخل الحقبة الأخيرة مرحلة اندماج كامل، أذاب فيها السيسي مصر كليا في القرار الإسرائيلي، وأصبحت تبعية مصر للاحتلال أمرا غير مشكوك فيه، وأضحى التخلي عن هذا التحالف يحتاج كلفة وضريبة غالية.. قد لا تقل عن كلفة تحرر مصر من نظام السيسي نفسه.. مصر اليوم، تحتاج حرب أكتوبر جديدة!
اقرأ أيضًا: عندما تصير الخيانة مفخرة .. العُتيبة يشيد بتزايد وفود الإسرائيليين على بلاده